فلسطين من أوسلو إلى التهدئة والمصالحة
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

فلسطين من أوسلو إلى التهدئة والمصالحة

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - فلسطين من أوسلو إلى التهدئة والمصالحة

الوضع في غزة
غزة ـ العرب اليوم

من الذي أنهك الآخر، فلسطين أم الزمان؟ منذ ولادة الدنيا، جاء معها توأمها الروحي الدامي، الأسطورة (فلسطين)، حيث تعانقت أنوار الأديان السماوية، وتصادمت العقائد بالعقل والعضل. غابت فلسطين كثيراً عن الشفاه والآذان، لكنها بقيت في الضمائر والوجدان. حطب الصراع الذي لا يحترق، وإن حرق القرون في آتون الحروب الساخنة والباردة بين الأقوام والأديان. لكل حلقة من مسيرة البشر بؤرة تشد إليها العقول والضمائر. منذ بداية خمسينات القرن الماضي بدأت قضية فيتنام تزجي الحطب للحرب الباردة بين العملاقين في شرق الدنيا وغربها. تحولت إلى انفجار عالمي على المستويين العسكري والإنساني بعد تدخل الولايات المتحدة بقوتها العسكرية الضاربة ضد الفيتكونغ، قوات فيتنام الشمالية الشيوعية بقيادة هوشي منه المدعومة من الصين الشعبية والاتحاد السوفياتي. أصبحت تلك الحرب ناقوساً يضرب أسماع العالم سياسياً وإعلامياً، وتحولت إلى هاتف إنساني عبأ الدنيا ضد الولايات المتحدة. كان لذلك الناقوس صوت عاصف داخل الولايات المتحدة ذاتها. وبمرور الأيام والشهور تقهقرت القوات الأميركية ومعها قوات فيتنام الجنوبية، واندفعت قوات الفيتكونغ نحو سايغون عاصمة الجنوب، ورضخت أميركا وانحنت لعاصفة السلام وإنهاء الحرب، وتوحدت فيتنام بشمالها وجنوبها تحت قيادة الحزب الشيوعي، وطويت صفحة كبيرة من حرب دامية رهيبة بين الشرق والغرب، لكنها أبقت سطورها ناطقة في التاريخ والضمير الإنساني. تلك حلقة من التاريخ خلت، وأخذت معها بؤرة تجمع حولها تعاطف ملايين البشر من كل الدنيا، لكنها ساهمت في صناعة المصافحة التاريخية بين الزعيم الصيني ماو تسي تونغ والرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، وفتحت باب الترحاب لمرحلة من حالة سلام موصوف بين الشرق والغرب.

ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي الطويل، كانت انتفاضة شدَّت العقول والضمائر الإنسانية عابرة للجغرافيا والحدود القومية والدينية. تلك الثورة التي دفعت فيها الجزائر أكثر من مليون شهيد كانت مفتاحاً لباب الاستقلال في الكثير من الدول الأفريقية.

غابت عن سطح الاهتمام الإنساني العام قضية سياسية تقرع الضمير بمطرقة الإعلام يومياً إلى أن انفجر نضال شعب جنوب أفريقيا ضد العنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا الاسم الذي يدخل البيوت والضمائر عبر وسائل الإعلام التي شهدت تطوراً غيَّر حواس البشر.

قضية فلسطين ولدت في مهد القرن العشرين بوعد بلفور وكبرت بين صمت وصخب. تدفقت أحداث ودماء، وتغيرت خرائط السياسة والقوى التي واصلت رسمها بقوة السلاح والمصالح والتوازنات والصدام بين محاور وتحالفات لم تتوقف منذ الحرب العالمية الأولى إلى الحرب الثانية وارتداداتها السياسية والعسكرية والمالية، وكذلك الثقافية على مستوى العالم. كان قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين سنة 1947 بين اليهود والعرب فوهة نار لحرب لم تطل، استولى فيها اليهود على رقعة أوسع من تلك التي فوق خريطة التقسيم. القدس التي جعلها القرار الأممي منطقة دولية استولى اليهود على الجزء الغربي منها، لكن اليهود المتشددين رفضوا قرار التقسيم وكانت عيونهم وعقولهم نحو القدس الشرقية، حيث بيت المقدس والمسجد الأقصى الذي يعتقدون أن الهيكل اليهودي يربض تحته. من 1948 إلى 1967 غابت قضية فلسطين عن طوفان السياسة الدولية وصوت الرأي العام الدولي، لكن القضية الفلسطينية لم يخفت صوتها في الضمير والصوت والعقل الفلسطيني والعربي. جيل جديد من الفلسطينيين وُلد من رحم المعاناة في مخيمات اللاجئين والشتات، يأس من الأمل في الجيوش العربية التي هتفت الأناشيد والخطب الحماسية بقرب زحفها الكاسح لتحرير فلسطين. انطلق العمل المسلح، داخل الأراضي المحتلة وأعمال متنوعة خارجها، أدانها الكثير، لكنها أعلنت عن وجود مأساة اسمها فلسطين. كانت منظمة فتح بقيادة ياسر عرفات هي الطليعة المسلحة وصارت سياسية أيضاً. بعد أن قالت غولدا مائير: لا يوجد شيء اسمه فلسطين أو شعب فلسطيني، فرضت المقاومة هذا الاسم على خريطة العالم السياسية وبدأ الرأي العام ووسائل الإعلام العالمية يتحدث تعاطفاً، بل وتأييداً للقضية.

