بعض مظاهر العنف في الشارع المصري
القاهرة ـ سمر سلامة
رأى محللون سياسيون، أن "عودة الجماعات الإسلامية والحركات الجهادية والتكفيرية إلى الظهور مرة أخرى في مصر بعد ثورة 25 يناير، والتي شهدت هروب عدد كبير من المنتمين إلى التيار الإسلامي المسجونين تطبيقًا لأحكام قضائية، أثارت الكثير من التخوفات، وبخاصة بعد أن قام المجلس العسكري، بالإفراج عن عدد كبير
من رموز الجهاديين، بدعوى أنهم تعرضوا إلى ظلم كبير في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأن الثورة تجب ما قبلها"، فيما نفت "الجماعة الإسلامية" نيتها العودة مرة أخرى إلى العنف"، معترفة بأنها "أخطأت عندما اتخذت العنف منهجًا في السابق".
وقال المحللون إن "بعض هؤلاء المفرج عنهم، قد تم القبض عليهم منذ 15 عامًا، وتحديدًا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 1997، حيث آخر حادثة إرهابية قامت بها مجموعة تابعة لتنظيم (الجهاد المصري)، عندما قتلت 44 سائحًا سويسريًا في معبد حتشبسوت في الجانب الشرقي من مدينة الأقصر (جنوب مصر)، وهو الحادث الذي أعقبته عملية مراجعة شاملة، قامت بها قيادات جماعتيْ (الجهاد والجماعة الإسلامية) في السجون، وانتهت إلى نبذ العنف والاقتصار على الدّعوة السلمية، وعادت تلك الوجوه التي اعتادت حمل السلاح، إلى الظهور من جديد متصدرة المشهد السياسي الحالي، في ظل حكم الرئيس محمد مرسي، الذى ينتمي إلى جماعة (الإخوان) المسلمين، من خلال أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات أهلية، لتعود مرة أخرى لممارسة عملها الدعوي من دون مضايقات، وقيادة تظاهرات حاشدة تطالب بتطبيق شرع الله يتخللها استخدام العنف مع المعارضين، مع تكفير المعارضين السياسيين كافة، وكان ذلك بالتزامن مع زيادة الحديث عن خلايا إرهابية واحتمالات في المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة مثل سيناء، والتهديد بالقيام بعمليات ضد المؤسسات الحيوية في الدولة، وهذا ما يفرض إشكالية ما إذا كان وجود رئيس ينتمي لتيار إسلامي مع زيادة تواجد تلك الأحزاب الإسلامية التي اتخذت لفترة طويلة من العنف منهجًا لها، فرصة لعودة العنف والإرهاب مرة أخرى إلى الشارع المصري".
وفي محاولة لقراءة المشهد السياسي المصري في المستقبل، قال رئيس حزب "التجمع" رفعت السعيد لـ"العرب اليوم"، إن "السلطات المصرية هي المسؤولة عن عودة العنف مرة أخرى إلى الشارع المصري من جانب عدد من (المتأسلمين)، فهي التي سمحت بعودة الكثير من المشاركين في الجهاد الأفغاني ممن كانوا مطلوبين لدى القضاء المصري، مع الإفراج عن قيادات (الجماعة الإسلامية) وتنظيم (الجهاد)، ممن استخدموا العنف ضد الأبرياء على مدار سنوات، ليصبحوا نجوم فضائيات"، مستشهدًا باحتفال الرئاسة بذكرى (انتصارات أكتوبر)، والذي شهد حضورًا بارزًا لقيادات الجماعتين، في غياب عدد كبير من القيادات العسكرية".
وأضاف السعيد، "إننا كتيار مدني كان لدينا تصورات مثالية إلى حد كبير، حيث كنا نعتقد أن الحالة الثورية التي كانت عليها مصر كفيلة بأن تستوعب هؤلاء وتدفعهم لنبذ العنف، وهو ما ثبت فشله مع أول اختبار، حيث لجأ هؤلاء لاستخدام العنف ضد المعتصمين السلميين أمام قصر الاتحادية، أو إرهاب المواطنين في لجان الاستفتاء على الدستور الإسلامي الجديد، وأن المشروع المقبل لدى الجماعات والتنظيمات الإسلامية هو أن تكون سيناء مشروعًا لإمارة إسلامية، لذلك تعدد هجوم هذه الجماعات على كمائن الشرطة في شمال سيناء (العريش والشيخ زويد)، والتي هددت الأمن القومي خلال الفترة الماضية، بعد فشل الدولة في مواجهة هذه الجماعات، وأن الدولة لجأت إلى الحوار معها، حيث أرسلت وفدًا بتكليف رئاسي يرأسه محمد غزلاني، أحد قيادات تنظيم (الجهاد) للتواصل مع هذه الجماعات في سيناء"، على حد قوله.
