دمشق - ميس خليل
اعتبر الصحافي السوري حسان هاشم، أن العمل كمراسل صحافي ومحرر في صحيفة سورية خلال فترة الحرب التي تعيشها سورية منذ سنوات، له خصوصية معينة تختلف في جوانبها عن طبيعة العمل الصحافي في الظروف الطبيعية التي لمسها منذ بدء عمله في صحيفة الوطن عام 2006.
وبين في حديث خاص مع "العرب اليوم" أنّ أولى جوانب هذه الخصوصية برزت في اختلاف طريقة مقاربته كصحافي، لمختلف المواضيع والقضايا والمسائل المطروحة في الشارع وبين الناس والمندرجة في إطار اختصاصه المهني في العمل، فبينما كانت المقاربة الكلاسيكية لهذه المسائل هي السائدة في العمل في ظل الظروف الطبيعية أصبحت مناقشة مسألة كانت تعتبر روتينية وعادية قبل الأحداث الحالية من أهم المسائل التي لا بد من متابعتها والكتابة عنها بشكل يومي في صفحات الجريدة المتخصصة بهذه القضايا.
ولم يقف الأمرعند هذا الحد حسب هاشم بل تعداها إلى تخصيص مساحة لهذا النوع من الأخبار التي كانت عادية وأصبحت حديث الشارع والمسؤولين وفي صلب اهتمام الحكومة في الصفحة الأولى الرئيسية للجريدة، مشيرًا إلى أنّ السبب في ذلك يتمثل بأن العمل في قسم الشؤون المحلية والاقتصادية في صحيفة يومية أصبح جزءًا لا يتجزأ من الأحداث الميدانية الجارية هنا وارتباط كل شيء بهذه الأحداث ارتباطًا وثيقًا.
وأورد مثاﻻً على ذلك انّ أسلوب الحديث عن تأمين مختلف المواد المعيشية الضرورية للمواطنين قبل الحرب فهو ليس ذات الأسلوب الذي نتحدث به خلال الحرب والسبب هو اختلاف الظروف الأمنية والمخاطر الكبيرة التي شهدتها طرقات النقل في مختلف أنواعها إضافة لقدوم العقوبات الاقتصادية التي قلبت الكثير من الأمور رأسًا على عقب بعد أن كانت مستقرة لأعوام طويلة قبل الحرب.
وكشف هاشم عن ظهور أنماط جديدة للتغطية الصحافية بعد الحرب وأنواع لم يكن كصحافي قد اعتاد عليها أو من المتوقع أن يخوضها لأنها كانت مختلفة جدًا عما خبره قبل الحرب، فدخلت مفردات جديدة إلى المقالات الصحفية وأصبحت كلمات لطهير العصابات المتطرفة المسلحة، والظروف الأمنية، تدمير، تفجير خطوط الغاز والنفط، سقوط القذائف، قطع الطرقات، في صلب الغالبية العظمى من مختلف الأخبار والتقارير الصحافية التي يقوم بكتابتها يوميًا.
وأشار هاشم إلى أنه ارتبط بالمستجدات التي فرضت نفسها على العمل الصحافي، وبينما كان هامش اختيار الموضوعات الصحافية واسعًا للغاية قبل الحرب ما لبث أن أصبح ضيقًا من حيث الكم، ولكنه على العكس من ذلك من حيث النوع، أي أنّ الحرب هي التي فرضت الموضوعات التي كان يختارها للكتابة عنها بسبب غزارة المعلومات التي تتجدد في كل ساعة ودقيقة حول أي مسألة من المسائل.
وكشف هاشم أنه غالبًا ما كان يباشر الكتابة حول أحد الموضوعات ليتفاجىء بعد انتهائه منها أن هناك مسألة أهم ألقت بثقلها على العمل وكأنها تصرخ في أذن الصحافي للكتابة عنها فورًا دون أي تأخير أو تأجيل على الإطلاق، مشيرًا إلى أنّ الوضع الأمني للبلد ومصلحة المواطن وهمومه المعيشية واليومية كانت البوصلة الرئيسية التي قام بناءً عليها باختيار الكتابة عن هذا الموضوع دون آخر.
وأكد أنّ العمل الصحافي في مثل هذه الظروف يتطلب ما يمكن تسميته بـ"المبادرة الفردية" من جانبه كصحافي، وأن يكون دائمًا على أهبة الاستعداد لأي طارئ قد يحدث ويطلب منه متابعته.
وأضاف أن آخر ما كنت أتوقعه في عملي هو الذهاب والسفر إلى أماكن بعيدة بعد أن كانت مهمتي تقتصر على متابعة وتغطية أخبار العديد من القطاعات المحلية المتمثلة في بعض الوزارات والمؤسسات التابعة لها، وأيضًا ما يتعلق بهموم الشارع والمواطن، لاحظت ما يشبه انعدام الفعاليات واللقاءات الروتينية المعهودة وظهور فعاليات ولقاءات ومؤاتمرات من نوع آخر أستطيع أن أصفها بالفرصة الذهبية لكل صحافي يريد صنع أسلوب جديد ومختلف له في العمل، بعيدًا عن الجلوس في المكاتب وراء الحواسيب وانتظار ورود الأخبار عبر البريد الإلكتروني أو الفاكس لإعادة صياغتها بشكل هزيل دون أي إضافة ما.
وعن أبرز الصعوبات التي واجهته يؤكدان منها ما يتعلق بالعمل داخل المؤسسة وآخرى تتعلق بالظروف في البلاد بشكل عام.
فالعمل داخل الصحيفة لم يكن بمنأى عن التجاذبات وحالات الاستقطاب التي انسحبت على مختلف أطياف الشعب السوري، فكان له في بداية الأحداث سجالات طويلة مع بعض الزملاء وصلت إلى حد الشجار وكانت مرشحة للوصول إلى أكثر من ذلك.
كما كان لترك بعض الزملاء العمل في الصحيفة بشكل أقرب لما يسمى لظاهرة "الانشقاق" لمعظمهم الأثر في زيادة الضغط لجهة حجم العمل اليومي دون تعويض معظمهم بصحافيين آخرين يتكفلون بمتابعة جيدة ومناسبة للمسائل المطروحة ومستجداتها .
أما الصعوبات التي خلقتها الظروف العامة في البلد حسب هاشم تمثلت في صعوبة التنقل بين المناطق خلال النهار وحتى ليلًا وما زاد في صعوبة العمل أيضًا تعرضه إلى الإصابة بتفجير سيارة مفخخة في 30 آب/ أغسطس 2012 وخضوعه للعلاج لأشهر عديدة والمضاعفات الناتجة عن هذه الإصابة وانعكاسها على الراحة والارتياح في التنقل.
كما أنّ هناك صعوبة في العمل لا يمكن إنكارها تمثلت في المعلومات الحساسة حول أي حدث من الأحداث والتي لم يكن من الممكن الكتابة عنها صراحة في المقالات رغم أهميتها كي لا يستفيد منها طرف من الأطراف المعادية.
كما اعتبر هاشم أنّ الإعلام السوري لم يرسم خطًا بينايًا واضحًا وإنما تراوح بين الأداء الضعيف جدًا في بعض الأحيان وبين الجيد نسبيًا أحيانًا آخرى أما بالنسبة لما كان ينقصه فهو استغلال هذا الجيش الواسع من الكوادر البشرية وتوظيفها بالشكل الأمثل.
أرسل تعليقك