عناصر من المعارضة السورية
لندن ـ سليم كرم
توجه ما يقرب من 250 ألف لاجئ سوري في الأردن خلال الأسابيع الأخيرة إلى خطوط المواجهة الأمامية، للانضمام إلى قوات المقاومة في سورية، حيث شجعهم على ذلك سلسلة الإخفاقات التي تتعرض لها الحكومة السورية في الوقت الراهن.ونسبت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إلى نشطاء سوريين ومصادر رسمية
أردنية قولهم بأن هؤلاء قد هجروا بيوتهم ومخيماتهم الآمنة في منطقة المفرق، وغيرها من المدن الأردنية الشمالية، من أجل الانضمام إلى المقاومة. وقالت مصادر أمنية أردنية رفضت الإشارة إلى اسمها أن ما يقرب من ثمانية آلاف سوري عبروا الحدود الأردنية إلى سورية خلال العشرة أيام الماضية وحدها.
وقال نشطاء سوريون في كل من سورية والأردن أن العودة المفاجئة لهؤلاء جاءت استجابة إلى دعوة لدعم وتعزير المقاومة، صدرت في أوائل كانون الأول/ديسمبر عن المجلس العسكري للمقاومة، وهو المظلة الرئيسية للمنشقين عن الجيش السوري. وأفاد هؤلاء النشطاء أيضًا أن الاستجابة الأقوى لهذه الدعوة جاءت من اللاجئين السوريين في الأردن، ومرجع ذلك إلى أن المليشيات المؤيدة للأسد في لبنان تمنع عودة مثل هؤلاء إلى سورية، كما أن العديد من السوريين في تركيا قد انضموا بالفعل إلى المقاومة في الشمال.
كذلك أشار أفراد من المقاومة السورية إلى أن الدعوة لمزيد من القوات جاءت في الوقت الذي تمر فيه قوات المعارضة بمرحلة حرجة وحاسمة في صراعها الطويل مع الحكومة، وفي ظل تقدمها الهجومي البطيء نحو قلب العاصمة دمشق، وقيامها بالسيطرة على عدد من القواعد العسكرية، ونجاحها في صد هجمات مضادة على معاقل المقاومة في حلب ودرعا والضواحي الريفية حول دمشق.
كما قال أبو هاني الداراوي، أحد مسؤولي التنسيق في "الجيش السوري الحر" والذي استقبلت كتائبه في درعا بعض المتطوعين السوريين العادئين من الأردن "الآن أصبحت الأردن المصدر الأول للطاقة البشرية اللازمة لقوات المقاومة". وأضاف "إننا الآن بصدد خوض المعارك النهائية من أجل سورية، وإننا بحاجة إلى كل سوري قادر على الانضمام إلينا".
وقد لقت الدعوة استجابة قوية في أوساط اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري القريب من منطقة المفرق في الأردن. وتقوم السلطات الأردنية الآن بتسهيل عملية إعادة اللاجئين إلى سورية، بمعدل 150 سوريًا ممن هم في سن التجنيد يوميًا. وقد صرح الشاب أحمد رفاعي أن المكاسب التي حققها "الجيش السوري الحر" في درعا دفعته وغيره إلى الانضمام إلى المقاومة، وقال أيضًا أن الجميع يشعر بأن أيام بشار الأخيرة باتت قريبة، وأنهم يرغبون في الاستمتاع بيوم التحرير، بوضع أقدامهم فوق أعناق الحكومة السورية، وليس الانكماش في مخيم لللاجئين.
كما أفاد نشطاء أن العائدين من الأردن يضمون مئات الأطباء والممرضين والمحامين والمهندسين، الذين يتطلعون لإعادة بناء سورية، حتى أثناء القتال، بينما يقول ممرض أنه هرب من بلدة دوما السورية بعد اضطهاد الحكومة له، لبسبب الاشتباه في قيامة بتضميد المتظاهرين، وأضاف أنه أمضى ستة أشهر في مخيم في مدينة المفرق الأردنية، وأنه كان يمضي وقته في رعاية المصابين وإعادة تأهيل المئات من جرحى المقاومة السورية، الذين جاءوا إلى الأردن للعلاج. كما قال بأنه عاد الآن إلى بلدته دوما، حيث قام "الجيش السوري الحر" بتعيينه رئيسًا ميدانيًا للتمريض في البلدة. وأضاف قائلاً عبر مكالمة هاتفية معه من دوما، أنهم كانوا في الأردن مجرد متفرجين.
وعلى الرغم من ترحيب المقاومة السورية بهؤلاء العائدين، إلا أن الدراوي يقلل من احتمالات قيام هؤلاء بإحداث تحولات جذرية في مسار الحرب، وذلك في ضوء عدم معرفتهم بالمهارات القتالية، كما أن هؤلاء بحاجة إلى تدريب وتأهيل لا يقل عن أسبوعين، للتأقلم مع أساليب وتكتيكات المقاومة الراهنة، وقد يحتاج الأمر إلى فترة شهر قبل أن يشاركوا بالفعل في القتال.
وكرر الدراوي مطالب المقاومة الدائمة، وهي أنهم بحاجة إلى مزيد من السلاح، وليس مزيد من الرجال، حتى يتمكنوا من التغلب على قوات الحكومة السورية. وفي الوقت الذي تغض فيه السلطات الأردنية الطرف عن العودة الجماعية عبر الحدود، إلا أنها تفرض قيودًا على عبور أي أسلحة، ولا تسمح للعائدين سوى بحمل أسلحتهم الشخصية، ومعداتهم الطبية، وتحظر نقل قذائف مدفعية أو صواريخ أرض جو، التي يحتاجها "الجيش السوري الحر" للإطاحة بالحكومة السورية.
في الشأن ذاته، أفاد مصدر عسكري أردني على الحدود الأردنية أنهم لا يمانعون من عودة السوريين إلى سورية، ولكنهم لن يسمحوا بأي حال من الأحوال بتهريب أسلحة عبر الحدود الأردنية.
هذا، و تسود مخيمات بقية اللاجئين السوريين في الأردن أجواء من التفاؤل، في أعقاب تكوين التحالف الوطني الجديد، وتشكيل النقابات اللازمة، تحسبًا لمرحلة ما بعد سقوط حكومة الأسد.
وكان وكيل وزارة النفط السوري السابق عبده حسام الدين قد قال "إن السوريين لن ينتظروا حتى تسقط الحكومة، وإنما يهيئون أنفسهم للفترة الانتقالية، وما ينبغي عليهم عمله لبناء الدولة الديموقراطية الجديدة". وأضاف "إنه في الوقت الذي يقوم فيه الجيش بتدمير المنازل والبنايات، يقوم السوريون الآن بالتركيز على بناء المؤسسات".
وكانت الهجمات الأخيرة للمقاومة على مطار دمشق، والاستيلاء على قواعد جوية للجيش السوري، قد شجعت عدد 150 طيارًا عسكريًا سوريًا سبق و أن انشقوا عن الجيش السوري على تأسيس أول سرية جوية تابعة لـ"الجيش السوري الحر".
أرسل تعليقك