للمرة الأولى منذ حرب فوكلاند في 1982، يعقد مجلس العموم البريطاني السبت جلسة استثنائية، لمناقشة والتصويت على اتفاق خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي (بريكست) في نهاية الشهر الحالي، الذي توصل إليه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مع الاتحاد الخميس.
وبدأ جونسون الجمعة بعد عودته إلى لندن المهمة الصعبة المتمثلة بإقناع البرلمان البريطاني بإقرار الاتفاق، لكن جونسون الذي وصل إلى السلطة في نهاية يوليو (تموز) فقد غالبيته في مجلس العموم ولم يعد لديه سوى 288 نائبًا، لكنه يحتاج إلى 320 صوتا لتمرير الاتفاق.
وحذّر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة من «وضع معقّد للغاية» في حال رفض مجلس العموم المصادقة على الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه بعد جهد شاق جدا. وقال يونكر بعد مغادرته قمة أوروبية أيّدت الاتفاق «إذا لم يحصل هذا عندها نكون أمام وضع معقّد للغاية».
وقالت المعارضة العمالية إن تصويت البرلمان اليوم السبت على اتفاق خروج البلاد من الاتحاد سيكون «متقاربا جدا» لكن من المحتمل ألا يكلل بالنجاح. ودعا زعيم حزب العمال، أبرز تنظيم للمعارضة في بريطانيا والذي يشغل 244 نائبا، النواب إلى «رفض» الاتفاق بين لندن والاتحاد الأوروبي. وبحسب جيريمي كوربن رئيس الحزب فإن «أفضل طريقة لحل بريكست هو إعطاء الشعب الكلمة الفصل» في استفتاء ثان، بينما صوت 52 في المائة من الناخبين لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات.
وقال جون ماكدونيل المتحدث باسم حزب العمال المعارض للشؤون الخزانة الجمعة بأن الاتفاق سيلاقي معارضة حلفاء جونسون أيضا خصوصا النواب العشرة من الحزب الوحدوي الديمقراطي في آيرلندا الشمالية وكذلك أحزاب المعارضة الأخرى.
وقال ماكدونيل لقناة سكاي نيوز «لا أظن أنه سيحصل على الموافقة وأعتقد أنه سيُرفض لكن... الأرقام ستكون متقاربة جدا». كما عارض الاتفاق الاستقلاليون الأسكوتلنديون (35 نائبا) والليبراليون الديمقراطيون (19 نائبا) وهم يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي.
هذه المواقف تنذر بمعركة صعبة لجونسون في البرلمان حيث سبق أن فشلت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي ثلاث مرات في تمرير الاتفاق الذي تفاوضت عليه مع بروكسل. والخميس كثف جونسون الاتصالات مع النواب بحسب رئاسة الحكومة البريطانية وسيواصل عملية إقناعهم الجمعة.
وفي حال فشل في الحصول على تصويت إيجابي في البرلمان، سيضطر جونسون لمطالبة بروكسل بإرجاء جديد لبريكست لمدة ثلاثة أشهر بموجب قانون صوت عليه النواب في مطلع سبتمبر (أيلول) في مجلس العموم وبينهم 21 منشقا من حزبه المحافظين. وكان جونسون عبر في بروكسل الخميس إلى جانب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، عن «ثقته التامة» باعتماد الاتفاق.
وقال رئيس الوزراء البريطاني «لدي أمل بأنه حين يدرس النواب من كل الأحزاب الاتفاق فسيرون فوائد دعمه». وكان جونسون يؤكد على الدوام أنه سيطبق بريكست الذي أرجئ مرتين، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) مهما حصل.
وفور نشر الاتفاق رفضه الحزب الوحدوي الديمقراطي الآيرلندي الشمالي، الذي يؤمن الأكثرية للمحافظين بزعامة جونسون. وقال الحزب الذي يشغل عشرة مقاعد في البرلمان، إنه «غير قادر على دعم هذه المقترحات» بخصوص مسائل التسوية الجمركية وموافقة حكومة آيرلندا الشمالية على مسودة بريكست.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه «يجب أن يتم تحمل مسؤوليات في هذا المجلس وتطبيق ما تقرر في استفتاء وما دعمته مختلف الحكومات التي تفاوضنا معها». وتم التوصل للاتفاق بعد أسابيع من مفاوضات مكثفة تركزت على تعديل ترتيبات لإبقاء الحدود مفتوحة بين مقاطعة آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
واتفقت جميع الأطراف على أنها لا تريد بنية تحتية على الحدود، لتجنب تفاقم التوترات بشأن سيطرة بريطانيا على آيرلندا الشمالية، وهو ما تسبب بعقود من أعمال العنف الدامية حتى تسعينات القرن الماضي. والاتفاق الجديد يبقي المملكة المتحدة في منطقة جمركية واحدة ويسمح لها بإبرام صفقات تجارة دولية، لكن يتطلب من لندن فرض رسوم أوروبية على بعض السلع التي تعبر آيرلندا الشمالية. وستطبق آيرلندا الشمالية قواعد الاتحاد الأوروبي حول الزراعة والمواد الغذائية والسلع الصناعية. وقال يونكر «لن تكون هناك حدود على جزيرة آيرلندا وستحظى السوق الموحدة (للاتحاد الأوروبي) بالحماية».
لكن ذلك سينطوي على بعض عمليات التدقيق الجمركي والضريبي بين آيرلندا الشمالية والبر الرئيسي البريطاني. وقد حذر الحزب الوحدوي الديمقراطي من أن الخطط «تقوض وحدة الاتحاد». وسيتاح أمام البرلمان المحلي لآيرلندا الشمالية التصويت مرة كل أربع سنوات حول إبقاء الترتيبات، لكن الحزب الوحدوي الديمقراطي حذر من أن الترتيبات غير كافية.
وقالت رئيس المفوضية الأوروبية المنتخبة، أورزولا فون دير لاين على هامش قمة الاتحاد الأوروبي التي انتهت أمس «من المهم بالنسبة لنا أننا لدينا الآن اتفاق... القرار في يد البرلمان البريطاني حاليا».
وقالت فون دير لاين: «أعتقد أنه يتعين علينا أن نأخذ الوقت اللازم للإنصات إلى البرلمان البريطاني».
ولم تعلق فون دير لاين على ما إذا كان من الممكن إرجاء البريكست حال رفض البرلمان البريطاني الاتفاق، موضحة أنها تمتنع عن التعليق على ذلك الآن احتراما لنواب البرلمان البريطاني الذين بصدد اتخاذ القرار.
أعرب وزير خارجية لوكسمبورج، جان أسلبورن، عن أمله في أن يوافق البرلمان البريطاني على الاتفاقية. وقال أسلبورن صباح أمس الجمعة في تصريحات لإذاعة ألمانيا: «البريكست نوع من الحمق السياسي»، مضيفا في المقابل أن مهمة الاتحاد الأوروبي أيضا هي حماية مصالح الدول الأعضاء الصغيرة، مثل الحفاظ على السلام في آيرلندا، وقال: «الاتفاق الجديد للبريكست يمكنه تحقيق ذلك».
قد يهمك أيضا:
يونكر يهبط بالذهب للأسبوع الثالث على التوالي
رئيس المفوضية الأوروبية يلتقى ترامب في واشنطن
أرسل تعليقك