واشنطن _ العرب اليوم
أعلن علماء أمريكيون عن مشروع إنشاء مفاعل تجريبي للاندماج النووي يعتمدون فيه على منهجية جديدة، تمكنهم من الاقتراب من تحقيق الطموح العلمي في استخدام طاقة الاندماج النووي الهائلة كمصدر للطاقة، متوقعين أن ينجحوا في إدخالها إلى شبكات الكهرباء خلال 15 عاما.
ووفقا لما نشرت صحيفة (ذا جارديان) البريطانية على موقعها الإلكتروني الجمعة، فإن الفريق العلمي سيستخدم نوعا جديدا من المواد فائقة التوصيل لدرجات الحرارة المرتفعة لإنتاج أقطاب فائقة القوة، والتي تمثل أحد العناصر الأساسية في تكوين مفاعل الاندماج النووي، وهو ما سيسمح بإنشاء أول مفاعل اندماج ينتج طاقة بمقدار يفوق كم الطاقة التي يستخدمها المفاعل للحفاظ على استمرار عملية تفاعل الاندماج.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشروع يُقام بالتعاون بين علماء من معهد ماسوشستس للتكنولوجيا وشركة "كومنولث فيوجن سيستمز" الخاصة، والتي نجحت في جذب دعم بقيمة 50 مليون دولار أمريكي من شركة الطاقة الإيطالية "إيني"، وسيتخذ منهجا مغايرا تماما لما اتبعته الأبحاث الأخرى سعيا لتحويل عملية الاندماج النووي من تجربة علمية باهظة الثمن إلى مصدر تجاري للطاقة قابل للتطبيق.
ونقلت عن الرئيس التنفيذي لشركة "كومنولث فيوجن سيستمز" بوب مامجارد قوله إن المشروع يطمح إلى الوصول إلى تشغيل محطة طاقة تعتمد على الاندماج النووي في الوقت المناسب لمواجهة التغير المناخي، مضيفا أن لدى الفريق من العلم والسرعة والإمكانيات ما يكفي لإدخال طاقة الاندماج النووي الخالية من انبعاثات الكربون إلى شبكات الطاقة خلال 15 عاما.
ولفتت "ذا جارديان" إلى أن المشكلة التي واجهت جميع التجارب التي أجريت في هذا الصدد حتى الآن كانت تكمن في هدر الطاقة، مما جعل أمر استغلال طاقة الاندماج النووي كشكل من أشكال توليد الكهرباء في المستقبل أمرا عديم النفع، وخيب آمال الباحثين في المجال منذ عقود.
ويرجع ذلك إلى أن الاندماج النووي يقوم على مبدأ دمج عناصر خفيفة لتكوين عناصر أثقل، فعند الضغط الشديد على ذرات الهيدروجين تندمج معا لتكون ذرة الهيليوم محررة كميات هائلة من الطاقة، إلا أن العملية لا تنتج قدرا خالصا من الطاقة سوى تحت درجات حرارة هائلة تبلغ ملايين الدرجات المئوية وهي حرارة أعلى من درجة حرارة مركز الشمس، وأكثر بكثير مما يمكن لأي مادة صلبة أن تتحمله، وللتغلب على ذلك يتم توليد مجالات مغناطيسية تحتجز بلازما الاندماج وتضغطها تحت درجة حرار عالية.
ومن خلال مشروع المفاعل التجريبي الجديد الذي أطلق عليه اسم "سبارك"، سيتم استخدام أقطاب أكثر قوة وأصغر حجما من مواد فائقة التوصيل لإنشاء مجالات مغناطيسية أقوى، مما يقلل من حجم الطاقة اللازمة لبدء تفاعل اندماج، والمفاعل التجريبي مصمم لإنتاج قرابة 100 ميجا واط من الحرارة. وبالرغم من أنها لا تحول الحرارة إلى كهرباء فإنها ستنتج من خلال نبضات مدتها حوالي 10 ثوانٍ قدرا من الطاقة يعادل ما تستخدمه مدينة صغيرة.
ويتوقع العلماء أن يكون الناتج أكثر من ضعف الطاقة المدخلة محققين بذلك الهدف النهائي وهو إنتاج صافي طاقة موجبة من الاندماج.
وعلى عكس الوقود الأحفوري أو الوقود النووي مثل اليورانيوم المستخدم في تفاعلات الانشطار، لا يحدث نقص في الهيدروجين في مفاعل الاندماج، كما أنه لا ينتج عنها غازات الدفيئة أو المخلفات المشعة الخطرة الناتجة عن المفاعلات النووية التقليدية، بحسب "الجارديان".