باريس ـ وكالات
بدأت بورصة باريس تعاملاتها على ارتفاع بنسبة 0.12 في المائة، ولامس مؤشر كاك 40 الـ3680 نقطة، متخطياً أعلى معدل سجلته البورصة الفرنسية منذ 18 شهراً، الذي بلغ في شهر تموز (يوليو) من العام الماضي 3676 نقطة، متجها إلى عتبة الـ 3700 نقطة، ولكن مع اقتراب موعد بدأ التعاملات في وول ستريت، في اليوم الأخير من العام الجاري، بدأ مؤشر البورصة الفرنسية ينحسر تدريجياً، وسرعان ما تحول هذا الانحسار إلى تراجعٍ متأثراً ببورصة نيويورك، التي فتحت تعاملاتها على انخفاض قبيل ساعات من الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي وممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في محاولة التوصل إلى تسوية بشأن موازنة العام المقبل.
وفي سوق ضعيفة للغاية، حيث بلغ حجم التبادلات 730 مليون يورو فقط، بينما تتخطى التعاملات الملياري يورو يومياً في الأوقات العادية، سيطر التشاؤم على المتعاملين النادرين في البورصة الباريسية بسبب الخوف من الهاوية الضريبية الأمريكية أو بسبب عمليات جني أرباح، ومن أصل 40 شركة كبيرة مدرجة في بورصة باريس، سجلت أسهم شركة صفران ارتفاعاً بنسبة 0.08 في المائة وام اس مكرو إلكترونيك 0.43 في المائة، فيما تراجعت أسهم بقية الشركات.
وكانت أسهم المصارف الفرنسية الكبرى الأكثر تراجعاً، فقد انخفض أسهم بي إن بي باريبا بنسبة - 2.53 في المائة وأسهم سسوسيتيه جنرال بنسبة - 2.60 في المائة وأسهم كريدي أجريكول بنسبة - 1.78 في المائة.
فطيلة الجلسة بعد ظهر أمس بقي مؤشر كاك 40 في المنطقة الحمراء متراوحاً بين 1.35 في المائة و0.89 في المائة، لكنه أقفل على تراجع بنسبة - 1.47 في المائة، أي عند 3620.25 نقطة.
وحال هذا التراجع دون مواصلة الاتجاه العام الذي سجلته البورصة الفرنسية خلال الأسابيع الأخيرة، ودون الوصول إلى عتبة الـ3700 نقطة الرمزية.
ولكن هذا الإقفال لم يمنع بورصة باريس من إنهاء العام على ارتفاع زاد على الـ16 في المائة. ليمحي مرارة مذاق نهاية عام 2011، حيث سجل مؤشر كاك 40 تراجعاً بنسبة 17 في المائة.
وتراجع بورصة باريس أمس لا يحد من التفاؤل المتعلق بمواصلة ارتفاعها العام المقبل، فالخبراء الاقتصاديون يشيرون إلى أن نسبة هذا الارتفاع قد تصل إلى 10 في المائة، أي أن مؤشر كاك 40 قد يتخطى عتبة الـ4000 نقطة في نهاية.
ويشير بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أن العام المقبل سيشهدُ انعطافاً استراتيجياً في الاستثمارات في سوقي الذهب وسندات الخزانة باتجاه الاستثمار في سوق الأسهم، مع ما تحمله من مخاطر ولكن من وعودٍ بأرباح أكبر بكثير.
وفي هذا المجال توقع فالونتاين فان نيونهوننزن مدير الاستراتيجيات لدى إي جي إن إنفستمنت مانجمانت، أن يكون مردود الأسهم أكبر بكثير من مردود السندات، نظراً للتوقعات المتعلقة بتحسن الاقتصاد العالمي.
ويؤكد فرانسوا شيفالييه الخبير الاستراتيجي لدى مصرف ليوناردو الشيء ذاته، مشيرا إلى أن قطاع العقارات في الولايات المتحدة بدأ في التحسن، وإلى أن البطالة فيها تواصل تراجعها. فيما يمكن لليابان أن تعرف اندفاعة جديدة مع فوز الحزب الليبرالي الديمقراطي في الانتخابات التشريعية منتصف الشهر الجاري، وما رافق ذلك من وعود باتباع سياسة نقدية تقوم على تخفيض قيمة الين، وبالتالي تشجع على زيادة الصادرات، هذا في الوقت الذي تبتعد فيه المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الصيني.
وفي أوروبا؛ أدى إعلان المصرف المركزي الأوروبي عن خطته لشراء السندات الأوروبية بشكل غير محدود إلى تخفيض الضغوط على السندات الإسبانية والإيطالية.
ويؤكد شيفالييه أن مرحلة جديدة ستبدأ وستكون على غرار السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضي، حيث كان مردود الأسهم أكثر من مردود السندات بـ 12 ضعفا.
وهذا لا يعني أن كل الأسهم ستصعد أو سترتفع ويقول هونج لومير الخبير الاقتصادي ومدير عام مؤسسة ديامونت بلو للاستثمارات، إنه على المستثمرين أن يعرفوا كيفية اختيار الأسهم والتعامل معها بليونة، وهذه المسألة ضرورية لتمييز الأسهم التي يمكن أن ترتفع أكثر من غيرها. ويعرب لومير عن اعتقاده أن أفضل الفرص الاستثمارية ستكون في أوروبا نظرا لانخفاض قيمتها، ويرى بعض الخبراء أن أسهم المصارف قد تكون مهيأة للارتفاع؛ لأنها لا تزال على المستوى الذي وصلت إليه في عام 2007 وفقا لما يقوله برتران لامييل مدير المحافظ لدى بي كابيتال، ويضيف لاميل أن ارتفاع البورصات الأوروبية لم يكن كافيا هذا العام، وبالتالي فهناك هامش كبير جدا أمامها لتحسين أسعار أسهمها.
من جانبها؛ نصحت كيرا تيلكين الخبيرة لدى شركة إكسا للتأمين والاستثمار، بشراء الأسهم الإسبانية والإيطالية، وتستند في ذلك إلى أن التأمين على المخاطر المتعلقة بالنظام المصرفي في البلدين قد انخفض، وهذه المسألة تصب في مصلحة الأسهم الإيطالية والإسبانية.
وأشارت إلى أن الأسهم الأمريكية قد سجلت ارتفاعا هذا العام، مما يحد من هامش تحقيق الأرباح العام المقبل خاصة أن التوقعات المتعلقة بالنمو الاقتصادي العام المقبل تبقى ضعيفة. كما أن عددا من مديري المحافظ المالية يراهنون على نهاية تردي الأوضاع الاقتصادية في دول الأطراف في منطقة اليورو: البرتغال، اليونان، إسبانيا، وإيرلندا، علما بأن طلب إسبانيا المساعدة الرسمية من الاتحاد الأوروبي يطمئن المستثمرين، كما أن أسعار الأسهم المنخفضة في دول اليورو مع الفوائد المنخفضة إن على المستوى الوطني أو على مستوى المصرف المركزي الأوروبي تجذب المستثمرين.
أرسل تعليقك