هجرة الطيور هى حدث سنوى عالمى، حيث تعبر ملايين الطيور خطوط الهجرة من الشمال إلى الجنوب فى فصل الخريف ثم تعود إلى الشمال فى فصل الربيع. ويمر بمصر أحد أهم خطوط الهجرة حيث تعبر ملايين الطيور بطول ساحل البحر الأحمر وفوق وادى النيل، وتمثل تلك الطيور أهمية بيئية كبيرة ووقعت مصر عدة اتفاقيات دولية لحماية الطيور المهاجرة وأيضا أعلنت 34 منطقة طيور مهمة منها بحيرة ناصر وأعالى نهر النيل. وتقوم وزارة البيئة متمثلة فى المحميات الطبيعية بمتابعة ودراسة هجرة الطيور على طول مصر وقد أنشأت عدة محطات لدراسة هذه الطيور فى مصر مثل الزرانيق والفيوم وأسوان وتقوم تلك المحطات بتجميع المعلومات عن الطيور وأيضا تركيب حلقات تحمل أرقام واكواد ليسهل دراستها ويتم أيضا تبادل هذه المعلومات حول العالم مع الدول التى تقع على نفس خط هجرة للطيور. ويقول المهندس محمود حسيب مدير الإدارة العامة للمحميات الطبيعية بجنوب مصر أنه قد استحدث استخدام أجهزة التتبع بواسطة الأقمار الصناعية وهى أجهزة صغيرة الحجم تركب على ظهر الطائر وهى ترسل إشارات يتم تحديدها بواسطة الأقمار الصناعية العلمية وبالتالى تحدد أماكن تواجد الجهاز والطائر الذى يحمله. وتقوم تلك الأقمار بوضع النتائج على مواقع خاصة على شبكة الانترنت وهى مواقع متاحة للجميع، وهناك العديد من الأبحاث التى تنشر سنويا عن هجرة الطيور باستخدام تلك التقنية والتى تعبر مصر سنويا، ولا تعتبر هذه الأجهزة مدعاة للخوف من التجسس حيث إن الجهاز لا يلتقط أى معلومات وإنما فقط يحدد مكانه وبالتالى مكان تواجد الطائر. ويروى مدير الإدارة العامة للمحميات الطبيعية بجنوب مصر حكاية طائر اللقلق ورحلته المثيرة بمصر والتى بدأت بقيام بعض الأهالى بقرية تابعة لمركز الوقف فى محافظة قنا باصطياد طائر لقلق أبيض، حيث إنه هبط ليستريح مع مجموعة صغيرة من نفس النوع وكانوا جزءا من مجموعة ضخمة تقدر بالمئات. ولفت نظر الأهالى أن الطائر يحمل جهازا صغيرا على ظهره وحلقة ملونة فى قدمه، فقام الأهالى بتبليغ الشرطة تخوفا من أن يكون متفجرات أو شىء مضر، قامت الشرطة باستدعاء الدفاع المدنى للتأكد من عدم وجود متفجرات وبعد ذلك تم إيداعه الإدارة البيطرية فى مركز الوقف لحين ورود قرار النيابة فى كيفية التعامل معه. ويضيف بأنه ورد لإدارة المحميات الطبيعية اتصال من الجمعية المصرية لحماية الطبيعة يخبر بأن أحد المعاهد البحثية فى المجر يقول إن أحد طيور اللقلق التى تحمل جهاز تتيع موجود فى محيط محافظة قنا وطلبوا مساعدتنا فى الوصول للطائر. تم الربط بين ما ذكره مركز الأبحاث وما نشرته وسائل الإعلام. وتابع "وتم على الفور تكليف فريق رصد الطيور بالمحميات الطبيعية بالمنطقة الجنوبية بالذهاب إلى قنا لمتابعة الأمر، وتم إجراء اتصالات متعددة بمركز الشرطة والطب البيطرى وكذلك النيابة لتوضيح الأمر". وأوضح المهندس محمود حسيب أنه تم إطلاق سراح الطائر بعد تدخل المحميات الطبيعية بأسوان وكتابة تقرير معاينة فنية ووافقت النيابة على تسليمه للفريق، وتمت محاولة لإطلاق سراحه فى المكان الذى تم الإمساك به ولكن الطائر كان ضعيف ولم يتمكن من الطيران وتكاثر الأهالى حوله وجرى اصطحاب الطائر إلى أسوان ليكون تحت الملاحظة. وقال حسيب إنه فى يوم الثانى من سبتمبر الجارى صباحا تم إطلاق سراحه بمحمية سالوجا وكان تحت الملاحظة وتم تغذيته حتى يتمكن من تكملة رحلته، وبعد عصر نفس اليوم غادر الطائر محمية سالوجا واتجه جنوبا. وأضاف "فى الرابع من سبتمبر الجارى ورد إلينا رسالة عبر البريد الالكترونى من المعهد الذى يقوم بالدراسة على الطائر أنه قد تم الإمساك بالطائر وعثرنا على الطائر ولكن كان قد مات". وقال إن رجلا وجده على الجزيرة وكان لا يطير مبتعدا مثل باقى الطيور، موضحا أن سبب الصيد هو الأكل حيث أن صيد الطيور المهاجرة هو نشاط ملحوظ فى أسوان فى تلك الفترة من العام. وأوضح حسيب أنه تم التحفظ على الجهاز وسوف يتم إرساله للمعهد التابع له فى بودابست بالمجر عن طريق الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، مؤكدا على أهمية تلك الأبحاث العلمية حول مسارات هجرة الطيور المختلفة والتى تستخدم نتائجها لتنفيذ إجراءات صون الطيور المهاجرة فى الدول المختلفة ومنها مصر. ونفى المهندس محمود حسيب صحة ما تردد فى بعض الصحف المصرية عن قيام البعض بذبح الطائر وطهيه وتناوله كوجبة طعام، مؤكدا أن المواطن الصعيدى عموماً والأسوانى خصوصا لا يفضل مثل هذه الأنواع للأكل لأن لحمها به رائحة كريهة لأنه يتغذى على السمك. ورجح حسيب أن يكون سبب نفوق الطائر هو اصطدامه بأعمدة كابلات الضغط العالى الكهربية القريبة من السد العالى، مشيرا إلى أن فى تلك المنطقة يوجد أبراج ضغط عالى، وهى من ضمن الأسباب التى تؤدى إلى وفاة الطيور.