نافتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي" ورئيس حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة التي جرت قبيل الانتخابات الإسرائيلية العامة، عن تصدر النزعة القومية اليمينية المتطرفة في إسرائيل لدى الكثير من الأحزاب، إلا أن يهود الشتات وبخاصة في الولايات المتحدة قد يتراجعون عن تلك النظرة المتطرفة، فيما رأى بعض المحللين أنه "على العالم أن يؤهل نفسه للتعامل مع
حكومة تنتهج سياسات يمينية عنصرية متطرفة، تكتب شهادة وفاة رسمية لفكرة حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وقالت الاستطلاعات التي تتكهن بنتائج الانتخابات المزمع إجراؤها في 22 من الشهر الجاري، إن الانتخابات المقبلة ستسفر عن حكومة يمكن أن تكون واحدة من أشد الحكومات ذات النزعة اليمينية في تاريخ إسرائيل، على نحو يفوق الحكومة اليمينية الحالية، وأن التحالف الذي يجمع حزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو، والحزب القومي المتطرف "إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، قد خسر عددًا من المقاعد لصالح حزب "البيت اليهودي"، صاحب النزعة القومية الغاية في التطرف، وأن أكثر التقديرات اعتدالاً تقول إن حزب "البيت اليهودي" سيحصل على المركز الثالث في سباق الأحزاب الكبرى في إسرائيل بعد الانتخابات المقبلة، وهو الحزب الذي سيصعب على نتنياهو تجاهله في الائتلاف الحكومي المقبل.
وذكرت صحيفة "غارديان" في تقرير لها، أنه "بإلقاء نظرة على حزب "البيت اليهودي" نجد أن زعيمه الحالي نافتالي بينيت هو ابن لأبوين أميركيين، كما أنه واحد من كبار دعاة الاستيطان في الضفة الغربية، وأنه يطالب فورًا بضم 60 في المائة من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وفي مناظرة تلفزيونية جرت العام 2010 استبعد وجود عضو فلسطيني في الكنيست مخاطبًا إياه بقوله (عندما كنت أنت طفلاً تتسلق الأشجار كانت لنا هنا دولة يهودية، نحن هنا قبلك منذ زمن طويل".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "مع افتراض عدم ضم بينيت إلى الائتلاف الحكومي، فإن نتنياهو سيظل على رأس حكومة ذات نزعة يمينية متشددة، كما أن القلة المعتدلين من أعضاء (الليكود) قد سقطوا خلال انتخابات الحزب الداخلية أمام أعضاء أكثر تشددًا مثل موشيه فيغلين، الذي أدلى بتصريحات إلى مجلة (نيويوركر) الأميركية قال فيها: إنك لا تستطيع أن تعلم القرد كيف يتحدث مثل البشر، ولا تستطيع أن تعلم العرب الديمقراطية، وإنك تتعامل مع ثقافة وحضارة لصوص وحرامية، وإن العربي يدمر أي شيء تصل إليه يده"، لافتة إلى أن فيغلين قد منع من دخول بريطانيا في العام 2008.
وأضافت "غارديان"، أن "أمثال دعاة هذه العنصرية الصريحة من المنتظر أن يحصلوا على مقاعد داخل الحكومة الإسرائيلية، على ما يبدو فإن مركز الثقل السياسي الإسرائيلي على وشك التحول نحو الجناح اليميني المتطرف العنصري، الذي يبدو كل من نتنياهو وليبرمان معتدلين بالمقارنة إلى هؤلاء، وأن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: ما الذي حدث ولماذا حدث؟ والإجابة التقليدية تقول إن الرأي العام الإسرائيلي فقد الثقة في البرامج السلمية التي كان يتبناها اليسار الإسرائيلي، بالإضافة إلى فشل محادثات "كامب ديفيد"، والتطورات التي أعقبت الانسحاب الإسرائيلي من غزة في العام 2005، وقيام (حماس) بإطلاق صورايخها على المدن الإسرائيلية، كل هذه العوامل كانت سببًا في انهيار فكرة الأرض مقابل السلام، وهناك من يقول في الشارع الإسرائيلي: لقد أعطيناهم الأرض فأعطونا الحرب، إلا أن هذا التفسير التقليدي لا يفسر تمامًا هذا الميل في الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف، الذي كان يوصف يومًا ما بالمعتوه والطائش، وربما يقع اللوم على كل من اليسار الإسرائيلي والزعماء الفلسطينيين والمجتمع الدولي، فمنذ مقتل إسحاق رابين قبل عشرين عامًا واليسار الإسرائيلي عاجز عن تحقيق أي تقدم نحو رؤية معتدلة ديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي، تقبل باندماج الفلسطينيين الذين يعيشون في حدود ما قبل 1967 ضمن دولة إسرائيل، ويجسد حزب (العمل) الإسرائيلي هذه المشكلة، حيث يتزعمه شخص يرفض في الأساس مناقشة المسألة الفلسطينية، ويركز فقط على المشاكل الداخلية لإسرائيل، لقد أحدث يسار الوسط الإسرائيلي فراغًا استطاع اليمين الإسرائيلي أن يملأه".
