عدد من المشاركين في مؤتمر للحراك الجنوبي اليمني ( صورة أرشيفية)
صنعاء ـ علي ربيع
أكدت مكونات واسعة في المعارضة اليمنية الجنوبية الداعية للانفصال عن شمال اليمن، تمسكها باستعادة دولة الجنوب، معتبرة أنَّ الوحدة السياسية التي أعلنت مع الشمال عام 1990، قد انتهت، متعهدة باستمرار النضال لتحقيق الاستقلال، في الوقت الذي يتوقع المراقبون أن تتبنى الاثنين، قراراً بالمشاركة في
مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن.
جاء ذلك في مستهل مؤتمر أقامته في مدينة عدن (كبرى مدن الجنوب اليمني) الأحد، فصائل واسعة في الحراك الجنوبي بزعامة القيادي محمد علي أحمد، وشارك فيه قرابة 1500 مندوب من مختلف مناطق الجنوب، في ظل مقاطعة تامة من قبل الفصيل الجنوبي الذي يتزعمه من الخارج، النائب الأسبق للرئيس اليمني علي سالم البيض، والقيادي في الداخل حسن باعوم، باعتباره مؤتمراً مشبوهاً يسعى، حد اعتقادهم إلى التفريط في القضية الجنوبية، ويهدف للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي تعد له السلطات اليمنية في صنعاء، برعاية دولية وأممية.
واعتبر القيادي محمد علي أحمد في جلسة افتتاح المؤتمر، الذي سيتواصل الاثنين، أنَّ شعب الجنوب أوصل قضيته إلى السياسة الدولية، في حين تترقب الأنظار ختام المؤتمر وتوصياته، وما إذا كان سيوافق على المشاركة في الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي يصر فصيل الحراك الموالي للبيض على مقاطعته، في ظل كل الجهود الأممية والخليجية التي بذلت لإقناعه للانخراط الإيجابي في الحوار الوطني، الذي يتوقع انطلاقه مطلع 2013.
ورغم انسحاب بعض القيادات الجنوبية، من المؤتمر الجنوبي الحاشد، إلا أنَّه استطاع أن ينعقد بحضور لافت، تعاهد خلاله المندوبون على الالتزام بميثاق شرف جنوبي، تم إعداده، من 19 مادة، تقضي في مجملها، بالعمل على استعادة دولة الجنوب اليمني على حدود ما قبل 1990، والتأسيس لدولة جديدة ، بعيداً عن الشمال اليمني، الذي أكد ميثاق الشرف، على عدم شرعية الوحدة القائمة معه، لأنَّها، بحسب قوله، انتهت بنشوب حرب 1994.
وفيما حضر جلسة افتتاح المؤتمر، الذي أطلق عليه "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" نائب رئيس البرلمان اليمني، محمد علي الشدادي، وبرلمانيون جنوبيون، ودبلوماسيين غربيون، أكدَّت مصادر مطلعة في الحراك الجنوبي، لـ"العرب اليوم" أنَّ القيادي محمد علي أحمد، قام بالتحضير لهذا المؤتمر بناء على ضوء أخضر من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، سعياً لسحب البساط من تحت أقدام الفصائل المتشددة في الحراك الجنوبي، التي يتزعمها البيض وباعوم، متوقعةً أن يتبنى المؤتمر الجنوبي المنعقد في توصياته قراراً بالمشاركة في الحوار الوطني في اليمن، وهو ما سيمكن، وفقاً للمصادر، القيادي محمد علي أحمد، من حيازة مقاعد الحوار الـ85 المخصصة للحراك الجنوبي، ومن ثم، إفقاد الفصيل الذي يتزعمه البيض وباعوم، مشروعيته كطرف سياسي، سواء لدى المجتمع الدولي أو عند الأطراف الراعية للتسوية السياسية في اليمن.
وكان القيادي الجنوبي محمد علي أحمد، عاد إلى جنوب اليمن قبل أشهر، وانهمك في زيارات ميدانية لمختلف مناطق الجنوب، عقد خلالها عشرات اللقاءات مع قوى الحراك الجنوبي، وصولاً إلى تشكيل لجنة تحضيرية أعدت لانعقاد هذا المؤتمر الذي يشارك فيه قرابة 1500 مندوب من مختلف مناطق الجنوب.
من جانبها رفضت المعارضة الجنوبية الموالية للبيض وباعوم (المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب) الاستجابة لدعوات محمد علي أحمد، وأصدرت بياناً أعلنت فيه المقاطعة، واصفة مساعي أحمد، بـ"المشروع الانهزامي والمتسرع والمنقوص"، وقال بيانها الذي حصل "العرب اليوم" على نسخة منه إنَّها" تتابع بدقة ومسؤولية وطنية ذلك العمل السياسي المتسارع والمحموم الذي تقوم به قوى سياسية جنوبية وإقليمية ودولية من لقاءات ومؤتمرات ونشاط إعلامي بهدف إثناء الشعب الجنوبي وقواه السياسية الحية والمعبرة عن تطلعات هذا الشعب في التحرير والاستقلال".
وأضافت أنَّها ترفض "الانجرار وراء هذه المشاريع الانهزامية التي تستهدف قضية شعب الجنوب" واصفةً إياها بـ" المشاريع المنقوصة" التي قال البيان إنَّها "محاولة للالتفاف على قضية شعب الجنوب المتمثلة بالتحرير والاستقلال وشرعية الرئيس المناضل علي سالم البيض"، مشيرةً إلى أنَّ مساعي محمد علي أحمد تهدف للمشاركة في الحوار الوطني اليمن، مؤكدةً أنَّه حوار لا يعني، على حد قولها، شعب الجنوب في شيء، داعية إلى مقاطعة المؤتمر المنعقد حالياً في عدن.
في السياق ذاته، ذكرت المصادر التي حضرت افتتاح المؤتمر الجنوبي، أنَّ المئات من أنصار الحراك الجنوبي المعارضين للمؤتمر، قاموا بحصار الفندق الذي أقيم فيه حفل الافتتاح، وتمكنوا من اقتحامه بعد مصادمات مع الأمن اليمني، ورفعوا فوقه علم دولة ماكان يعرف بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" مرددين هتافات تؤكد على الاستقلال، ورفض ما أسموه "الاحتلال الشمالي".
وفي حين حضرت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شخصيات من الأحزاب اليمنية الرسمية، بعث حزب الإصلاح الإسلامي في عدن (كبرى مدن الجنوب) ببرقية تمنى فيها نجاح المؤتمر، بما يمكنه من تشكيل إضافة داعمة تخدم القضية الجنوبية، وتؤدي إلى حلول عادلة لها في إطار "اليمن الجديد"، في إشارة من الحزب، لتأكيد موقفه الرسمي الرافض لكل مشاريع الحراك الجنوبي الساعية للانفصال عن الشمال اليمني.
أرسل تعليقك