عمار علي حسن
.. وأقول كذلك للشباب الذين أرسلوا لى طالبين النصيحة بغية تعزيز دور فريق شبابى بصعيد مصر يهدف إلى ضمان انتخابات نزيهة، يجب عليكم بعد أن شرحت لكم العيوب التى كانت تصم الانتخابات قبل ثورة يناير حتى لا تسمحوا لأحد بأن يعيدنا إليها، وقلت لكم بعض ما تيسر لى فى شأن عملية الخداع والنصب التى يمارسها كثير من المرشحين، أن تعلموا الناس كيف يقرأون برنامجاً انتخابياً عبر خطوات محددة. ابتداء فإن هذه المسألة غاية فى الأهمية، لأنها تعمل تدريجياً على دفع الناس للتصويت على أساس سياسى، وليس على أسس عشائرية أو مذهبية أو عبر الاستلاب أمام سطوة المال السياسى. كما أن هذه العملية مقدمة لمساعدة الناس على بناء ثقافة سياسية تعزز الخيار الحزبى، لأن تعود الناخب على قراءة البرامج الانتخابية، وامتلاكه مهارة التمييز بين الجيد والردىء منها، يعلمه تباعاً أن الأحزاب السياسية هى المؤسسات الحقيقية والطبيعية لممارسة السياسة. وحتى يمكن قراءة برنامج انتخابى قراءة جيدة وجادة يجب اتباع الخطوات التالية: 1- استهجان البرامج التى تعتمد على الإنشائية، واستعمال البلاغة اللغوية، دون تقديم ما يخاطب العقل، ويحترم ذهن الناخب ويقدر إرادته المنفردة. 2- استهجان البرامج التى تصرخ بوعود مبالغ فيها لا يتمكن المرشح من تحقيقها. 3- إعادة النظر فى البرامج التى تقتصر على تقديم الخدمات، والتى يطرح المرشح من خلالها نفسه على أنه مجرد «موظف تشهيلات». 4- عدم الاستلاب أمام البرامج التى يتاجر صاحبها بالدين، من خلال توظيف آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، وهو أبعد ما يكون فى سلوكه العملى وتصرفاته المعهودة عن هذه الآيات أو تلك الأحاديث. 5- مطابقة ما فى البرامج من وعود بما تحتاجه الدائرة فعلاً من خدمات، وذلك فى حالة ما إذا كان الناخب لا تعنيه القضايا العامة، ويفضل أن يمنح صوته لمن يحقق له مصالحه المباشرة. وهذا التوجه على سلبيته، إلا أنه وللأسف، يحكم انحيازات وتوجهات أغلب الناخبين، ويحتاج إلى وقت حتى يتلاشى تدريجياً، ليصبح معيار الاختيار هو الصالح العام، والذى يتجسد فى حال الانتخابات المحلية والبرلمانية فى اختيار النائب المؤهل للقيام بالدور الطبيعى والحقيقى لهذه المؤسسات وهو الرقابة على أداء الحكومة، وسن التشريعات التى تخدم المجتمع والدولة. 6- محاولة تجنب الاستلاب حيال المسائل الشكلية، كأن يرتاح البعض لبرنامج مطبوع على ورق فاخر أو مكتوب بطريقة منسقة ولافتة، فالأفضل هو التركيز على المضمون، واعتباره هو الفيصل فى الاختيار وليس الشكل أبداً. 7- مطابقة ما يرد فى البرنامج مع تجربة وخبرة المرشح السابقة، للوقوف على مدى اتساق القول بالفعل. وفى حال المرشح للمرة الأولى تكون هذه المطابقة على سمعته وتجربته فى المجال الذى يعمل فيه، سواء كان موظفاً أو رجل أعمال أو فلاحاً أو عاملاً أو غيره. 8- عدم الاقتصار على برنامج واحد من بين المعروض فى السوق السياسية أو الانتخابية، إنما الحرص على جمع كل البرامج أو أغلبها ثم المفاضلة بينها. 9- فى حال ما إذا كان البرنامج المطروح لحزب من الأحزاب يجب الأخذ فى الاعتبار التاريخ السياسى لهذا الحزب وأداء نوابه فى المجالس التشريعية السابقة، وكذلك المواقف التى اتخذها الحزب. 10- من الضرورى أن يحاول الناخب أن يتخلى عن أهوائه الذاتية وهو يفاضل بين البرامج، وأن يكون انحيازه للصالح العام بقدر الإمكان، وأن يتمثل فى هذا الآية الكريمة التى تعبر خير تعبير عن هذا الأمر، والتى يقول فيها الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ». ■ وبعد هذه الأعمدة الأربعة أرجو يا شباب بلدى أن أكون قد أجبت عن تساؤلاتكم، وقدمت لكم نصيحة، وأسهمت فى دفع مجموعتكم الوليدة إلى الأمام، والله الموفق والمستعان.