صورة لبهاء موسى مع عائلته
لندن ـ سليم كرم
أصيبت الأوساط البريطانية بصدمة مذهلة في أعقاب الحكم الصادر من محكمة طبية بريطانية بإدانة الطبيب البريطاني ديريك كيلوه بتهمة "التضليل والخداع" فيما يتعلق بمقتل المواطن العراقي الذي اعتقلته القوات البريطانية في مدينة البصرة والذي توفي بسبب التعذيب العام 2003.
وأشارت صحيفة "الغارديان"
البريطانية إلى "خيانة الطبيب لقسم أبقراط الذي أقسم عليه قبل مزاولته لمهنة الطب، والذي يلزمه بضمان رعاية مرضاه رعاية كاملة ولائقة على أكمل وجه، وهو ما فشل في الالتزام به في قضية المعتقلين العراقيين، الأمر الذي يعد بمثابة إهانة لمهنة الطب في بريطانيا".
وأضافت الصحيفة أنه "كان ينبغي ألا يقف الأمر عند إدانة الطبيب، وإنما أيضًا إلى الكشف عن هؤلاء المسؤولين عن قتل بهاء موسى العام 2003 ومحاكمتهم عما ارتكبوه من انتهاكات". وتشير الصحيفة إلى أن " الحقائق كافة التي استمعت إليها هيئة المحكمة المختصة بممارسات مهنة الطب في بريطانيا كانت متاحة منذ أوائل العام 2004 ، كما كان معروفًا بأن ادعاء الطبيب كيلوه بأنه لم يلحظ أي إصابات على جثة بهاء موسى سوى بعض الدم الجاف على أنفه، إنما كان محاولة منه لاستعادة مصداقيته التي فقدها، كما كان معروفًا أيضًا بأنه لم يتخذ الإجراءات الكفيلة كافة بالتأكد من الحالة الصحية لبقية المعتقلين العراقيين، وعلى الرغم من ذلك كله، لكن الطبيب كيلو لم يحاكم بعد بتهمة الإهمال في واجباته الطبية".
وأوضحت الصحيفة أنه "وعلى الرغم من أن نتائج التحقيق في قضية بهاء موسى قد خرجت منذ 15 شهرًا، لكنه لم يتم حتى الآن تحديد هوية الضباط والجنود البريطانيين سواء الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات والتصرفات العنيفة ضد بهاء موسى وتسعة آخرين من المعتقلين معه، أو هؤلاء الذين أهملوا واجباتهم".
وقد اكتشف رئيس لجنة التحقيق القضية، السير ويليام غاج، "قيام 18 جنديًا بإساءة معاملة المعتقلين"، كما أشار إلى "فشل قادتهم في متابعة تصرفاتهم بمن فيهم الكولونيل جورج ميندونكا، والعقيد سوس فرانكسين على نحو يضمن حسن معاملة المعتقلين العراقيين".
كما تعرض القس الأب بيتر مادين لانتقادات في تقرير غاج بسبب تقاعسه عن الإبلاغ بالانتهاكات. ولم يعاقب في القضية سوى الجندي دونالد باين بسبب الإصابات التي تعرض لها موسى، ولكن لم يتم معاقبة أحد في مقتله.
وأضافت الصحيفة أن "هذا العار ربما يكون أكبر، لأن القضية تكشف عن عجز المؤسسة القضائية في بريطانيا ولامبالاة الحكومة البريطانية عندما يتعلق الأمر بقضايا انتهاكات ارتكبتها القوات البريطانية في العراق".
وهناك فرصة لعلاج هذا القصور، إذ تقوم المحكمة العليا في بريطانيا مع مطلع العام المقبل بالنظر في دعاوى حول مئات الانتهاكات المشابهة لقضية بهاء موسى، والتي ارتكبها الجنود البريطانيون في العراق ضد المدنيين خلال الفترة من العام 2003 وحتى 2008. ولابد من تحديد مدى قانونية رفض الحكومة البريطانية إجراء تحقيق عام حول مزاعم الانتهاكات التي ارتكبها هؤلاء الجنود في العراق.
ولقد آن الأوان للتحقيق فيما يلطخ سمعة الجيش البريطاني والذي يبدو جليًا في قضية بهاء موسى، وستظل هذه السمعة ملوثة إلى أن يتم الانتهاء من هذا التحقيق، كما أن قرار المحكمة الطبية بإدانة الطبيب البريطاني، إنما هو عار على الحكومة البريطانية، لأنها لم تتخذ أي إجراء من جانبها منذ العام 2003 قبل قرار المحكمة.
أرسل تعليقك