ورأى رئيس حزب "التجمع"، أن "مصر أصبحت على أعتاب دولة إسلامية تقودها جماعة (فاشية)، تعطي الحق لنفسها في إجبار المواطنين على سلوكيات بعينها وفرض النقاب على السيدات، وعدم السماح للرجل بالسير مع سيدة، أو منع الحفلات الغنائية، وقص شعر البنات غير المحجبات لتصبح مصر بين شقي الرحى، عنف مسلح أو عنف معنوي".
من ناحيته، نفى القيادي في "الجماعة الإسلامية" عاصم عبدالماجد، أن "يكون هناك اتجاه لدى قيادات الجماعة الإسلامية بالعودة مرة أخرى إلى العنف"، مؤكدًا أن "قيادات الجماعة أكدت في أكثر من مناسبة أنهم أخطأوا عندما اتخذوا العنف منهجًا، وأن ذلك كان له مبررات في وقته بعد قيام السلطة في ذلك الوقت باغتيال عدد من القيادات في أسيوط"، مشيرًا إلى أن "ذلك لن يثنيهم عن تطبيق شرع الله"، مضيفًا أن "نظام مبارك تعمد إقصاء الجماعات الإسلامية والجهادية من خلال فتح السجون والمعتقلات لأعضاءها، أو التعامل غير القانوني مع جماعة (الإخوان) المسلمين، ولا أكذب عندما أقول إن التيار الإسلامي هو أكثر من ناضل ضد نظام مبارك، وأكثر من عانى منه، وأن الجماعة الإسلامية وغيرها من التنظيمات والجماعات الأخرى واجب عليها ألا تصمت أمام اعتداءات (البلطجية) على بيوت الله أو على الشيوخ، ولكنها ستكون رد فعل وليس الفعل".
فيما قال الخبير السياسي والنائب البرلماني السابق الدكتور عمرو الشوبكي، إن "مستقبل الحركات الإسلامية سيظل مرتبطًا بعوامل داخلية عدة، تتعلق بمدى انفتاحها ومرونتها وقدرتها على التغلب على التحجر الفكري المتعلق بأيديولوجاتها، والتي لا تكاد تخلو منها أي حركة أو منظمة سياسية طال عليها الزمن، ومدى قدرتها على قبول الآخر والانفتاح عليه وقراءة الواقع ومقاربة هموم الشارع وطموحاته".
وأضاف الشوبكي، أنه "حتى الآن لم تستطع الجماعات الإسلامية والجهادية نبذ العنف من داخلها، ولا تزال ترى فيه حلاً لفرض هيمنتها ورأيها، وخير مثال على ذلك أحداث الاتحادية الأخيرة، والتي أثبتت أن التيار الإسلامي لم يمتلك المرونة للتعامل مع معارضيه رغم محاولات الإخوان المسلمين في مرحلة ما بعد ثورة يناير، احتواء كل التنظيمات الإسلامية تحت غطاء الجماعة والتقارب بجميع الخطوط مع الجماعات التي خرجت في يوم ما من تحت غطاء الإخوان لتعود مرة أخرى، وتضاف إلى القاعدة العريضة لها في الشارع المصري، وإحداث نوع من التقارب الظاهري بين كل الجماعات، حيث شاركت الإخوان في مؤتمرات عدة في أسيوط والقاهرة والمنيا احتفالاً بعودة الجماعة الإسلامية، إلا أن الجماعة لاتزال ترى العنف حلاً، وهو ما ظهر بشكل واضح في تصريحات العديد من قيادات الجماعة"، مختتمًا كلامه بالقول "إذا كان التيار الإسلامي يريد مستقبلاً أفضل لهذا الوطن، فعليه أن يُبدي المرونة الكافية للتعامل مع معارضيه".
أرسل تعليقك