ذاكرة شرير رواية تحفل بواقع شديد المأساوية والبؤس
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

"ذاكرة شرير" رواية تحفل بواقع شديد المأساوية والبؤس

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - "ذاكرة شرير" رواية تحفل بواقع شديد المأساوية والبؤس

القاهرة ـ وكالات

فتيات متسولات، شحاذون، أولاد سوق، وأطفال صغار عيونهم جاحظة. عذاب، انسحاق، كوابيس مرعبة، وبطل الرواية الكسيح (آدم) الملقب بكسحي الملك، يمارس مهامه بفعالية في الشوارع والأزقة، في الأسواق وبين المتاجر والمقاهي. هذا هو العالم الذي ينسجه الكاتب السوداني منصور الصويم في روايته "ذاكرة شرير" الصادرة حديثا عن الدار العربية للعلوم ببيروت يحكي "الصويم" عن جماعة من البشر دفعتهم الحياة إلى مستنقع المدينة الآسن، يعيشون على الحافة، ويغامرون بحياتهم ألف مرة من أجل لقمة العيش، ينامون على الأسفلت ويمزقهم جوع كافر، ثم يأكلون بقايا البقايا، يتعاطون مخدرًا رخيصًا إلى أن تمضي بهم الحياة نحو حتفهم. إنه واقع شديد المأساوية والبؤس، لكن ليس هذا ما يميز رواية "ذاكرة شرير" وسط العديد من الأعمال الروائية، بل هناك أمران أساسان سيطرا على هذا العمل الروائي؛ أولهما: يكمن في البناء السردي المتماسك الذي يبني معماره بشكل عامودي يتصاعد مع الحدث ولا يخرج عن إطاره. والأمر الثاني: هو السرد من الداخل؛ أي أن الصويم منح بطله – عبر استخدام ضمير الأنا في مجمل الرواية، وفي مقاطع قصيرة ضمير المخاطب - القدرة على سرد الحكاية من بؤرتها الأساسية؛ من الشارع الذي تربى فيه بطله، والقص من العالم السفلي لأطفال الشوارع وليس كمراقب لهم؛ للحكم عليهم سواء بالإدانة أو التعاطف. ثمة أمر آخر يسيطر على النص هو القدرة على الإمساك بالقارئ من دون أن يفقد حس التعاطف؛ سواء مع بطل الرواية الرئيسي آدم، أو مع الأبطال الجانبين: مرتوق، أم سلمة، الحجة عشة، وهيبة، رحمة، جاك تويلا، وغيرهم. يُقسم الكاتب روايته إلى ثمانية فصول؛ تبدأ مع فصل "مثلث الأسمنت" وتنتهي مع فصل "وسوسة إبليس". ينفتح المشهد الأول في النص مع البطل آدم الكسيح وعودته إلى السجن، وإن كان لا يتضح من الصفحات الأولى أن المكان الموصوف هو أحد عنابر السجن، إلا أن هذا ما سينكشف فيما بعد. يصف الكاتب المكان بدقة متناهية تتيح للقارئ تخيله بسهولة، ثم يدلف إلى ذاكرة بطله، منذ طفولته الأولى مع أمه الشريدة "مريم كراتيه" التي يصفها بالأم العظيمة، يحكي عن أيامه القليلة معها بمحبة بالغة تضفي على الوصف نوعًا من الحنين الغائر، وكما لو أن تلك الأيام كانت أيامًا سعيدة لم تعد في متناول يده الآن. يقول: "الهدهدة، ما كنت أحسه وأمي العظيمة (مريم كراتيه) تضعني على حجرها.. تضمني وتقبلني لاكتشف طعم (السلسيون الفائح) من شفتيها.. لا بد أنني كنت أحب أمي، ولا بد أنني أحس الآن بطعم الخسارة المر بفقدها الأبدي.. تركتني للشحاذات الصغيرات، وتمضي كي تموت في مبارزة مجنونة، ضد أولاد السوق، الشماسة المتسلحين بخيال مسطول وقوة مخدرة". يختصر هذا المقطع طفولة البطل آدم، الطفل الكسيح الذي رعته متسولات صغيرات، استخدمنه كأداة استجداء أكثر فعالية في التسول. تمضي الحياة به لا بيت له إلا الشارع الكبير، يتحايل على الواقع المر كي يعيش متنقلا من يد إلى يد؛ ومع الأيام تزوي ذاكرة طفولته ومعها ذكرى الأم العظيمة، ولا يظل قابعا في ذاته إلا حاضر صلب، شديد القسوة، من دون أن تعوقه قدماه العاجزتان عن الحركة؛ لأن أمه عودته على الالتصاق بالأرض حين كانت تتركه وحده لساعات طويلة، بل إن هذه العاهة التي ميزته عن غيره من أطفال الشارع ستجعله فيما بعد أكثر مهابة وهو يجر ساقيه وراءه، ويجعل قدميه تتعارضان وتلوحان وهو يزحف على الأرض، مستندا إلى يديه الصغيرتين، يستجدي المارة والعابرين بكل أساليب التسول التي مرنته عليها "وهيبة"، و"أم سلمة"، اللتان تكفلتا بتربيته. 

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذاكرة شرير رواية تحفل بواقع شديد المأساوية والبؤس ذاكرة شرير رواية تحفل بواقع شديد المأساوية والبؤس



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab