الرباط ـ وكالات
في بلده صغيره قرب العاصمه المغربيه الرباط، وعلي امتداد اكثر من 4 الاف هيكتار من الاراضي، تتعالي شامخه اشجار استوائية بالقرب من احواض تطفو علي سطحها نباتات مائية، وتمتد علي مساحات شاسعه مشاتل لازهار لا تزهر الا في المناخ الاسيوي، ونباتات نادره جلبت من مناطق بعيده، لتتالف جميعها في "الحديقه العجيبه". "الحديقه العجيبه"، الواقعه ببلده "بو قنادل" (16 كيلومترًا شمال الرباط)، يزيد علي 63 عامًا، وصنّفها المغرب تراثًا طبيعيًا وطنيًا؛ لما تتضمنه من مخزون طبيعي نباتي نادر في العالم، حيث يعود تاريخ انشائها الي عام 1950، بعد ان قرر المهندس الزراعي الفرنسي "مارسيل فرنسوا" الاستقرار في المغرب، بحسب مسؤولين بالحديقه. وبدا "فرانسوا" تجربه علميه علي ارض اقتناها في "بو قنادل"، من خلال محاولته زراعه نباتات مائيه استقدمها خلال جولاته في مناطق طبيعيه مختلف عبر العالم، داخل احواض وصهاريج، ليحاكي بذلك تجارب كان يقوم بها في فرنسا داخل احواض اصطناعيه.\nمناخ المغرب واجواؤه المعتدله ساعدت المهندس الفرنسي في انجاح تجاربه العلميه، ليتمكن بعد سنوات من العمل الدؤوب من انشاء حديقه عجيبه تتساكن فيها اصناف غريبه من النباتات والاشجار النادره؛ ما جعلها اقرب الي محميه للنباتات الغريبه. وقد عمل المهندس الفرنسي علي ان يجعل من المساحات الزراعيه التي اقتناها حدائق ومختبرًا لتجاربه في زراعه انواع نباتيه غريبه، حيث اتي بحوالي الف نوع من النباتات والزواحف النادره من مناطق مختلفه في العالم. وبعد استقلال المغرب عن فرنسا عام 1956 استرجعت الدولة المغربية من كل الفرنسيين الاراضي التي كانوا يملكونها، ومن بينها حديقه "مارسيل فرنسوا"، التي اضحت ملكا عاما للدوله وصنفها المغرب مؤخرا تراثًا طبيعيًا وطنيًا. المتجول بين جنبات الحديقه، يتسلق مغاراتها التي اقامها المهندس الفرنسي بهدف اضفاء طابع شبيه بالطابع الاستوائي عليها، والي جانب المعلومات التي يحصلها عن انواع النباتات وطرق تكاثرها ومواعيد ازهار الاوراق وتشكل البذور، يحصل كذلك علي معلومات حول طرق حماية البيئة والحفاظ عليها، وانواع الاسمده العضويه التي تستعمل في الحديقه، ورسوم تخطيطيه تفصيليه عن النباتات والطيور والزواحف في الحديقه. وفي جو شبيه بالمناخ الاسيوي الشرقي، وفي احواض مائيه اقيمت مشاتل لازهار اللوتس ذات الطبيعه الخاصه، وهي ازهار تكتسي طابعًا خاصًا في الذاكره الثقافيه للحضارات القديمه، والتي تعتبرها بعض الحضارات الزهره المقدسه وتشكل عنصرًا اساسيًا في رسوماتها ومخطوطاتها القديمه. ويبادر زوار الحديقه برشق هذه الازهار بقطرات من الماء، لتتساقط تلك القطرات تباعًا وتعود الي الحوض المائي دون ان تتمكن من ان تبلل اوراق اللوتس. يستغرب احد زوار الحديقه قائلا: "ربما هذا ما جعل هذه الزهره تسكن خيال وبال المصريين القدماء، فهي زهره تنبث في الماء ولكنها تقاومه بعنفوان". غير بعيد عن الحديقه الاسيويه، اقيمت حديقه اندلسيه علي ذات الطراز المعماري السائد في الحدائق الايبيريه الاندلسيه، حيث تقام صحون مائيه وفق نظام خاص للري، وتزرع علي جنباتها انواع من الازهار والورود المختلفه بالوان شتي، لترسم الحديقه التي تزينت ارضيتها بفسيفساء اندلسيه خاصه، واقواس تعلوها نقوش زهريه تحاكي الازهار المتوسطيه النادره التي تتوفر عليها الحديقه الاندلسيه، مشهدًا يعيد الي الاذهان الحدائق التي اشتهرت بها المدن الاندلسيه والمغربيه علي حد سواء. في قسم اخر من الحديقه العجيبه، وعلي شاكله الغابات الافريقيه الاستوائيه، اقيمت اكواخ من القش شبيهه بتلك التي تقيمها القبائل في هذه المناطق، تحيط بها اشجار نادره لا تعيش الا في المناخ الاستوائي، لكنها نجحت في ان تبقي علي قيد الحياه في مناخ المغرب المعتدل بفضل الرعايه. ونجح المهندس الفرنسي في اقامه هذه الحدائق، التي تجسّد مناطق جغرافيه محدده كان قد زارها في السابق وبقيت تفاصيلها الجماليه وخصائصها الطبيعيه عالقه في ذهنه، بحسب مسؤولين بالحديقه. وبجانب الحديقه الاسيويه والاندلسيه والاستوائيه، توجد حدائق اخري شبيهه بنظيراتها في بعض البلدان البعيده جغرافيًّا عن المغرب، كحديقه "الغابون" و"البرازيل"، نظرًا للتنوع الطبيعي والنباتي الذي تتميّز به الطبيعه الجغرافيه لهذه البلاد.