بكين - العرب اليوم
وفقا لآخر الانتقادات الموجهة لأسلوب تعاطي الحكومة الصينية مع وباء كورونا، يرى البعض أنه ربما غضت بكين الطرف عندما سمحت بانطلاق رحلات دولية من وإلى مقاطعة هوبي، مركز تفشي وباء فيروس كورونا، مما أدى إلى تحوله لجائحة تنتشر في كافة أرجاء العالم. فيما قامت السلطات ذاتها باتخاذ تدابير أقوى لضمان عدم انتشار الفيروس داخل الصين.بحسب ما جاء في مقال لورين هولتميير ، سبق اتهام الحزب الشيوعي الحاكم في الصين بتعمد عدم الإبلاغ عن حالات الإصابة بعدوى فيروس كورونا وعدم التواصل بسرعة كافية مع المجتمع الدولي من أجل تقديم معلومات حيوية عن الفيروس، والذي ظهر لأول مرة في ووهان في ديسمبر 2019، بما في ذلك
عدم الإفصاح عن معلومات توافرت للحزب الشيوعي الصيني بشأن انتقال العدوى بالفيروس بين البشر ومدى سرعة انتشاره.كما يرجح المنتقدون حالياً أن الصين مسؤولة جزئياً عن انتشار الفيروس عالميًا لأنها استمرت في السماح برحلات إلى مقاطعة هوبي، من أجل تحقيق مصالحها الخاصة وفي الوقت نفسه تم اتخاذ تدابير وإجراءات أكبر لوقف انتشار الوباء داخل الصين.
ومخاطبا الرئيس الصيني شي جين بينغ مباشرة، كتب المؤرخ نيال فيرغسون في مقال رأي: "... بعد أن اتضح أن هناك وباء كاملا ينتشر من ووهان إلى بقية مقاطعة هوبي، لماذا تم منع السفر من هوبي إلى بقية الصين - في 23 يناير - ولكن لم يتم اتخاذ نفس الإجراء بشأن السفر من هوبي إلى بقية العالم؟".تشير اتهامات فيرغسون إلى استمرار الصين في السماح بالرحلات الدولية لفترة طويلة بعد 23 يناير، وهو التاريخ الذي فرضت فيه (الحكومة الصينية) قيودًا شديدة الإحكام على السفر داخل الصين في محاولة لعزل ووهان عن بقية البلاد.
ووفقًا لما أوردته وكالة "رويترز"، فإن إدارة الطيران المدني في الصين طلبت من شركات الطيران المحلية، في 4 فبراير، مواصلة تشغيل الرحلات الدولية إلى البلدان التي لم تفرض قيودًا على السفر إليها، علمًا أن الصين تعد ثاني أكبر وجهة للرحلات الجوية في العالم بعد الولايات المتحدة.وبحلول أوائل فبراير/ شباط، قامت شركات الطيران حول العالم بوقف رحلاتها إلى الصين، مما تسبب في صدمات اقتصادية في الصناعة الصينية وانحسار لحركة المسافرين. عندما ارتفعت أعداد المصابين بعدوى فيروس كورونا إلى ما يزيد عن 17000 شخص في أكثر من 20 دولة بحلول 3 فبراير.وخلال شهري يناير وفبراير، فرضت الصين عمليات حظر على مدنها مع انتشار الفيروس على المستوى المحلي، لكنها استمرت في السماح بالرحلات الجوية إلى الخارج.
وفقط بحلول 27 مارس، عندما تم إعلان منظمة الصحة العالمية عدوى فيروس كورونا جائحة عالمية، أصدرت الصين قراراً بمنع دخول الزوار الأجانب، بعدما بدأت في الإبلاغ عن حالات عدوى بالفيروس من الوافدين من الخارج بما يزيد عن العدوى الناشئة محليا. وبحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، قررت الحكومة الصينية خفض رحلات شركات الطيران الصينية والأجنبية الدولية إلى رحلة واحدة أسبوعيا، وبشرط ألا تمتلئ الرحلات بأكثر من 75% من مقاعد الطائرات.
معدات طبية تالفة ومعلومات منقوصة
كما تم انتقاد الصين لتوزيعها معدات طبية فاسدة على دول أخرى، والقيام بحملات قمع لمنع نقل المعلومات أو توفير معلومات غير كاملة حول فيروس كورونا إلى دول أخرى.خلال مرحلة انتشار العدوى الأولي، واجه الحزب الشيوعي الصيني اتهامات بمحاولة قمع نشر معلومات عن الفيروس. وبحسب المنتقدين للمواقف الصينية، فإنه تم الإعلان عن أعداد أقل من حالات الإصابة الحقيقية، وتم تكميم الأفواه وقمع العلماء الأوائل الذين كشفوا عن وجود الفيروس في مراحل مبكرة.وكان هناك صوت معارض واحد على الأقل، عندما حاول طبيب أن يدق جرس الإنذار، لكن قامت الحكومة بإسكاته وتوفي فيما بعد بأوائل فبراير متأثرا بإصابته بعدوى كورونا.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت بكين في إرسال معدات طبية إلى البلدان التي تضررت بشدة من جائحة كورونا بعدما وصلت الصين نفسها إلى مرحلة التعافي البطيء. ويقول فيرغسون إنه يمكن أن تكون لفتة حُسن النية هي محاولة من الحزب الشيوعي الحاكم لتبديل الأدوار، "فبدلًا من أن تتلقى الصين الاتهامات بالتسبب في هذه الكارثة، يريد الحزب الشيوعي الصيني أن يحول الأمر إلى أنه حاليًا له الفضل في إنقاذ البلدان الأخرى منها".
قامت الصين بتصدير بعض مجموعات اختبار كوفيد-19 (بعضها لا يعمل) وكمامات طبية (ربما يعمل بعض منها). وفيما تسعى الحكومة الصينية بكل العزم على انتزاع النصر من فكي الهزيمة التي تسببت فيها، إلا أن الكثير من المعدات التي قامت بتصديرها للخارج ثبت أنها تالفة، إذ طلبت بريطانيا عدة ملايين من مجموعات اختبار وتحليل الأجسام المضادة من الصين، ولكن تبين عدم دقة نتائجها. واشترت إسبانيا أيضًا مجموعات اختبارات من الصين، ولكن قامت على الفور بسحب 58000 مجموعة اختبار ومنع استخدامها بعد اكتشاف أن معدل دقتها لا يتخطى 30%. وأعلنت وزارة الصحة الإسبانية أنها ستقوم برد المعدات التي تم الحصول عليها من شركة توريد في إسبانيا تولت شراءها من الصين، حيث لم تقم وزارة الصحة الإسبانية بالشراء من الصين مباشرة.