زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي
تونس ـ أزهار الجربوعي
توقع رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، راشد الغنوشي، السبت، أن يتم الإعلان عن التعديل الوزاري المرتقب يوم 20 كانون الثاني/ يناير الجاري. واعتبر الغنوشي أن التأجيل المتكرر للإعلان عن التعديل الوزاري، راجع إلى مزيد تعميق التشاور بين شركاء النهضة داخل الترويكا،
إلى جانب الرغبة في تشريك أكبر عدد من الأحزاب والتحالفات الأخرى في عملية المفاوضات، سعيًا إلى توسيع دائرة الائتلاف الحاكم.
وقد أكدت مصادر مطلعة إلى "العرب اليوم" أن تأجيل الإعلان عن التعديل الوزاري في تونس الذي كان مقررًا مع احتفال البلاد بالذكرى الثانية للثورة الاثنين 14 كانون الثاني/يناير 2013، جاء على خلفية إرجاء انعقاد مجلس شورى حركة النهضة الحاكمة، بسبب وجود خلافات بشأن الوزراء الذين سيغادرون الحكومة ومن سيخلفهم، وهو ما دفع بقادة الحزب إلى التأجيل تعميقًا للتشاور وتفاديًا للمشاكل.
من جانبه، أعلن الأمين العام لحركة "وفاء" عبد الرؤوف العيادي عقب لقاء جمعه برئيس الحكومة حمادى الجبالى أنه تلقى عرضًا رسميًا للانضمام إلى الحكومة بإعتبار أن الجبالي عرض عليه تحديد الحقيبة الوزارية التي يرغب بتقلُدها.
وترى أغلب قوى المعارضة في البلاد التي رفضت المشاركة في التعديل الوزاري، أن هذا الإجراء لم يعد ذو فائدة لأنه جاء متأخرًا، خاصة وأن خمسة أشهر فقط تبقت في عمر هذه الحكومة قبيل الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما قد يشكل عائقًا أمام أي إجراء لتصحيح المسار الذي يتطلب وقتًا أكثر، كما أن تمسك حركة النهضة بوزراة السيادة قد عمَّق هذا الطرح.
وعلى صعيد آخر انطلقت في العاصمة التونسية،الجمعة، فعاليات المؤتمر الوطني لـ"المحاسبة" الذي ينظمه حزب "حركة وفاء" بهدف التعجيل في إجراءات التطهير ومحاسبة المتورطين في فساد مع النظام السابق، في حين حذر زعيم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس مما اعتبره "سوء تصرف في الحرية" بعد الثورة مما قد يؤدي إلى "صوملة" البلاد بسبب طفرة العنف والإحتجاجات الإجتماعية، يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، إلى تنظيم وقفة إحتجاجية في الذكرى الثانية للثورة،الإثنين المقبل، أمام السفارة السعودية بهدف الضغط من أجل تسليم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى سلطات بلاده.
وافتتحت السبت "حركة وفاء" التونسية مؤتمرها الوطني "من أجل المحاسبة" بمشاركة 18 حزبًا و 46 منظمة وذلك بهدف التّشاور بشأن مشاريع قوانين تهدفُ إلى التّسريع في عمليّة المُحاسبة وتطهير البلاد من المتورطين في شبكة الفساد مع النظام السابق.
وأكد رئيس الحركة عبد الرؤوف العيادي أنّ أعمال لجان المُؤتمر ستنطلق الأحد في العمل على مشاريع القوانين و الورقات السّياسيّة المُنبثقة عن المؤتمر .
ويرى العيادي الذي استقال العام الماضي من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أن المحاسبة والتطهير استحقاق وطني عاجل غفلت عنه أغلب القوى السياسية الحية في البلاد، وهو ما جعل تفعيل هذه القضايا أمرًا عاجلًا لا يقبل التأجيل خوفًا من التفاف قوى الردَّة على الثورة والشعب الذي أطاح بدكتاتورية الرئيس السابق، لا سيما وأن منظومة الفاسدة بقيت كدار لقمان على حالها.
وقد رفع المشاركون في المؤتمر، شعارات مناهضة لحزب "حركة نداء تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي منادين بمقاطعته ومحاسبة البعض من رموزه المحسوبين على النظام السابق.
على صعيد آخر، أكد رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، راشد الغنوشي أن العدالة الانتقالية ستأخذ مجراها سنة 2013 لمحاسبة كل من أجرم فى حق الشعب داعيًا إلى إرجاع الأموال المنهوبة لدعم التنمية وذلك حسب ما يقتضيه القانون .
وحذر راشد الغنوشي من تحول الثورة إلى "فوضى" بسبب إساءة الفهم والتصرف في مفهوم الحرية الذي لا يعني خرق القانون وتجاوز الدولة، حسب رأيه.
وأضاف الغنوشي خلال اجتماع شعبي حضره المئات من أنصاره، " إن بلدانًا كثيرة تمكنت من الإطاحة بأنظمتها الدكتاتورية وإسقاط الطغاة، إلَّا أنها عجزت عن بناء دولة ديمقراطية بسبب سوء استعمال الحرية"، وتابع محذرًا من "صوملة" تونس :"لا نريد أن تتحول الثورة التونسية إلى فوضى لا نريد أن تكون تونس مثل الصومال".
واعتبر الغنوشي أن طفرة الاحتجاجات الاجتماعية التي تعرفها البلاد على غرار أحداث بن قردان الأخيرة على الحدود الليبية، لا تشرف الثورة ولاتخدم مكاسبها بل تهددها، على حد وصفه.
وفي معرض حديثه عن العنف، دعا مؤسس حركة النهضة الإسلامية، إلى التعقل ونبذ العنف في التعاطي مع القضايا الراهنة لاسيما السياسية منها، داعيًا الشباب السلفي إلى التسلح بالحجة والبرهان ومبدأ الحوار بعيدًا عن التكفير والقتل .
