قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم - في خطبة الجمعة - : الليالي والأيام خزائن للأعمال ومراحل للأعمار , تبلي الجديد وتقرب البعيد , أيام تمر وأعوام تمضي وأجيال تتعاقب على درب الآخرة , فهذا مقبل وذاك مدبر , وهذا صحيح وآخر سقيم , والكل إلى الله يسير , قال صلى الله عليه وسلم : " كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " , في الدهر آلام تنقلب أفراحا , وأفراح تنقلب أتراحا , أيام تمضي بهمومها كأعوام , وسنوات بسعادتها كأيام , واللبيب من اتخذ ذلك عبرة ومدكرا , قال تعالى : " يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ".
وأضاف : العام يرحل بما أودع فيه العباد من أفعال , وستعرض عليهم يوم القيامة , فانظر في صحائف الأيام التي خلت , ماذا ادخرت فيها لآخرتك , واخل بنفسك وحاسبها حساب الورع الأمين , ومضي الليل والنهار يباعدان من الدنيا ويقربان من الآخرة , فطوبى لعبد انتفع بعمره ووقف مع نفسه وقفة حساب وعتاب , يصحح مسيرتها ويتدارك زلتها , يستذكر في ليله ما صدر من أفعال نهاره , فإن كان محمودا أمضاه وإن كان مذموما تاب منه , لأنه مسافر سفرا لا يعود.
وقال : الاطلاع على عيوب النفس توجب الحياء من الله , ومعرفة الإنسان نفسه وأن مآله إلى القبر يورثه تذللا وعبودية لله , فلا يعجب بعمله مهما عظم , ولا يحتقر ذنبا مهما صغر , وإذا جالست الناس فالخلق يراقبون ظاهرك والله يراقب باطنك , ومن صحح باطنه بالإخلاص وصفاء السريرة زين الله ظاهره بالصلاح والفلاح , والتعرف على حق الله وتذكر كثرة نعمه يدعو إلى الله ويدرك المرء معها تقصيره على شكر النعم , وأنه لا نجاة إلا بالرجوع إليه , وأن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر , وتفقد عيوب النفس يزكيها ويطهرها.
وأضاف : الحساب في الآخرة يخف على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا , ويشق الحساب على قوم لم يحاسبوها في الدنيا , والمؤمن قوام على نفسه يحاسبها , فتوقى الوقوع في الزلة , فترك الذنب أيسر من طلب التوبة , وأنبها على التقصير في الطاعات فالأيام لا تدوم.
قد يهمك ايضا:
الشيخ عبدالرحمن السديس يكشف موعد فتح الحرمين الشريفين أمام المصلين
الشيخ عبدالرحمن السديس يتفقد أعمال هيئة المسجد الحرام
أرسل تعليقك