المباحثات الأمنية بين السودان ودولة الجنوب في أديس أبابا
الخرطوم - عبد القيوم عاشميق
اتفق وزير الدفاع السوداني الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين، ونظيره في دولة جنوب السودان جون كونق نون على استئناف الحوار بينهما عبر اللجنة السياسية الأمنية المشتركة في أديس أبابا يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بمشاركة رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثابو أمبيكي، الذي يقود فريق الوساطة
الأفريقية لتقريب وجهات النظر المتباعدة بين البلدين، وطلب السودان والجنوب تدخل الاتحاد الأفريقي للمساعدة في التوصل إلى تفاصيل سحب مقترح للقوات من المنطقة الحدودية المتنازع عليها بين البلدين.
واعتبر البعض ماحدث نتيجة طبيعية لمفاوضات بدأت منذ أسبوع وعجزت في التوصل إلى اتفاق بخصوص كيفية سحب جيشي البلدين، وقال حسين في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير دفاع دولة الجنوب، إنهما أجريا لقاءً مطولاً انضم إليه ممثل الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان هايلي منكريوس، وممثل الآلية الأفريقية، حيث بحثوا القضايا ذات الصلة باتفاقيات التعاون الموقعة في أديس أبابا بين الدولتين.
وأضاف الوزير السوداني: "اتفقنا على عقد اجتماع قادم بيننا في أديس أبابا في 15 كانون الثاني/ ديسمبر الجاري، لمواصلة الحوار حول تنفيذ هذه الاتفاقيات"، فيما أشار وزير دفاع دولة جنوب السودان جون كونق نون، إلى أن الاجتماع الثالث للجنة السياسية الأمنية المشتركة ركز على كيفية تنفيذ بند الترتيبات الأمنية المتفق عليها في أديس أبابا.
ونوّه إلى اتفاق الطرفين لنقل المفاوضات إلى أديس أبابا تحت رعاية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبيكي لمناقشة القضايا العالقة.
وكانت جولة جوبا قد فشلت في الاتفاق على وضع أجندة للحوار بين البلدين، ولم تختلف عنها اجتماعات الخرطوم، فقد ظلت اللجان الفنية تعكف منذ أسبوع تقريبا على وضع أجندة للاجتماع، لكن بعض التسريبات كانت قد تحدثت عن تخلف قادة الجيش الشعبي لجنوب السودان عن المشاركة في اجتماعات الخرطوم.
وقال الصحافي الهادي أحمد العوض لـ"العرب اليوم"، إن الإعلان عن جولة في أديس أبابا يعني أن خلافا عميقا برز ويستدعي تجاوزه تدخل فريق الوساطة الأفريقية من جديد، لأن الوفدين يبدو أنهما في حاجة إلى اطار زمني جديد من مجلس السلم والأمن الأفريقي، والمدخل لتحقيقه يمر عبر فريق الوساطة المكلف دائما بإعداد تقرير مفصل عن كل جولة مفاوضات، وإلى جانب ذلك ما زال فقدان الثقة المتبادل بين الطرفين يشكل عائقا أساسيا لتحريك ملف الترتيبات الأمنية، ولكن يبدو هذه المرة أن وفد السودان في المحادثات مع الجنوب كان الأكثر تشددا، إذ تمسك بمطالبته بإبراز الوثائق والكشوفات التي تؤكد أن جوبا فكت الارتباط مع الحركة الشعبية قطاع الشمال الذي يقود الحرب ضد الحكومة السودانية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
إلى ذلك وفي تعليق له على ما انتهت إليه الاجتماعات، أوضح الخبير في الشأن الأفريقي الدكتور عبد الملك النعيم لـ"العرب اليوم"، أن "إرجاع المحادثات الخاصة باللجنة الأمنية إلى أديس أبابا، حيث وُقع الاتفاق بين الدولتين، ليست إشارة إيجابية لأن توقيع الاتفاق شهده الرئيسان وكلفت الآلية الأفريقية بمتابعة إنفاذه، وحسب الاتفاق، من المفترض أن تعقد الاجتماعات في جوبا والخرطوم باعتبار أن الشان أصبح يخص الدولتين".
وأشار النعيم إلى أن الاجتماع الأول في جوبا فشل للأسف حتى في الاتفاق على البنود التي سيتم النقاش بشأنها، وفشل الاجتماع الثاني في الخرطوم أيضا لنفس السبب، وسبق كل ذلك التأجيل لأكثر من شهر لموعد انعقاد اجتماعات اللجنة، مشيرا إلى أن "نجاح اجتماعات أديس أبابا رهينا بأن تكون الآلية الأفريقية محايدة وليست منحازة كما هو الحال الآن، والشاهد على ذلك أنها وافقت على مقترح أمبيكي بخصوص منطقة أبيي المتنازع على تبعيتها بين الدولتين، بالإضافة إلى أن الآلية تعلم أن الجنوب يأوي عناصر الجبهة الثورية المتمردة كما أنها تعلم أيضا أن قيادات التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق يتبعون الجيش الشعبي في جنوب السودان تمويلا وقيادة وتدريبا وتوجيها".
لاحقًا، قال خبير عسكري رفض الكشف عن اسمه لـ"العرب اليوم"، "إن كنا نرغب في حل الخلاف مع الجنوب، علينا أولا أن نرتب بيتنا السوداني الداخلي، ومن ثم نتعامل كدولة مع جنوب السودان، بعد أن صار دولة"، مضيفا أن الصعوبات التي تحيط بتنفيذ الاتفاقيات مع الجنوب تعود إلى أن اتفاقية نيفاشا التي وقعت مع الجنوب في العام 2005 أغلفلت قضايا مهمة لتظهر نتائجها الآن، وشكك في قدرة الوساطة الأفريقية في إيجاد حلول لخلافات السودان والجنوب على الأقل في المدى القريب.
أرسل تعليقك