عمان ـ بترا
يتضمن كتاب (اسئلة الاعلام والديمقراطية في زمن الربيع العربي) الصادر حديثا عن مؤسسة عبد الحميد شومان، اسهامات فكرية لعدد من الكتاب والاعلاميين والباحثين الاردنيين والعرب حول قضايا الاعلام والديمقراطية في الفترة التي اصطلح على تسميتها بالربيع العربي والتي ما زالت المنطقة تشهد المزيد من فصول تطوراته وتداعياته وتحولاته .استهل وزير الاعلام الاسبق الدكتور نبيل الشريف الكتاب بالتأكيد على ان وسائل الاعلام ساهمت في نقل رغبة الناس بالحرية والتغيير والانعتاق من الظلم والاضطهاد الا انها وقعت وهي تضطلع بهذا الدور في العديد من الاخطاء لافتا الى ان الاعلام الجديد كان بمثابة الفضاء الرحب الذي عبر من خلاله الشباب عن توقهم للحرية والكرامة وكان الوسيلة الانجح في التشبيك بين الاجيال الجديدة في البلدان العربية .وقال الشريف انه لدى محاولة تقييم دور وسائل الاعلام في الزمن الراهن تبين "ان الربيع العربي كشف الوجه الحسن والجانب الاخر للواقع الاعلامي على حد سواء حين تخلت وسائل اعلامية مرموقة عن مهنيتها وحيادها وتحولت الى ابواق تحريضية للدول التي تمولها ما شكل صدمة كبيرة للجمهور العربي , ولفت الى ان هذه الوسائل الاعلامية تجاهلت ابسط قواعد المهنية الصحفية حين غدت نشرات اخبارها الرئيسة مثلا منابر لعرض افلام التقطها هواة بآلات تصوير بسيطة دون ادنى محاولة لتأكيد صدقية هذه الصور والأشرطة كما تقتضي ذلك معايير المهنية الصحفية التي طالما تغنت بها هذه المنابر الاعلامية نفسها قبل ان يسقط الربيع العربي عنها ورقة التين ".وتطرقت استاذة الاعلام والاتصال في الجامعة اللبنانية الدكتورة مي العبدالله الى دور الاعلام العربي في عملية الاصلاح السياسي مبينة ان البعد الاعلامي والاتصالي يشكل اهم ركائز التغيير والتطوير بشرط ان يكون دوره مرتبطا بالتكوين المهني النوعي للقائمين على الاتصال عبر التدريب والتأهيل الاعلامي المتواصل في اطار المشاركة الواسعة والفاعلة والمواكبة لعمليات التقويم والاصلاح والتطوير وذلك لمواجهة قضايا واشكاليات الحاضر وتحديات المستقبل .وعاين استاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور وليد عبد الحي انعكاسات العولمة على الوطن العربي مؤكدا على تمكين المرأة من الاضطلاع بدور اساسي في عملية الاصلاح السياسي والاجتماعي والتنموي، وبين ان العولمة قد تفضي الى نتائج معاكسة حيث تغلب نخب السوق على نخب الديمقراطية وتزيد من الفجوة بين القطاعات الاجتماعية وتعمل على تهميش فئات منها حين يجري نقل قرارات من الاغلبية الى نخب من اصحاب المال وشركات الاستثمار الاجنبية الامر الذي ينتج عنه تنامي ظاهرة اللامبالاة والعزوف عن المشاركة السياسية لدى قطاعات واسعة من افراد المجتمع.وأشار الدكتور عصام سليمان الموسى في الكتاب الى ان استجابة الاردن في وقت مبكر لتداعيات الثورة الرقمية العام 1989 اثر احداث الجنوب وما اعقبها من انتخابات نيابية بمشاركة حزبية وعصف فكري من الحوارات والنقاشات التي ادت الى وضع ميثاق وطني العام 1991 ثم قانون مطبوعات ليبرالي العام 1993 شكل بداية جديدة في الحياة السياسية الاردنية تحققت بالعودة الى النهج النيابي في الحكم بعد توقف زاد عن عقدين من الزمان .ورأى الزميل الاعلامي رمضان الرواشدة في مساهمته المعنونة في الكتاب (الاعلام الاردني وتحديات ) ان الاعلام الاردني لعب ادوارا كبيرة في تعرية مواطن الخلل ونشر تحقيقات وتقارير عن قضايا شكلت تحولا في الرأي العام كما ان الاعلام الوطني الاردني ليس بعيدا عما يجري في العالم .واشار الرواشدة في مساهمته " الى ان الاردن تنبه مبكرا لاهمية الانفتاح الاعلامي وسارع الى انفتاح معقول لوسائل الاعلام رغم عدم قناعة بعض المسؤولين عن السياسات الحكومية بمثل هذا الانفتاح ، وهو امر مرده الخوف من الاصلاح والتغيير حماية لمصالحهم وعدم القدرة على محاورة وسائل الاعلام او التواصل معها والانفتاح عليها ، بل ان ثمة من كان يعتقد ان هناك مؤامرة عليهم من الاعلام , وظهر بعض المسؤولين في اكثر من مناسبة وهم يلقون باللائمة على وسائل الاعلام مع ان الخلل فيهم والتقصير منهم خاصة في مصارحة الاعلام والشفافية والسماح بحق الحصول على المعلومة" .وعرض وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاسبق مروان جمعة في الاصدار لواقع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الاردن مبينا اهمية ورسوخ البنية التحتية في صناعة تكنولوجيا الاتصال التي قوامها العنصر البشري الذي استطاع تسويق الاردن في هذا المجال الحيوي الذي اخذت فيه الطاقات والخبرات الاردنية المتخصصة تتعدى الحدود الاقليمية وتدل على ذلك قصص نجاحهم المتواصلة في الاردن وارجاء العالم .وطرح الباحث الدكتور حسين محادين في سؤال التكنولوجيا في المجتمع الاردني : الهاتف الخلوي انموذجا، جوانب من الممارسات والسلوكيات الناتجة عن استخدام الهاتف الخلوي في المجتمع المحلي وما ادت اليه من تحولات وتغيرات في الذائقة وثقافة التعابير والقيم السائدة لدى الافراد والجماعات .ويختتم الكتاب فصوله بنص في ازمة الشرعية الديمقراطية للدكتور المغربي عبدالاله بلقزيز حول التمكين الديمقراطي وما يواجهه من عوائق تتعلق بابعاد ثقافية واجتماعية ودينية مشيرا الى ان هناك خلطا فادحا بين الديمقراطية والاليات السياسية .
أرسل تعليقك