الرئيس السابق حسني مبارك
القاهرة ـ أكرم علي
أعدت "لجنة تقصي الحقائق"، في أحداث الثورة المصرية، ما أسمته "مشروع قانون العدالة الانتقالية"، الذي يحدد محاسبة المسؤولين عن جميع الجرائم، التي ارتكبت في عهد النظام السابق، وخلال الفترة الانتقالية حتى حزيران/يونيو 2012، مع انتهاء فترة حكم "المجلس العسكري" برئاسة المشير حسين
طنطاوي.وقد تلقى "العرب اليوم" نسخة من مشروع القانون الذي ينشره كاملاً، وفيما أكد خبراء، أن "هذا المشروع غير جائز ومخالف تماما لكل الدساتير والقوانين"، فيما أعتبره البعض "يحقق العدالة".وتقول المادة الأولى منه:" يقصد في المعاني المبينة(التالية) معنى كل مصطلح". والعدالة الانتقالية:" هي العدالة القائمة على حماية الثورة المصرية الوليدة في الفترة الانتقالية وضمن انتقال مصر من النظام الديكتاتوري إلى تأسيس دولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وفي ذات الوقت ضمان حصول المتهمين من النظام السابق على محاكمة عادلة ومنصفة وفقا لهذا القانون".
و"ضحايا النظام السابق" يقصد بهم " كل شخص أصيب بضرر فردي أو ضمن جماعة، سواء كان الضرر بدنيًا أو نفسيًا أو اقتصاديًا، عن طريق انتهاك حقوق الإنسان حتى لو كانت غير محرضة في القوانين الجنائية وذلك بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الفعل معلومًا أو مجهولا ويشمل مصطلح (الضحية) أيضًا الأشخاص حتى الدرجة الثانية من الأقارب الذين أصيبوا بضرر جراء الاعتداء على الضحية".وتلفت المادة الأولى من مشروع القانون إلى أن المقصود بمجرمي النظام السابق "كل شخص طبيعي تولى مناصب سياسية أو تنفيذية في أي من مؤسسات الدولة وشركائهم"، لافتة إلى أن "هيئة المحاسبة والعدالة" هي "المنوط بها تلقي البلاغات والشكاوى المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ أول تشرين الثاني/ نوفمبر 1981 و حتى تموز/يوليو 2012".
وقالت المادة الثانية: "تتلقى الهيئة البلاغات والشكاوى المتعلقة بالنظام الأساسي السابق منذ أول نوفمبر 1981م حتى نهاية يونيو 2012 في الجرائم الآتية: 1ـ "جرائم نهب الأموال العامة"، 2 ـ "جرائم الاعتداء على الأشخاص، سواء كان يشكل تعذيبًا أو استعمال قسوة أو احتجازًا بدون وجه حق".وتقول المادة الثالثة: "تتولى الهيئة تجميع المعلومات والوثائق حول مجرمي النظام السابق وتقديمها إلى جهة التحقيق وينتهي عملها بعد مرور سنتين على صدور هذا القانون". والمادة الرابعة: "يرأس الهيئة قاض على درجة رئيس استئناف ترشحه الجمعية العمومية لمحكمته ويعاونه عدد من الشخصيات العامة يختارهم وزير العدل، ويصدر قرار بتشكيلها من رئيس الجمهورية".
والمادة الخامسة: "ترسل الهيئة الملفات إلى نياية حماية الثورة لاتخاذ شؤونها، ويكون لهذه الهيئة مقار في القاهرة وعواصم المحافظات وتزود بوسائل الاتصال المناسبة"، فيما تقول المادة السادسة: "تضمن الهيئة نظامًا آمنًا لحماية الشهود والامتناع عن طرح بياناتهم للتداول العلني وقصر الإطلاع عليها على القضاء والنيابة العامة أو جهة التحقيق".وتحت عنوان "الباب الثالث محاكم الثورة"، قالت المادة السابعة:" تشكل الجمعيات العمومية للمحاكم الابتدائية أو الاستئنافية دوائر خاصة لنظر دعاوى العدالة الانتقالية تختص تلك المحكمة بمحاكمة المسؤولين في النظام السابق البائد والذين يصدر قرار بإحالته للمحاكمة بقرار من قضاة التحقيق في هيئة المحاسبة والعدالة سالفة الذكر. وتشكل تلك المحكمة من القضاة الطبيعيين والذين يصدر قرار بتعيينهم من المجلس الأعلى للقضاء بعد انتخابهم من الجمعية العمومية لقضاة محاكم الاستئناف".