أما عن الفلسطينيين، فيقول المحلل دانيال ليفي، إنهم "فشلوا في القيام بالدور الذي سبق وأن قام به حزب (المؤتمر الوطني الأفريقي) في جنوب أفريقيا، الذي كان يمكن أن يشكل تحديًا للخطاب الإسرائيلي، الأمر الذي دفع بالرأي العام الإسرائيلي إلى إعادة النظر والتفكير من جديد، أما المجتمع الدولي فقد ترك سياسة الأمر الواقع تفرض نفسها، وفي استطاعة الناخب الإسرائيلي أن يضع حزب (البيت اليهودي) داخل الحكومة الإسرائيلية، من دون خوف من أي نتائج، فقد مر 20 عامًا لم تجبر فيها الولايات المتحدة إسرائيل على دفع ثمن حقيقي للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وكانت أميركا في عهد بوش قد سبق وأن هددت قبل عشرين عامًا بسحب ضمانات القروض، وهو التهديد الذي دفع بالناخب الإسرائيلي لرفض الليكود، والدفع برابين رئيسًا للحكومة الإسرائيلية آنذاك".
وأضاف المحلل ليفي "على العالم أن يؤهل نفسه للتعامل مع حكومة تنتهج سياسات يمينية عنصرية متطرفة، ووفاة رسمية لفكرة حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، لكنه توقع أن "تكشف المرحلة المقبلة عن حالة من الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي، حيث سيكشف اليمين الإسرائيلي عن وجهه الحقيقي، ويتجرد من ورقة التوت التي تخفي عوراته، كما أن يهود الشتات خارج إسرائيل وبخاصة في الولايات المتحدة سينفرون منه، وعلى الرغم من ارتباط اليهود الأميركيين العميق بإسرائيل، إلا أنهم يميلون أيضًا إلى التوجهات الليبرالية، مع قدر عالٍ من العدالة الاجتماعية، ومن الصعب على هؤلاء ابتلاع أفكار فيغلين وبينيت، وهناك من يتساءل عن ما إذا كان العام 2013 سيشهد تخلي اليهود الأميركيين عن إسرائيل؟ والإجابة أنهم لن يتخلوا عن إسرائيل، ولكنهم بالتأكيد سينفرون من الفكر السياسي لهذا المعسكر المفرط في اليمينية، فإسرائيل بفكر فيغلين ليست هي إسرائيل التي تعلموا على يد آبائهم أن يحبوها".
وتشهد الفترة الحالية تحولات في هذا الشأن، حيث دعا كل من توم فريدمان وجيفري غولدبيرغ وهما من مؤيدي إسرائيل إلى التقدم نحو ترشيح تشوك هاجيل الذي لا يحب إسرائيل لتولي منصب وزير الدفاع الأميركي، وفي حالة تصويت الناخب الإسرائيلي لهؤلاء الذين يحتقرون السلام والديمقراطية، ولهؤلاء الذين يضعون إسرائيل على طريق الدمار، فإنهم سيكتشفون يومًا ما أن حجر الأساس الذي يدعمهم قد تشقق وانهار تحت أقدامهم.
أرسل تعليقك