عناصر مسلحة من الجماعات الإسلامية في مالي
بامكو ـ نادر الأسعد
وصلت القوات الفرنسية إلى مالي وسط تصعيد للجهود الدولية للتدخل في البلاد الواقعة تحت تهديد الجماعات الإسلامية التي تحاول السيطرة على المنطقة الشمالية من صحراء مالي. وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن "القوات الفرنسية وصلت إلى مالي لدعم القوات المالية على أرض المعركة مع الميليشيات الإسلامية
، وأنها ستستمر في العمليات العسكرية طالما كانت هناك ضرورة لذلك". وأكد أن "البرلمان سيجتمع الإثنين المقبل للبحث في هذا الشأن ومتابعة عمليات القوات الفرنسية في مالي".
وكان مسؤولً في الخارجية الفرنسية قد حذر الرعايا الفرنسيين من الاستمرار في الوجود في مالي، نظرًا للأوضاع الأمنية غير المستقرة.كما نقلت وسائل الإعلام الفرنسية عن أحد المسؤولين الماليين أن "القوات الفرنسية باتت موجودة على أرض مالي بالفعل، تحديدًا في مدينة سيفاري".
وفي الوقت نفسه، ذكر عبد الرحمن بابي أن "القوات الفرنسية نزلت بالفعل إلى أرض مالي، إلا أنه رفض الإفصاح عن أي من التفاصيل الخاصة في كيفية وصول تلك القوات أو أعدادها". وأكد بابي ان السكان المحليين شاهدوا قوات عسكرية غربية يتم إنزالها إلى الأراضي المالية وأن الطائرات التي أقلتها شوهدت وهي تهبط وتقلع من مالي.
واوضح هولاند في إطار حديث وجهه إلى الدبلوماسيين الفرنسيين أنه "بإمكان فرنسا وقف تقدم الإرهاب إذا استمر الوضع على ذلك وأنه قرر أن تستجيب فرنسا مع شركائها الإفريقيين إلى طلب السلطات المالية على أن يكون ما تقوم به بلاده من جهود في إطار قرار مجلس الأمن".
وذكر الرئيس الفرنسي أن "المتمردين يريدون أن يوجهوا ضربة قاصمة لوجود مالي، وهو ما لا يقبله المجتمع الدولي". وتجدر الإشارة إلى أن الخطاب شديد اللهجة الذي وجهه هولاند للإسلاميين في مالي، جاء في أعقاب طلب الرئيس المالي المحاصر يونكواندا تراوري المساعدة، وهو الرئيس الذي خضع لضغوط متزايدة لمقاومة سيطرة الإسلاميين على شمال البلاد، ما حمل الأمم المتحدة على طلب إرسال قوات دولية إلى مالي.
وكانت جماعة إسلامية تمت بصلة لتنظيم القاعدة قد أحكمت سيطرتها على شمال مالي منذ أن تخلى الجيش عن حملاته التي استهدفت الطوارق والمتمردين الإسلامين في أعقاب الانقلاب العسكري الذي قام يه الجيش في آذار/مارس الماضي. كما استولى المتمردون الخميس الماضي على مدينة كونا التي تبعد 40ميلًا عن المدينة الاستراتيجية والقاعدة العسكرية المهمة موبتي. ويصف المحللون الوضع في كونا بأنه معقد للغاية مع تواجد أفراد الجيش داخل المدينة وسيطرة المتمردين على المدينة.
وأضاف المحللون أن "الإسلاميين يسيطرون على كونا وينتشرون وسط المدنيين، وهو ما يجعل قتال الجيش لهم أمرًا صعبًا للغاية وفقًا لمصادر صحافية في باماكو على صلة بمصادر معلومات في الشمال"، كما شككت المصادر في التقارير التي تؤكد أن الجيش تمكن من استعادة السيطرة على مدينة دوينتزا في الجنوب بعد سيطرة الإسلاميين عليها. وكان من بين ما جاء في هذا السياق أن هناك بعض من عناصر الجيش متمركزين في مواقع استراتيجية في المدينة الجنوبية، إلا أنها ما زالت تحت سيطرة الإسلاميين.
وتعتبر تصريحات هولاند الراديكالية التي أدلى بها أخيرًا تخليًا صريحًا عن الاتفاقيات التي وقعتها فرنسا وغيرها من القوى الدولية فيما يتعلق بالتدريب والدعم اللوجستي لجيش مالي، وهي الاتفاقيات التي كانت تضع الكثير من المحددات على تلك الأنشطة.
بذلك تكون فرنسا، القوى الاستعمارية السابقة في مالي وغيرها من دول المنطقة الساحلية في إفريقيا ولديها مئات من القوات العسكرية في وسط وغرب إفريقيا، قد أنزلت قواتها في مالي في إطار تدخل عسكري في مستعمرتها السابقة، تلك الدولة الكائنة في وسط أفريقيا والتي تقع حكومتها تحت تهديد جماعات المتمردين.
كما مرر مجلس الأمن قرارًا يمهد الطريق أمام تدخل عسكري في مالي، إلا أن مبعوث الأمم المتحدة لمنطقة الساحل، رومانود بوردي، أكد أن "إرسال قوات لن يبدأ إلا في أيلول/ سبتمبر المقبل".
أرسل تعليقك