من مؤتمر مدريد إلى أوسلو، أصبح العمل السياسي عبر المفاوضات مع إسرائيل أداة أخرى من أدوات المقاومة وخياراً كبر مع كثافة الأحداث.

وُقّع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية برعاية أميركية. اعترفت إسرائيل بالمنظمة، واعترفت المنظمة بدولة إسرائيل. الاتفاق كان ملغوماً وغامضاً. أجلت القضايا الأساسية وهي: الدولة الفلسطينية، واللاجئون والقدس، والمستوطنات والحدود، إلى ما سُمّي الحل النهائي. أخذ الفلسطينيون شيئاً واحداً اعتبروه إنجازاً ونصراً، وهو ـ السلطة الوطنية في غزة والضفة.
جرت الانتخابات وفازت حركة حماس، وترأست الحكومة، لكن الصدام بين الجسمين، «فتح» و«حماس» انفجر بسرعة وغادرت السلطة غزة.

اليوم، وبعد أن اعترف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأوقف الدعم المالي للسلطة، وتوسعت إسرائيل في بناء المستوطنات بلا كابح، وأصدرت قانوناً أساسياً بيهودية الدولة، أصبح «أوسلو» في غياهب الموت. السلطة الفلسطينية في سياسة نتنياهو مجرد بلدية شكلية تدير شؤون الخدمات الفلسطينية، تضبط الأمن في الضفة. وأصبحت الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بقعاً متناثرة فوق جلد نمر، تراها إسرائيل مجرد حَوارٍ يحكمها مخاتير تحت رعاية بلدية رام الله.

غزة... تحت سلطة «حماس» ترفض كل ما هو في رام الله من حكومة ونظام، ولا ترى مساحة للتصالح أو حتى التفاهم معها. هي تؤمن بآيديدولوجيا إسلامية إخوانية ترفع شعار التحرير من البحر إلى النهر، وترفض الاعتراف بدولة إسرائيل.

إسرائيل ومعها الولايات المتحدة لهما استراتيجية واضحة، وهي، إنهاك السلطة في رام الله بقطع المساعدات المالية، ومحاصرة نشاطها السياسي الدولي وتوسيع الشقة بين الأطراف الفلسطينية، وجعلها جسماً هزيلاً يذوي مع مرور الزمن. الرئيس محمود عباس هو آخر الشخصيات في القيادة الفلسطينية التاريخية، والمجهول قادم من بعده وفقاً للرؤية الإسرائيلية، والدولة الديمقراطية الواحدة التي تجمع اليهود والعرب فوق أرض فلسطين وبحقوق وواجبات متساوية، طمرها تراب الزمن. تسرب أخيراً أن أحد العرب أعاد طرحها على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رد ساخراً: إن ذلك يعني أن يكون رئيس وزراء إسرائيل بعد سنوات قليلة اسمه محمد. الوصفة الاقتصادية المقدمة إلى غزة ذات لون إنساني، تهدف إلى (مأسسة الانفصال) بين جناحي فلسطين الضفة وغزة، باستثمار المعاناة الكارثية التي يعيشها الغزيون وتقديم مشروع اقتصادي برّاق يجعل من القطاع مساحة للرخاء من خلال سوق حرة مزدهرة يهفو إليها حلم الفلسطينيين، وتتراجع هبَّات المواجهة مع إسرائيل.

المصالحة بين طرفي الجسم الفلسطيني، مسيرة طويلة، من لقاء مكة إلى الخرطوم وجولات كثيرة في القاهرة، أكدت أنها ركض وراء ما يمكن أن نسميه حلماً مراوغاً. ما يفرق الطرفين أكثر وأقوى بكثير مما يجمع. لقد تراكمت حجارة الخلاف الذي وصل إلى حد الصدام الدامي، وفرضت السلطة عقوبات على غزة التي اعتبرتها تحالفاً مع إسرائيل ضدها. التهدئة التي تعني هدنة طويلة المدى بين إسرائيل و«حماس»، ستجعل القطاع إمارة فلسطينية بلون إسلامي مدجن بقوة الانفراج الاقتصادي.

ذلك هو الحل النهائي الذي تدفع وتندفع نحوه إسرائيل، والعداوة الحادة بين الأطراف الفلسطينية تصنع الحجارة التي تبني الجدار العازل بين السلطة و«حماس».

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين من أوسلو إلى التهدئة والمصالحة فلسطين من أوسلو إلى التهدئة والمصالحة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab