الأمين العام الجديد لجماعة العدل والإحسان في المغرب محمد العبادي
الرباط ـ الحسين ادريسي
بدأ الأمين العام الجديد لجماعة "العدل والإحسان" المعارضة في المغرب، محمد العبادي، الثلاثاء، مهام منصبه رسميًا، خلفًا لمؤسس وزعيم الجماعة الراحل الشيخ عبد السلام ياسين، في الوقت الذي تترقب فيه الأوساط السياسيةالمغربية، كيفية قيادة العبادي للصراع بين الجماعة والقوى السياسية الأخرى من جهة، ومع الحكومة والقصر
الملكي من جهة أخرى، في ما بدا أنَّ العبادي لا يختلف في هذا الشأن عن سلفه وشيخه ياسين.
ويواجه العبادي وهو ريفي صلب تعود نشأته إلى مدينة الحسيمة شمال المغرب، تحديات كبيرة داخل الجماعة المثيرة للجدل السياسي والديني والاجتماعي، والتي تأسست في العام 1980 وباتت رقمًا صعبا في الحياة السياسية المغربية، حيث الصراع المحتدم بين جيل الوسط، من جهة، وجيل المؤسسين من جهة أخرى، حول الدور الذي تلعبه الجماعة وكيفية تطويره، وتفعيله بما في ذلك تأسيس حزب سياسي يخوض غمار السياسة وفق قواعدها المتغيرة، بعكس الجانب الدعوي للجماعة الذي لا يتغير.
وإذا كان من الطبيعي أن نعرف مناضلاً سياسيًا معتقلاً، فالطريف هذه المرة هو أن بيت العبادي هو الآخر معتقل لدى السلطات المغربية منذ عام 2006، حين داهمته وأخرجت من فيه وأغلقته بمعرفتها ولا يزال تحت سلطتها حتى وقتنا هذا، وهو أمر ينفرد به العبادي بين كل مناضلي العالم الذي تعرضوا للسجن على أيدي سلطات بلادهم، فقد تعرض للسجن أكثر من مرة، وأصبح عليه الآن أن يغادر مقر إقامته في مدينة وجدة (أقصى شمال شرقي البلاد)، إلى العاصمة الرباط، أو بالقرب منها، كي يقود جماعته.
واختار مجلس شورى جماعة "العدل والإحسان" قبل يومين، العبادي أمينًا عامًا لها لمدة 5 سنوات، فمن هو الشيخ محمد العبادي؟.
ولد العبادي في العام 1949، في مدينة الحسيمة شمال المغرب، التي ينحدر منها رمز المقاومة المغربية عبد الكريم الخطابي، وأتم العبادي حفظ القرآن الكريم وهو طفل عمره 12 سنة، في وقت كان المغرب لايزال تحت الاستعمار الإسباني في شمال المغرب، تلك المنطقة التي تعرف منذ القدم وحتى اليوم بأنَّها أحد معاقل القرآن الكريم حفظًا وقراءة.
وتفيد معلومات مديرية التعليم الأصيل التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية المغربية، أنَّه إذا كانت منطقة سوس تحتضن أكبر عدد من مدارس التعليم العتيق لتعليم القرآن الكريم والفقه، فإنَّ أول جهة في المغرب من حيث عدد التلاميذ والمريدين الذين يقبلون على هذا النوع من التعليم هم أبناء منطقة محمد عبادي.
وأنهى عبادي دراسته الثانوية في العام 1970، وتخصص في الدراسات الشرعية لمدة 5 سنوات، على يد شيوخ معروفين أمثال الشيخ العلامة المحدث عبد الله بن الصديق، والشيخ المحدث عبد الله التليدي، والعالم الجليل الفقيه العياشي، وغيرهم، وبدأ في سلك التدريس في العام 1975 في معهد تابع لوزارة الأوقاف بحاضرة أزمور التابعة لمدينة الجديدة جنوب الدار البيضاء لمدة لم تتجاوز السنتين، ليلتحق بعد هذه التجربة الأولى بمعهد تكوين الأساتذة، وتخرج أستاذًا للغة العربية، وحبه للدراسة وفي مجال يجذبه، جعله يواصل ويحصل على شهادة الإجازة (بكالوريوس) من كلية أصول الدين في مدينة تطوان، وكانت في ذلك الوقت تابعة لجامعة القرويين في مدينة فاس، وهي أقدم الجامعات في العالم الإسلامي بنيت عام 859 م، وعمل محمد العبادي أستاذًا في مدينة وجدة، إلى أن تقاعد وبعد ذلك، بدأ من جديد واعظًا وخطيبًا لمدة 15 سنة في كثير من المساجد في المدن المغربية مثل طنجة (شمال المغرب) وأسفي (غرب) وسطات (وسط).
وقالت ورقة لجماعة "العدل والإحسان" تُعرف فيها بقائدها الجديد، إن "السلطات المغربية أوقفته عن الخطابة واعتلاء المنابر أكثر من مرة، إلى أن منعته بشكل نهائيًا سنة 1989 بسبب صدعه بكلمة الحق، وتعرض للاعتقال والمحاكمات وسجن مرات عدة، أولها عام 1990 لمدة سنتين مع عدد من أعضاء مجلس الإرشاد لجماعة "العدل والإحسان"، وفي العام 2000 صدر حكم بسجنه سنتين مع وقف التنفيذ، لمشاركته في تظاهرات سلمية لمناسبة "اليوم العالمي لحقوق الإنسان"، كما صدر حكم عام 2003 بسجنه سنتين بسبب إجرائه مقابلات صحافية، ثم قضى ببراءته في العام 2004، وإن حروب السياسة لا تعرف الشفقة، لذلك عرضته مواقفه السياسية، للمحاكمات والاعتقالات حتى وهو رجل بلغ من العمر 63 سنة، فالرجل اشتعل رأسه شيبًا، وابيضت لحيته تمامًا، يساعد عينية بنظارات طبية، وهو يدرك أنَّ نظر البصيرة أقوى من نظر المقلتين، وقد حاضر عبادي في كثير من الجامعات والمنتديات، داخل المغرب وخارجه، ويعتبر عضوًا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وربما كانت آخر حلقة في مسلسل المضايقات التي ظل يتعرض لها باستمرار الهجوم على منزله في وجدة سنة 2006، وتشميع بابه إلى اليوم، بعد إخراج مجموعة من الأخوة كانوا يتدارسون القرآن الكريم".
وأفاد محمد عبادي بأنَّ "المهاجمين لبيته في وجدة، عاثوا فيه فسادًا، حيث تعرضت الأجهزة الإلكترونية وكل المعدات للكسر، وهو حال زجاج النوافذ والأبواب نفسها"، موضحًا أنَّ "بيته لا يزال معتقلاً حتى اليوم، حتى في عهد حكومة يقودها (الإخوان)"، في إشارة إلى حزب "العدالة والتنمية الإسلامي
أرسل تعليقك