الفنان المغربي يونس ميكري
الدار البيضاء ـ يسرى مصطفى
أكد ، أنه رحب بتجسيد دور الرجل الشرير في مسلسل "أحلام النسيم"، أولى تجاربه في غمار الدراما التلفزيونية المطولة، سعيًا منه إلى الخروج من جلباب الرجل الرومانسي والجدي والكريم، والظهور في ثوب جديد،
لم يتعود عليه الجمهور المغربي، مشيرًا إلى أنه "يعشق التحدي ويثور على كل ما يُقيد حريته".
التقى "العرب اليوم" الفنان يونس ميكري، حيث أفصح لنا عن تفاصيل دوره الجديد، وعن خبايا أخرى في الحوار التالي..
في البداية سألناه عن ما إذا كان قد تخوف من خوض تجربة الدراما الطويلة، وبخاصة أن المشاهد المغربي قد تعود عليه في السينما والأعمال التلفزيونية القصيرة، فأجاب يونس ميكري قائلاً "بكل تأكيد، فلكل شيء جديد رهبة، وبخاصة أن الأعمال التلفزيونية خلقت للاستهلاك، وطريقة الاشتغال فيها تختلف كثيرًا عن السينما، لكن عندما اطلعت على سيناريو (أحلام النسيم) وقرأته، جذبتني الفكرة، وشجعني فريق العمل الكبير، إضافة إلى أنني أعرف المخرج من خلال أعماله السابقة، فتشجعت وقبلت خوض تجربة جديدة تضيف إلى مسيرتي الفنية الشيء الكثير، فهذا تحدي مثل غيره من التحديات التي تواجهني في الحياة، كما أن طاقم العمل جميعه عمل بجد وحيوية، إذ كنا نحس بحماس كبير أثناء التصوير لذا أتنبأ لهذا العمل الجدي والمحترم أن يلقى استحسان الجمهور.
وعن تجسيده لدور الرجل الشرير وبارون المخدرات الذي يمارس أنواع الفساد كافة في المسلسل الجديد، بعدما تعود المشاهدين عليه في أدوار الرومانسية، قال ميكري "أؤمن أن في كل نفس بشرية نزعة من الخير وأخرى من الشر، غير أن هناك عوامل عدة تحفز نزعة الخير وتنميها فينا من خلال التربية الأسرية والنماذج الخيرة التي نصادفها في حياتنا، لذا رحبت بتجسيد دور الرجل الشرير، كما أنني أحببت الخروج من جلباب الرجل الرومانسي والجدي والكريم، وأظهر وجهًا آخر مختلف كل الاختلاف عما تعود عليه الجمهور في يونس ميكري".
وأضاف ميكري متحدثًا عن تجربة العمل مع المخرج علي الطاهيري قائلاً "كان جيدًا، فنحن الإثنان تعاونا من قبل من خلال إنتاجات أجنبية، وكذا "لعبة الحب" مع المخرج المغربي ادريس شويكة، لكن الاشتغال مع علي في عمل خاص به كان له طعم خاص، وسعدت كثيرًا بهذا التعاون الفني".
وقد تطرق ميكري إلى الحديث عن الممثلة أمال عيوش، الذي لوحظ أنه يشاركها الكثير من الأعمال، وأخرها بطولة مسلسل "أحلام النسيم"، وذلك بعد سؤال عن السبب وراء ذلك التعاون المتكرر قائلاً "على المستوى المهني، اشتغلت كثيرًا مع الممثلة المغربية أمال عيوش، وشكلنا ثنائيًا فريدًا، نظرًا للصداقة والاحترام المتبادل الذي يجمعنا سويًا، وأظن أن رؤية المخرج الفنية التي ترى أن هناك انسجامًا جميلاً بيننا هي من تجعله يختارنا نحن الاثنان لأداء أدوار بعينها في الأعمال الفنية المغربية".
وعن تجسيده لدور الأب مرتين مع أحمد بولان من خلال فيلم "ملائكة الشيطان" و"عودة الإبن"، وما إذا كان يرى فرقًا بين الدورين، قال ميكري "في فيلم "عودة الإبن" جسدت حالة إنسانية صعبة، هي وضعية الأب المغربي المحروم من فلذة كبده، بعدما سلبته إياه زوجته التي تعيش خارج الوطن، فنقلت حالة التمزق العاطفي التي يعيشها الأب وابنه. أما في فيلم "ملائكة الشيطان" فركزنا على مشكلة المجتمع المغربي في فترة من الزمن، من خلال فشل المنظومة التربوية التي لقنها الآباء لأبنائهم، والتي من خلالها طرح سؤال هل نجحنا فعلا في تربية أبناءنا كما يجب..؟، لذا فهناك اختلاف جلي بين الفكرتين التي ينقلهما كل عمل. الأول ركز على الجانب الإنساني والعاطفي، أما الثاني فعالج مشكلة القيم بين الماضي والحاضر".
