الرياض ـ محمد الدوسري
صدر عن مركز "دراسات الوحدة العربية" كتاب "المدينة في العالم الإسلامي" المكون من مجلدان.
ويقدم هذا العمل الموسوعي عرضًا مشهديًا للمدن الإسلامية، مبنيًّا على قاعدة متنوعة من الحقول المعرفية، في الهندسة وفن العمارة والآثار والتنظيم المدني والتاريخ والاجتماع والأنثروبولوجيا؛ مما يحفِّز مخيلة القارئ العربي ووعيه على تصور ومحاكاة العيش في مدنٍ نشأت ونهضت منذ قرون على امتداد العالم الإسلامي، وعرفت كل منها تجربة حضارية وعمرانية لا تزال بصماتها محفورة حتى اليوم على وجه الحضارة الإنسانية.
يُقدِّم الكتاب نظرة متكاملة للمدينة الإسلامية بوصفها كائنًا عضويًا مكونًا من أجزاء شديدة الترابط، من هندسة معمارية، شملت المساجد والقصور والحمامات والأسواق والأبنية السكنية والأضرحة، إلى تنظيمٍ مدني غطّى الطرق والحدائق المدينية وأنظمة المياه وتقسيم الأحياء والتوزيع المهني للأسواق، بالإضافة إلى تنظيم إداري شمل أمور الإدارة والتعليم والوقف والبيئة والنظام العام.
ويغطي فصول هذا الكتاب بمجلّديْةِ الاثنين، نحو خمسين مدينة، تمتد من وسط آسيا حيث بخارى وسمرقند نزولًا إلى حيدر أباد الهندية، مرورًا بفيروز أباد وشيراز وأصفهان الإيرانية، ومن إسطنبول وبورصة العثمانية، وصولًا إلى بغداد والقاهرة ودمشق وحلب وبيروت والقدس وطرابلس وتونس والجزائر والرباط العربية، وانتهاءًا بالأندلس الأسبانية وهرر الأفريقية.
وتستند دراسات هذا الكتاب، التي ساهم فيها نخبة من الباحثين العالميين المتخصصين، إلى آخر ما توصلت إليه الحفريات والكشوف الأثرية، وما كشفته الوثائق العائدة إلى مؤسسات الوقف وسجلات المساحة وأعمال مسح الأراضي والخرائط والنصوص وأرشيفات الأسر في العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة، إلى جانب الدراسات الميدانية السوسيولوجية والمورفولوجية، فضلًا عن الدراسات المتخصصة التي ركزت على الجوانب التاريخية والمكانية والعضوية، بهدف بلورة رؤية أكثر حيوية لكيفية عمل هذه المدن واستمرارها في العمل كمواقع للهوية والثقافة، وقد تخطَّتْ هذه الدراسات النظرة الاستشراقية النمطية التي سادت على مدى عقود والتي ترى في المدينة الإسلامية مجرد تطور عشوائي للعمران.
أرسل تعليقك