وفي شأن "الإجراءات الواجب إتباعها للمتهمين من مجرمي النظام السابق"، قال مشروع القانون:"يتمتع المتهمين والمحالين للمحكمة والمحكوم عليهم بالمعاملة الإنسانية التي تحفظ كرامته وتحميهم من التعذيب أو انتزاع الاعتراف، كما يتمتع هؤلاء الأشخاص بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة والمنصوص عليها في القوانين المصرية، وكذلك في الاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة"، موضحًا أن لهم على وجه الخصوص مراعاة الضمانات الآتية:
ـ "لا يتم أي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ولا يتخذ أي تدبير يمس حقوق الإنسان التي يتمتع بها أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن إلا إذا كان ذلك بأمر من سلطة قضائية أو سلطة أخرى أو كان خاضعًا لرقابتها الفعلية".
ـ "لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن أو التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، ولا يجوز الاحتجاج بأي ظرف كمبرر للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة".
وأكد مشروع القانون، أنه "يحق للشخص المحتجز أو المسجون أو لمحاميه تقديم طلب أو شكوى بشأن معاملته، لاسيما في حالة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة إلى السلطات المسؤولة عن إدارة مكان الاحتجاز وإلى السلطات الأعلى وعند الإقصاء إلى السلطات المناسبة المنوط بها صلاحيات المراجعة أو الاتصاف".وأشار إلى أنه "في الحالات التي لا يكون فيها الشخص المحتجز أو المسجون أو محاموه قادرًا على ممارسة حقوقه المقررة في الفقرة 1، يجوز لأي أفراد أسرة الشخص المحتجز أو المسجون أو لأي شخص آخر على معرفة بالقضية أن يمارس هذه الحقوق"، فيما أضاف:" ويحتفظ بسرية الطلب أو الشكوى إذا طلب الشاكي ذلك، ويبت على وجه السرعة في كل طلب أو شكوى ويرد عليه أو عليها دون تأخير لا مبرر له، وفي حالة رفض الطلب أو الشكوى أو وقوع تأخير مفرط يحق للشاكي عرض ذلك على سلطة قضائية أو سلطة أخرى، ولا يتعرض المحتجز أو المسجون أو أي شاك بموجب الفقرة 1 إلى الضرر نتيجة لتقديمه طلبا أو شكوى كما يحق لمحكمة جنايات الثورة الحكم بعقوبة العزل السياسي المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية على مجرمي النظام البائد.
الباب الرابع "المجلس القومي لرعاية الضحايا وأسرهم"
وقال المشروع:" تتولى الهيئة حصر المستحقين من الضحايا للتعويضات على ضوء ما يصدر من أحكام محاكم الثورة، وتخصص جميع أموال الغرامات والمصادرات التي تحكم بها المحاكم المختصة ضد مجرمي النظام السابق لصرف التعويضات وتستكمل من الخزانة العامة عند اللزوم"، لافتًا إلى تعديل "اسم المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء، ومصابي ثورة 25 يناير"، إلى "المجلس القومي لرعاية ضحايا النظام السابق وأسرهم".وفي المادة التاسعة من مشروع القانون جاء: تعتمد تلك الهيئة على ثلاثة مبادئ، وهي التعويض ورد الحق (الرعاية والمساعدة) على النحو التالي:
بالنسبة لـ"التعويض، تضع اللائحة نظامًا لتقدير مبلغ التعويض المناسب لكل حالة تجبر الضرر دون تحقيق إثراء بلا سبب". وفي "رد الحق.. ينبغي أن يدفع المجرمون تعويضًا عادلاً للضحايا أو لأسرهم، وينبغي أن يشمل هذا التعويض إعادة الممتلكات ومبلغًا لجبر ما وقع من ضرر أو خسارة، ودفع النفقات المتكبدة نتيجة الإيذاء وتقديم الخدمات ورد الحقوق"، مشيرًا إلى أن "توفر الهيئة للضحايا وأسرهم ما يلزم من مساعدة مادية وطبية ونفسية واجتماعية من خلال الوسائل الحكومية والطوعية والمجتمعية وإتاحتها في صورة كريمة".
وجاء الباب الخامس تحت عنوان "أحكام عامة.. الفصل الأول، المبادئ الحاكمة للمجلس القومي وهيئة المحاسبة لحماية الثورة".
المادة العاشرة: "لا يجوز لأي شخص كان يتولى منصب تنفيذي بالدرجات القيادية في النظام السابق أن يشترك بأي شكل من الأشكال في عضوية أي من المجلس القومي أو هيئة المحاسبة".وتعتمد تلك الهيئات والمحاكم على "المعايير الدولية للمحاكمات العادلة والمنصفة، بما في ذلك الحق في الدفاع، وعلانية المحاكمات والحق في الاستئناف وغيرها من ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، وتعمل تلك الهيئات والمحاكم على تحقيق العدالة والمحاسبة للفترة من أول تشرين الثاني/ نوفمبر 1981 وحتى أخر حزيران /يونيو 2012".
وجاء الفصل الثالث من مشروع القانون تحت عنوان "الإجراءات التحفظية والاحترازية"، فيما قالت "المادة الحادية عشر: "لهيئة المحاسبة وللنيابة ومحاكم حماية الثورة إصدار قرارات بوقف بعض المتهمين عن العمل لمدة لا تزيد على ستة أشهر".
وقالت المادة الـ13: على أجهزة الدولة، خاصة التنفيذية أو الأمنية أو القضائية القيام بما يلي:
ـ "إتاحة كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات الموجودة في أجهزة الدولة المختلفة وخصوصا الأجهزة الأمنية والرقابة أو المعلومات التي يحتفظ بها الموظفون والمسؤولون
في الدولة لتلك الهيئات والمحاكم، والتي يطلبها الضحايا".
ـ "عدم التدخل في عمل تلك الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك الهيئة دون التدخل فيها".
ـ تقوم النيابة العامة بإحالة جميع القضايا الخاصة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلى نيابة أو محاكم حماية الثورة حسب التالي: "يخضع المجلس الثوري لرعاية الضحايا وأسرهم إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، ويعتمد المجلس الأعلى للقضاء تشكيل محاكم حماية الثورة التى يختارها أعضاء الجمعيات العمومية للمحاكم".
من ناحيتها، علقت مصادر قضائية على مشروع القانون لـ"العرب اليوم"، مؤكدة أنه "لا يجوز المحاكمة بأثر رجعي،وهو ما يطلق عليه عدم رجعية القانون".
وقال عضو نادي القضاة، المستشار محمد رفعت:"لا يمكن محاكمة أحد بموجب قانون إلا خلال العشر سنوات السابقة علي صدور القانون، وأن مشروع قانون العدالة الانتقالية الثورية الذي تقدمت بها لجنة تقصي الحقائق غير جائز ومخالف تماما لكل الدساتير والقوانين"، داعيًا إلى "ضرورة احترام دولة القانون، وترك الأهواء والشخصنة والمصالح أثناء وضع تشريعات البلاد".وقال رئيس "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" حافظ أبو سعدة، إن "مشروع القانون سوف يجلب حقوق الشهداء وحق المصريين جميعًا في ما ارتكب بهم من جرائم عدة طوال العهد السابق"، مشيرا إلى أن "تنفيذ القانون سوف يأخذ بعض الوقت ولكنه سوف يحقق العدالة المطلوبة".
أرسل تعليقك