كما تطرق ميكري إلى أقوال بعض من انتقدوا دوره في "عودة الإبن"، والذين رأوه أقل وقعًا من "ملائكة الشيطان"، وأنه لم يكن مقنعًا بالقدر الكافي الذي عود ميكري عليه الجمهور المغربي، حيث قال "هذا أمر وارد جدًا، لأن فيلم "ملائكة الشيطان" سلط الضوء على مشاكل مجتمعية مختلفة، من بينها مشكلة أب يكتشف أن ابنه العاشق لموسيقى "الهارد روك" و "الميتال" متهم بعبادة الشيطان، أما في فيلم "عودة الإبن" فكانت فكرته الأساسية تدور حول شخصين اثنين فقط، هما الأب وابنه، والتمزق العاطفي الذي يحاول الأب ترقيعه من خلال التقرب من فلذة كبده، الذي عاش بعيدًا عنه لسنوات، لذا فهذا عمل يتدخل فيه مخرج وممثلين وطاقم تقني، يمكن ألا يكون قد توفق في إيصال الفكرة كما يجب، ونحن على كل حال نحاول دومًا جاهدين أن نكون عند حسن ظن الجمهور والمتتبعين، وإذا لم نتوفق هذه المرة، سنتوفق في المرة المقبلة".
وعن تجسيده أكثر من مرة لدور الرجل العاشق للحرية والثائر على القيود والتقاليد، وعن ما إذا كان هناك شيء من هذا في شخصيته، قال ميكري "بكل تأكيد، لطالما كسرت قيودًا وثرت حتى على والديّ، ورفضت عدة قواعد فرضت على إخوتي الأكبر مني وتربوا عليها، وبما أنني آخر العنقود لم أستسغ أن أخضع لما تربى عليه من هم قبلي، وحتى في حياتي اليومية، مازلت أكسر كل ما من شأنه أن يعيق حركتي ويقيد حريتي".
وأضاف "ربيت ابنتي على حرية التعبير، وإمكان الإفصاح عن كل ما يجول في خاطرها من أفكار وتساؤلات، قد تكون محرجة في بعض الأحيان، كما عودتها على قول الحقيقة كما هي، دون خجل أو حاجز، لأن إخفاءها لن يصلح الأخطاء، ومهما كانت هذه الحقيقة قاسية وجب تقبلها، فهي أحسن بكثير من الكذب والغش، وهي عنيدة بعض الشيء، وأنا أتقبل عنادها بصدر رحب، لأنني كنت في يوم من الأيام مثلها، وبما أنني كنت الأصغر في الأسرة، كانت كل طلباتي مجابة، فلا يمكنني أن أمنع عنها شيئًا هي تتوق إليه، لكن في حدود، لأن المراقبة الأبوية ضرورية والأطفال يبقون في حاجة لمن يوجههم للطريق الصحيح".
وإلى جانب الغناء، أبدع يونس ميكري في إنتاج الموسيقى التصويرية الخاصة بالأفلام السينمائية، كما أنه ممثل له أدوار سينيمائية وتليفزيونية ناجحة. وقد أجاب عن تساؤل بشأن تفضيله لأي من هذه الأعمال المتنوعة التي يقوم بها، قائلاً "هناك فرق كبير، لأن المتعة تختلف من وضعية لأخرى، فالوقوف أمام الجمهور لأداء أغنية يحبها، لا يمكن مقارنته مع الجلوس أمام كمبيوتر وحيدًا ومشاهدة فيلم لخلق موسيقاه التصويرية، فالوضعية الأولى تستدعي الإفصاح عن مكنونات النفس، وإيصال الإبداع للجمهور مباشرة، لأن عامل القرب حاسم جدًا، ويجعل الفنان في قمة سعادته، في حين أن الوضعية الثانية تقتضي العمل التقني الجدي والمضني للخلق والإبداع".
وأضاف في ما يتعلق بالوقوف أمام الكاميرا أو أمام الجمهور قائلاً "يمكنني أن أشبه هذه الوضعية بحب امرأة، فالتواصل مع المرأة من خلال لمسها أعظم تأثيرًا من الحب العذري المثالي، الذي يستدعي القرب، لأن الوصال حاسم في مثل هذه المواقف الحساسة، والوقوف أمام الكاميرات أهون بكثير من مواجهة الجمهور، والرهبة التي ترافق هذه الأخيرة لها حلاوتها الخاصة، وأنا أفضلها لأنني أعشق التحدي، ويثيرني كل ما هو حسي وواقعي".
جدير بالذكر أن الفنان يونس ميكري، لم يكتف باسمه الفني العريق، الذي كان بإمكانه أن يعبد له الطريق نحو النجومية بسهولة تامة، بل عمل بجد، وكافح ليصل لما هو عليه الآن، وهو أحد الفنانين الكبار الذين جاد بهم المغرب، وتمكن على مدى سنوات من تقديم باقة من أجمل الأغنيات في الريبيرتوار المغربي، أغنيات اعتبرت طلائعية، فتحت الباب أمام جيل كامل من الفنانين والموسيقيين المغاربة، كما أن انتقاله الناجح إلى التمثيل جعله يدخل عالم الفن السابع من أوسع أبوابه، وها هو اليوم يدخل غمار الدراما التلفزيونية المطولة، في ثوب جديد، لم يتعود عليه الجمهور المغربي، من خلال مسلسل "أحلام النسيم".
أرسل تعليقك