دفعت النساء في قطاع غزّة الثمن الأعلى جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، وما خلفه من آثار "جسدية ونفسية"
وأكّدت دراسة أعدها "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" (مؤسسة حقوقية غير حكومية)، تناولت أوضاع المرأة في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة، أنّ "المآسي التي أصابت النساء، لا تقتصر على الإصابة المباشرة، المتسببة بالقتل أو الجرح، لكن آثارها تمتد إلى الكثير من الجوانب".
وأشارت دراسة المرصد، الذي يتخذ من جنيف مقرًا له، وحملت عنوان "سحق بلا ضجيج"، إلى أنَّ "489 امرأة قتلن أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وشكلنّ 22% من إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي".
وأبرزت أنّ "عدد الشهيدات البالغ عمرهن أقل من 18 عامًا، بلغ 195 امرأة، فيما كان عدد النساء اللواتي تراوحت أعمارهنّ ما بين 18 و59 عامًا، 251 امرأة، فيما استشهدت 43 امرأة، تزيد أعمارهن عن 60 عامًا، فضلاً عن 3 نساء معاقات".
وأضافت الدراسة أنَّ "المنظمة اعتبرت هذا العدد الكبير من الشهداء المدنيّين انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان"، لافتًا إلى أنه "بلغ عدد نساء غزة الجريحات 3532 جريحة، يشكلن ما نسبته 31% من إجمالي الجرحى".
وأعلنت الدراسة أن نحو ألف امرأة جريحة، أصبحن يعانين من إعاقات متنوعة، وخلّفت الحرب مئات الأيتام، ووفق طواقم البحث الميداني التابعة للمرصد في قطاع غزة، فإن 51% من أيتام الحرب هنّ من الإناث، إذ فقدت 37% منهن الأم، فيما فقدت 13% الأب والأم معًا.
وكانت الحرب سببًا في قتل عدد من النساء الحوامل، وشكلت الضحايا من النساء في الفترة العمرية ما بين 25 و29 عامًا، 69% من إجمالي عدد الضحايا من الحوامل.
ولعدم تمكن العديد من النساء الحوامل من الوصول إلى المستشفيات فقد وضعت نحو 18 امرأة حملها في المنزل، ومقارنة مع أشهر ما قبل الحرب، ازداد عدد حالات الولادة المبكرة، نتيجة إصابات الأمهات بالخوف، والتوتر، إذ بلغ 30%، في وقت تضاعف فيه معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة أثناء الحرب الأخيرة، مسجلاً نحو 14%، مقارنة مع الأشهر التي سبقت العدوان (7%)، بسبب استنشاق الغاز ونقص الأدوية والمعدات الطبية، والإصابات المباشرة للنساء في أماكن متفرقة من الجسم.
وتسببت الحرب الأخيرة، بمعاناة وصفها المرصد بـ"المركبة"، والمعقدة لنساء غزة، لاسيما اللواتي نزحن، وأقمن في مراكز الإيواء، بعد هدم بيوتهنّ، ولا تزال المئات منهنّ يمكثن في مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وتمكث نحو 11 ألف امرأة، في مراكز الإيواء في ظروف إنسانية قاسية، فقدن فيها، وفق تأكيد المرصد حياتهنّ الخاصة، وافتقرنّ إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية.
وتروي نساء في الدراسة شهادات لافتقارهن الحياة الصحية والإنسانية، وكيف أثرت الحرب على خصوصياتهنّ.
ووفق الدراسة، فقد عانت نساء غزة في مراكز الإيواء من أمراض صحية متنوعة، في مقدمتها الأمراض الجلدية، ولم يقتصر الأمر على الصحة، إذ تجاوزتها إلى الانفعال الزائد، والتوتر والخوف.
وتعتبر هذه الأرقام الصادمة، هي مقدمة لما ستكشفه الأيام والأعوام المقبلة من تداعيات الحرب القاسية والمرعبة على نساء قطاع غزة، حسب ما يؤكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، مبرزًا أنَّ "المرأة هي أكثر المتضررين من العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة".
وأبرز عبده أنَّ "الألم بالنسبة لها كان مركبًا، العدوان سحق نساء غزة، جسديًا، ونفسيًا، فهي إما قتيلة، أو جريحة، وإما فقدت زوجها أو ابنها، ووجدت نفسها بعد الحرب وحيدة كل أعباء الأسرة تُلقى على كاهلها".
وأكّد عبده أن "الدراسة ستكون شهادة حقيقية على الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة، لاسيما ضد آلاف النساء اللواتي، أصبحنّ ضحايا وأسيرات لآثار الحرب، وما خلّفته من تدمير للمنازل، وفقد للأزواج والأبناء وحتى حياتهنّ الخاصة".
ولفت إلى أنّ "الدراسة تسعى، عبر المنظمات الحقوقية الدولية، إلى محاكمة إسرائيل على ما ارتكبته من انتهاكات ترقى إلى درجة جرائم حرب".
يذكر أنَّ إسرائيل شنت، في السابع من تموز/ يوليو الماضي، حربًا على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وجرح 11 ألفًا آخرين، فضلاً عن تدمير نحو 90 ألف منزل، ووفق بيانات أممية، فإن أكثر من 20 ألف شخص من سكان غزة، مازالوا مشردين حتى اللحظة، يعيشون في مبانٍ تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
أرسل تعليقك