وشدد الغنوشي على أن السنة الثالثة للثورة 2013 ستكون سنة الانتهاء من إنجاز أول دستور ديمقراطي لتونس يراوح في محتواه بين الدين الإسلامي والحداثة، معتبرًا أن الإسلام هو قرين العدل والحرية ولا يتناقض مع ما يتحدد لسلطة الحاكم من انتخابات وتعددية وديمقراطية شرط أن يكون وفق مقياس الإسلام.
وختم الغنوشي خطابه وسط مناصريه، بالدعوة إلى حماية الثورة ممن وصفهم بـ"أعداء البلاد" معتبرًا أن الحرية من أبرز مكاسب الثورة التي يجب ممارستها بكل مسؤولية والوقوف فى وجه المتآمرين عليها من أهل الاستبداد، حسب تعبيره.
من جهته شدد رئيس الحكومة حمادي الجبالي على إنه مازال متفائلًا بالثورة وبمسارها التاريخي الذي يستحيل إعادته إلى الوراء. و بخصوص إدارة شؤون البلاد أكد الجبالي أنَّه كان هناك خطأ في التقييم قبل الدخول إلى الحكم، وإن الأمر بدا أسهل مما هو عليه، لكن اتضح بعد الممارسة الفعلية أن "الأمر صعب جدًا ومعقد".
وعرج رئيس الحكومة التونسية عن أوجه التشابه والاختلاف بين ماتعيشه تونس ومصر في الوقت الراهن، بالقول إن " التشابه هو ثورة على ديكتاتور وطغيان، والمطالب شعبية واضحة، اقتصادية واجتماعية، وهذه مشكلتنا الجوهرية وهي ليست مشكلة أيديولوجية الآن ".
واستعدادًا لاحتفال تونس بمرور عامين على ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدي بن علي، دعا الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الهادي بن عباس، السبت، إلى التظاهر أمام سفارة المملكة العربية السعودية يوم الاثنين المقبل للمطالبة بتسليم الرئيس السابق بمناسبة الذكرى الثانية على هروبه إلى السعودية.
وقال الهادي بن عباس، كاتب الدولة في الخارجية المكلف بأمريكا وآسيا والناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر ، إن هذه الدعوة تأتي في إطار " أهمية هذا الملف وأهمية البت فيه نهائيًا"، الذي يعتبره مطلبًا شعبيًا ملحًا.
وأضاف بن عباس أن "تونس تريد أن تضرب المثل على التحول الديمقراطي، وأكبر مثال على ذلك هو العدالة، لذا نريد أن نجعل من محاكمة رموز النظام السابق مثالًا يحتذى ليرى العالم بأسره أن تونس جادة في مشروعها الديمقراطي".
من جانبه نشر المحامي اللبناني للرئيس المخلوع، والمفوض بالحديث عنه أكرم عازوري ، بيانًا جديدًا تضمن رسالة اتهم فيها الحكومة التونسية بـ"الكذب والتضليل"، وذلك على خلفية إعلان السلطات الإيطالية تسليم مبلغ مالي ويخت مصادر إضافة إلى طائرتين خاصتين للحكومة التونسية كانت على ملك الرئيس المخلوع.
ونفى بن علي ملكيته لما تمت مصادرته متحديًا السلطات الإيطالية والتونسية على حد سواء أن تثبت بالوثائق والمستندات عكس ذلك.
وفي نفس السياق أشار الرئيس السابق إلى أن الحكومة الحالية والتي سبقتها حاولا باستمرار تشويه الحقائق، وترويج أخبار زائفة حتى تتجح في تضليل الرأي العام وإشغاله بمسائل ثانوية لتنأى به بعيدًا عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
وكان المحامي اللبناني أكرم عازوري قد أعلن في وقت سابق أن موكّله يعتزم تقديم قضية ضد الدولة التونسية لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، على خلفية تصريحات وزير الداخلية الأسبق في حكومة الباجي قايد السبسي فرحات الراجحي، التي قال فيها أن الأموال التي عُثر عليها في قصر الرئاسة بعد هروب بن علي تمّ اقتراضها من البنك المركزي التونسي، وهذا ما اعتبره المحامي محاولة لإقناع الرأي العام أن الرئيس الأسبق استولى على المال العام، مشيرًا إلى أن الأغراض المعروضة في معرض الأملاك المصادرة، لا تعود للرئيس بن علي ولا لزوجته متهما السلطات التونسية بتزوير الحقائق، حسب قوله.
وأضاف المحامي "إنّ 10 % فقط من الممتلكات المعروضة للبيع، تعود للرئيس التونسي السابق وزوجته والتي تحصل عليها بشكل قانوني وشرعي خلال فترة تولّيه الحكم لربع قرن وتمّ الاستيلاء عليها من قبل السلطات التونسيّة بموجب قرار سياسي غير قانوني، على حد وصفه.
واعتبر محامي بن علي "أنّ هذه الأعمال الإجرميّة والغير شرعيّة من السلطات التونسيّة ستبلّغ حتمًا مسامع وأنظار مجلس حقوق الإنسان في جينيف كمخالفة فادحة جديدة للسلطات التونسيّة لإلتزاماتها الدولية".
يذكر أن تونس "الخضراء"، تحتفل الاثنين بمرور عامين على ثورة الحرية والكرامة التي فجرها شباب تونس الغاضب في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010، لتتوج بهروب أول رئيس عربي يسقطه شعبه بإنتفاضة سلمية في 14 يناير 2011، مرددين عبارة الشاعر أبو القاسم الشابي الشهيرة "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".
أرسل تعليقك