عدد من عناصر القوات العسكرية
واشنطن ـ يوسف مكي
يُثير مسؤولون في الإدارة الأميركية للمرة الأولى احتمال انسحاب أميركي كامل من أفغانستان، وذلك عشية وصول الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إلى واشنطن في زيارة تستغرق ثلاثة أيام لإجراء مباحثات بشأن العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الولايات المتحدة وأفغانستان.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن روديس
أنَّ البيت الأبيض بات على استعداد لمناقشة كافة الخيارات المتاحة حول مستوى حجم القوات الأميركية في أفغانستان بعد عام 2014 بما في ذلك "الخيار صفر" إذا ما تطلبت الأمور.
ويلتقي كرزاي، أوباما، الجمعة المقبل، في أول اجتماع له مع الرئيس الأميركي وجها لوجه منذ قمة الناتو التي جرت، صيف العام الماضي في شيكاغو، وذلك بعد فترة قصيرة من قيام الرئيسين بالتوقيع على اتفاقية إطار عمل استراتيجي على المدى البعيد بين البلدين.
وتلتزم الولايات المتحدة بموجب هذه الاتفاقية بسحب أغلب قواتها العسكرية المتواجدة حاليًا في أفغانستان والبالغ قوامها 68 ألف جندي بحلول نهاية العام القادم، ولم يتقرر حجم القوات التي سوف تبقي في أفغانستان، كما لم يتحدد بعد أيضًا مدى الحصانة التي سوف تتمتع بها القوات الأميركية أثناء عملياتها في أفغانستان خلال مرحلة ما بعد 2014.
ويقول نائب مساعد أوباما ومنسق البيت الأبيض لشؤون جنوب آسيا دوغ لوت، أنَّ المحادثات بين الحكومتين الأفغانية والأميركية لم تكن تهدف إلى إبقاء عدد معين من القوات الأميركية في أفغانستان.
وقال بن روديس أنَّ العدد النهائي سوف يكون أقل بكثير عن العدد الحالي الموجود في أفغانستان. وأضاف قائلًا إنَّ المناقشات لن تدور حول الأعداد وإنَّما حول المهمات والصلاحيات الممنوحة.
وردًا على سؤال عما إذا كانت الخيارات المطروحة للنقاش تتضمن الخيار صفر أي الإنسحاب الأميركي الكامل من أفغانستان قال أنَّ هذا الخيار مطروحًا للنظر فيه. كما قال "إنَّنا لن نستبعد أي خيار كما أنَّنا لا يحكمنا عدد معين للقوات الأميركية في إفغانستان".
وقال البيت الأبيض أنَّه من غير المتوقع أن تسفر أي من زيارة كرزاي هذا الأسبوع عن اتفاقيات أو قرارات محددة ، وقال أيضًا أنَّ الوقت بات مناسبًا لكلا الرئيسين للجلوس معًا والتشاور قبل خفض عدد القوات الأميركية وقبل الانتخابات الأفغانية المقرر إجراؤها في أبريل نيسان 2014 .
يذكر أنَّه ووفقًا لاتفاقية إطار العمل الاستراتيجي المبرمة خلال العام الماضي ، فإنَّ الولايات المتحدة قد تحتفظ ببعض قواتها لتدريب القوات الأفغانية ومواصلة الحرب ضد خلايا تنظيم القاعدة.
وأوصى القائد الأميركي لقوات الناتو في أفغانستان الجنرال جون آلين بالإحتفاظ بعدد يتراوح ما بين 6 إلى 15 ألف في البلاد بعد عام 2014.
ونسبت مصادر صحافية إلى مصدر رسمي أميركي رفض ذكر اسمه أنَّ البيت الأبيض يقترح أن يكون العدد ما بين 3 إلى 9 آلاف جندي.
بينما يقال بأن الزعيم الأفغاني يرغب في إنهاء العمليات العسكرية الأميركية في القرى الأفغانية كما يرغب في الحماية من المليشيات العسكرية المتواجدة عبر الحدود الأفغانية الباكستانية.
وسوف يعتمد العدد النهائي للقوات الأميركية في أفغانستان بعد 2014 على مدى القوة التي يتمتع بها تنظيم القاعدة وأنصاره في البلاد، وعلى مدى تقدم وتطور قوات الأمن الأفغانية ومدى الحماية التي يمكن أن توفرها الحكومة الأفغانية للقوات الأميركية، ويتطلب حسم هذه النقطة الأخيرة من خلال المفاوضات قبل تشرين الثاني / نوفمبر من هذا العام.
ويقول لوت "أعتقد أنَّ الجانبين سوف يجريان مناقشات صريحة حول نوع الحصانة التي يمكن أن تتضمنها الاتفاقية الأمنية".
كما يرغب كرزاي أن تقوم الولايات المتحدة بتوفير طائرات مروحية وأسلحة ثقيلة وغيرها من المعدات العسكرية المتقدمة للجيش الأفغاني بالإضافة إلى مقاتلات حربية للقوات الجوية الأفغانية. كما يرغب أيضا في أن يتم توجيه المساعدات الإنسانية ومساعدات إعادة الإعمار إلى الحكومة الأفغانية وليس عن طريق وكالات المعونة الغربية.
وتتهم كابول، الولايات المتحدة بدعم الفساد في أفغانستان من خلال التمويل المباشر إلى لوردات الحرب.
ومن المنتظر أيضا أن يفتح المسؤولون في البلدين مسألة محادثات السلام المتقطعة بين حركة طالبان وبين الحكومة الأفغانية.
وقد تعزز مستقبل هذه المحادثات بعد قيام باكستان مؤخرًا بالإفراج عن عدد من زعماء طالبان الذين كانوا معتقلين في السجون الباكستانية وكان آخرهم ثمانية ليلة رأس السنة، وذلك في أعقاب التحسن الذي شهدته العلاقات الباكستانية الأفغانية التي تشكل عاملًا حاسمًا وهامًا نحو الأمل في إبرام اتفاقية سلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان.
كما تعززت تلك الآمال أيضًا بعد الاجتماع الذي شهدته فرنسا بين طالبان ومجلس السلام الأفغاني خلال الشهر الماضي والذي وصفته الولايات المتحدة بأنَّه "واعد ومبشر". وكانت طالبان قد استبعدت إجراء محادثات مباشرة مع حكومة كرزاي حيث ترغب في التفاوض مع الحكومة الأميركية، بينما تقول الولايات المتحدة أنَّه يتوجب على طالبان أن تتحدث إلى الحكومة الأفغانية.
وفي هذا السياق يقول لوت "الآن بات الطريق أكثر وضوحًا أمام مباحثات السلام التي تشرف عليها أفغانستان مقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي وأعتقد بأنَّ هذه المسألة سوف يتم مناقشتها".
وسوف يلتقي الرئيس الأفغاني الخميس مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي عادت لاستئناف عملها بعد علاجها من جلطة دموية، كما سيلتقي أيضا بوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا.
ويعتزم كرزاي إلقاء خطاب في جامعة جورج تاون في واشنطن. ومن المنتظر أن يزور كرزاي، حليفه رئيس وكالة الأمن الداخلي الأفغانية أسد الله خالد، الذي يتلقى علاجًا في الولايات المتحدة بعد إصابته إثر محاولة اغتياله على يد حركة طالبان في كابون الشهر الماضي.
أرسل تعليقك