رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

رواية "كرافت" ليس كل شيء على ما يرام

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - رواية "كرافت" ليس كل شيء على ما يرام

رواية "كرافت"
القاهرة - العرب اليوم

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة" التي تقود العالم اليوم.

في اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة رواية "كرافت" للكاتب السويسري "يوناس لوشر"، الصادرة هذا العام عن دار العربي للنشر والتوزيع في القاهرة، وبترجمة د. معتز المغاوري - تخيلت بيني وبين نفسي -ضاحكاً-  أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبمعجزة ليس لها مثيل، تفرغ أياماً لقراءتها ثم كيف يكون رد فعله على انتحار بطل الرواية، "ريتشارد كرافت"، في نهايتها. ولا يساورني شك أن رد فعله، إن حدث أو كما أتخيله، لن يكون إلا سخرية شديدة تصل لدرجة الوقاحة (التي اعتدناها منه).

في الواقع - وبعيداً عن ترامب وسخريته ووقاحته المتوقعَة- فإن تلك الرواية استغرقت مني وقتًا طويلًا في قراءتها، وليس سبب ذلك حجمها أو عدد صفحاتها (الرواية كلها 265 صفحة) وإنما لأنني كنت أتوقف كثيراً عند نهاية كل فصل من فصولها، محاولاً استيعاب الأفكار التي تطرحها على لسان بطلها، وهو يحاول الإجابة على سؤال واحد: هل كل شيء على ما يرام؟ وهو سؤال - وإن بدا ظاهرياً- سهلاً وبسيطاً إلا أنه ليس كذلك على الإطلاق.

البداية عندما يتلقى البروفيسور الألماني، ريتشارد كرافت، دعوة للمشاركة في مسابقة يقيمها أحد أساطين وادي السليكون الشهير. للإجابة على ذلك السؤال في ظل كل التطورات الكبيرة والخطيرة والهائلة التي يعيشها العالم، منذ انتصار الرأسمالية وقيمها وتفردها بقيادة الكرة الأرضية، بعد انهيار عدوها -أو أعدائها- في بداية التسعينيات من القرن العشرين، على أن يفوز صاحب الإجابة الصحيحة بجائزة مالية قدرها مليون دولار، مع أننا لا نعرف أبداً كيف يُمكن تقدير تلك الإجابة الصحيحة، وتحت أية معايير أو مقاييس محددة سلفاً أو معروفة.

وبالفعل يذهب "كرافت" إلى المسابقة، خصوصاً أن الدعوة جاءته من صديق قديم وحميم كان -في سن الشباب- يشاركه أفكاره وأحلامه، وهذا الصديق -رغم أنه مجري الأصل- فإنه أصبح واحداً من أولئك المفكرين "الاستراتيجيين" الذين أصبحت لهم الكلمة العليا في تحديد أهداف وخطط واستراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية.

وفي جانب آخر مهم فإن كرافت يذهب إلى المسابقة من أجل الفوز بالجائزة كي يستطيع -بالمليون دولار الموعودة- ترتيب أمر انفصاله عن زوجته وضمان مستقبل أولاده، وهو في ذلك يتصور أنه يحصل على "حريته" من كل الارتباطات والقيود العائلية، وهذا في حد ذاته تناقض صارخ -لا يلحظه البروفيسور العبقري!- منذ البداية.

في الأيام التي قضاها "كرافت" في حرم جامعة "ستانفورد" وفي قلب وادي السيليكون، مقر كل الشركات العالمية التي تتحكم في حياة البشر، تسنح له الفرصة، وفي سبيل العثور على الإجابة النموذجية للسؤال، أن يستعيد تفاصيل حياته كلها، ومراجعة كل أفكاره التي تحمس لها منذ شبابه الباكر، حتى أوصلته لما عليه من مكانة علمية وأدبية مرموقة في مجال تخصصه. لكنه وبطريقة لم يخطط لها، يستطيع أن يصل إلى نتائج لم يتصورها أو يتخيلها عن نفسه وعن حياته العملية والشخصية، وهي النتائج التي تقوده في النهاية إلى الانتحار، لأنه -ببساطة شديدة- لم يكن كل شيء على ما يرام.

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة" التي تقود العالم اليوم، فكل منتجاتها -وإن كانت ظاهرياً- تُسهّل على البشر حياتهم اليومية، وتوعدهم بمستقبل لا بد وأن يكون أفضل دائماً، إلا أنها في حقيقتها لا تعدو سوى أنها مجرد طريقة ضمن طرق أخرى، فيها الجيد والسيء، الإيجابيات والسلبيات، فلا شيء مُطلق أو ناجح مائة في المائة، وربما من هذه النقطة تحديداً تخيلت رد فعل شخص مثل "دونالد ترامب" لو حدثت المعجزة وقرأ تلك الرواية، فهو -بشكل من الأشكال- يعتبر النموذج الأكثر تعبيراً لجواب سؤالها بأنه ليس كل شيء على ما يرام!

قد يهمك أيضا:

عشاق الرواية التاريخية العالمية ينتظرون إعلان الفائز بجائزة والتر سكوت

مراد القادري يؤكد أنّ تحوّل شعراء إلى الرواية يُسهم في "شعْرنة النثر"

 

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 09:30 2016 الأربعاء ,11 أيار / مايو

لازم يكون عندنا أمل

GMT 05:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

"قبعات التباعد" سمحت بعودة الدراسة في الصين

GMT 11:29 2020 الخميس ,05 آذار/ مارس

أعمال من مجموعة «نجد» تعرض في دبي 9 الجاري

GMT 14:43 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح من أجل محاربة الأرق عن طريق الوجبات الخفيفة

GMT 18:25 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

معين شريف يهاجم راغب علامة عبر قناة "الجديد"

GMT 04:58 2012 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

سلوى خطاب بائعة شاي في"إكرام ميت"

GMT 03:32 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

جيسيكا هيلز ستعتزل في 2017 لتتفرَّغ لإنجاب طفل آخر

GMT 11:22 2012 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل سرية تنشر للمرة الأولى بشأن اغتيال الشيخ أحمد ياسين

GMT 15:55 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي علی غزة إلى 24448 شهيدًا

GMT 17:10 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مواطنة من فئة الصم تحصل على درجة الماجستير من أمريكا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab