الرئيس الأسبق في جنوب اليمن على ناصر محمد (يمين) وقائد الحراك الجنوبي سالم البيض
صنعاء ـ علي ربيع
كشف الرئيس الأسبق في جنوب اليمن على ناصر محمد، عن جهود خليجية تبذل لعقد لقاء للقادة الجنوبيين في الخارج المطالبين بالانفصال عن شمال اليمن، لإقناعهم بالمشاركة في الحوار الوطني الشامل، الذي تعد له صنعاء، مؤكدًا أن البديل للحوار الوطني في بلاده هو "الفوضى والحرب الأهلية
وتحول اليمن إلى دويلات هزيلة"، مطالبًا النظام بالإقدام على خطوات إضافية للتمهيد للحوار، واستعادة ثقة الجنوبيين في الوحدة مع الشمال.
جاء ذلك في حديث له مع صحيفة أسبوعية تابعة لوزارة الدفاع اليمنية، الخميس، أكد فيه أن نجاح الحوار الوطني المرتقب في بلاده، يتوقف على مدى نجاحه في معالجة القضية الجنوبية، وقضية صعدة، كما أبدى تخوفه من انعقاد الحوار في العاصمة صنعاء بسبب ضعف الجانب الأمني، وحوادث الاغتيالات، مطالبًا باستعادة الثقة بين حكومة الوفاق الوطني والمواطنين في الجنوب اليمني.
وكان على ناصر محمد، قد فر إلى شمال اليمن ومعه آلاف من قواته العسكرية ومناصريه، قبل أن ينتقل للإقامة خارج اليمن، بعد أحداث 13 كانون الثاني/يناير الدامية في العام 1986، بين جناحين في الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب آنذاك، أحدهما كان بزعامته، بينما كان الجناح الآخر بزعامة خصمه علي سالم البيض، الذي تولى عقب فرار ناصر، رئاسة اليمن الجنوبي، ليقوده للوحدة الاندماجية مع الشمال في 1990، قبل أن يعود ويتراجع عنها في 1994، ما أدى إلى نشوب حرب بين مؤيدي استمرار الوحدة بقيادة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وأنصار استعادة دولة الجنوب بقيادة البيض، حيث خسرها معسكر الأخير، ليلوذ بالفرار هو وأعوانه إلى خارج اليمن.
في السياق نفسه، تحدث على ناصر محمد، عن لقائه الأخير بغريمه السابق علي سالم البيض في بيروت، وكشف أنه ناقش معه جميع الخيارات المطروحة لحل القضية الجنوبية، وقال" كان اللقاء امتدادًا للقاءات سابقة، وقد حرصنا عليه من منطلق الحس الوطني والحفاظ على مصالح شعبنا، وتأكيدًا لمكسب تاريخي عظيم تحقق في 13 يناير 2006م وهو التصالح والتسامح، وقد جاءت الزيارة قبيل ذكراه بأيام وكان لقاءً وديًا وناقشنا فيه كل الخيارات، وأكدنا على أن تعرض كافة الأفكار التي طرحت على القيادات الجنوبية في الداخل والخارج، القرار في الأخير يعود للشعب في الجنوب فهو مرجعيتنا جميعًا"
وردًا على سؤال طرحته صحيفة الجيش اليمني حول ما إذا كانت المعارضة الجنوبية في الخارج ستشارك في مؤتمر الحوار الوطني، قال علي ناصر محمد "إن نجاح الحوار يتوقف على معالجة القضية الجنوبية وبقية القضايا الأخرى، "وإذا لم تتخذ معالجات عاجلة وسريعة، فإن ذلك لن يساعد على نجاح الحوار الوطني"، مضيفًا أن هناك "أزمة ثقة بين الحراك والنظام"، وأن "المواطن لم يلمس بوادر إيجابية من قبل حكومة الوفاق".
وبخصوص ما إذا كان لقاؤه الأخير مع علي سالم البيض في بيروت كان لغرض بحث"فك الارتباط" عن شمال اليمن، أو الاتفاق على خيار الفدرالية ، قال" ناقشنا كل الخيارات، وتبقى المرجعية للشعب في الجنوب، وأكدنا على أهمية عقد لقاء جنوبي– جنوبي يؤسس لمرجعية سياسية، رؤية جامعة تضمن للشعب أن يقرر مصيره بالطريقة التي يراها ملائمة لحاضره ومستقبله بدون وصاية من طرف محلي أو خارجي".
وفيما كشف عن جهود خليجية لإقامة مؤتمر للقيادات الجنوبية في الخارج لإقناعها بالمشاركة في الحوار، أكد ناصر أنه لم يتحدد موعده بعد، لافتًا إلى تواصله مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، في الوقت الذي أشار محمد، ضمنيًا إلى عدم وجود ما يمنعه من رئاسة مؤتمر الحوار الوطني إذا طلب منه ذلك، قال "المشكلة ليست في من يرأس مؤتمر الحوار الوطني، بل المشكلة هي في عدم جدية السلطة في حل المشاكل التي تسهل مهمة المشاركة في الحوار الوطني سواء كانت على مستوى قضية الجنوب أو صعدة أو تعز وبعد ذلك لكل حادث حديث".
وكانت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن قد خصصت 50 % من مقاعد المؤتمر لأبناء المحافظات الجنوبية في مسعى لإرضاء فصائل في الحراك الجنوبي التي أعلنت بعضها المشاركة فيه، بينما ما تزال أخرى يقودها علي سالم البيض والقيادي البارز حسن باعوم متمسكة بخيار انفصال جنوب اليمن.
وفي حين أكد الرئيس الأسبق في جنوب اليمن، أنه يعول على الحوار الوطني في حل مشاكل البلاد، قال" ولكننا في القدر ذاته لا نريده مجتزأ ومنقوصًا وغير مستوعب لشروط نجاحه ففشل الحوار سيشكل أزمة قائمة بذاتها تضاف إلى الأزمات المتعاظمة على كل صعيد"، وأضاف أن البديل للحوار في حال فشله في اليمن "هو الفوضى والتشرد والحرب الأهلية وتحويل اليمن إلى دويلات أو كيانات هزيلة".
ويأتي حديث علي ناصر محمد، في ظل جهود مكثفة يبذلها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في سياق إنجاح المرحلة الانتقالية في بلاده، والتحضير لمؤتمر حوار وطني شامل يعالج الملفات اليمنية الشائكة، بما فيها النزعة الانفصالية في الجنوب والتمرد الشيعي في الشمال، في إطار ما نصت عليه بنود التسوية السياسية، في اليمن، التي تخلى بموجبها الرئيس اليمني السابق عن السلطة، ليتولاها هادي خلفًا له.
وكان الرئيس هادي قد اتخذ منذ توليه السلطة في شباط/فبراير 2011، قرارات رئاسية في سياق توحيد الجيش، وإقالة أقارب سلفه صالح والموالين له من مفاصل الدولة العسكرية والأمنية، إلى جانب تشكيله لجنة فنية للتحضير للحوار الوطني الشامل، ولجنتين أخريين لمعالجة مظالم الجنوبيين من المدنيين والعسكريين الذين تم إقصاؤهم من وظائفهم، عقب حرب 1994، وحل المشاكل بشأن الأراضي في الجنوب، والتي استولى عليها نافذون عسكريون ومدنيون في عهد سلفه صالح.
أرسل تعليقك