أحداث السفارة الأميركية في بني غازي ( من الأرشيف)
تونس ـ أزهار الجربوعي
قررت المحكمة التونسية الإفراج عن "علي الحرزي" الذي تتهمه الولايات المتحدة الأميركية بالضلوع في إغتيال سفيرها في بنغازي 11 أيلول / سبتمبر الماضي، في حين أعلن أحد المحامين التونسيين أنَّ محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ستستدعي رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي لمساءلته
بشأن علاقته بأحد قياديي تنظيم القاعدة المطلوبين دوليًا.
وتزامنت تلك التطورات مع المشاورات الجارية بشأن التعديل الوزاري المرتقب، حيث أعلن رئيس الهيئة التأسيسية للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي، رسميًا التحالف مع الترويكا الحاكمة، وفقا لما أكده القيادي في الحزب الجمهوري ناجي جلول لـ"العرب اليوم"، مشيرًا إلى أنَّ الشابي رفض مقترح حركة النهضة الإسلامية بأن يكون مرشحها للإنتخابات الرئاسية القادمة.
وقرر قاضي التحقيق في المحكمة الإبتدائية في تونس العاصمة، الإفراج المؤقت عن التونسي المتهم في قضية الاعتداء على القتصلية الأميركية في بنغازي الليبية علي الحرزي، فيما أكد فريق الدفاع عن الحرزي ، أنَّ القضاء التونسي أصدر هذا القرار بشأن موكله لنقص الأدلة وانعدام البراهين والحجج التي تدينه.
وأثارت قضية علي الحرزي جدلًا واسعًا في تونس، بعد أن سمحت السلطات القضائية في البلاد لفريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) بالتحقيق مع حرزي في غياب فريق الدفاع عنه وبسرية تامة، وهو ما اعتبره المراقبون ورجال القانون انتهاكًا صارخًا لسيادة تونس واستقلالها.
على صعيد آخر أعلن عضو مجلس إدارة رابطة العلماء المسلمين والمستشار بمنظمة الدعوة الإسلامية المحامي التونسي محمد بكار أنَّ النيابة العمومية بمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي والمتعهدة بالشأن الليبي ستقوم باستدعاء رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي لمساءلته بشأن علاقته بأحد قياديي تنظيم القاعدة المطلوب دوليًا، وذلك على خلفية زيارة أداها رفقة زعيم حركة النهضة الحاكمة راشد الغنوشي لأحد قياديي تنظيم القاعدة والمسمى عبد الحكيم بالحاج أثناء إقامته بإحدى المصحات الطبية التونسية لتلقي العلاج.
وقضى عبد الحكيم بالحاج، المكنى باسم "عبد الله الصادق"، أمير الجماعة الليبية المقاتلة في أفغانستان، بعض السنوات سجينًا في معتقل غوانتنامو، قبل أن يعود إلى ليبيا مباشرة عقب اندلاع الثورة الليبية، حيث تم تعيينه في ايلول - سبتمبر من العام2011 رئيسًا للمجلس العسكري للثوار في طرابلس.
وأكد المحامي التونسي، محمد بكار بأنَّ بالحاج مطلوب دوليًا ضمن قائمة "الإرهاب" وذلك بسبب انتمائه لتنظيم القاعدة.
ولم تصدر عن حركة النهضة أو أمينها العام ، الذي يشغل منصب رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، أي تعليق أو تعقيب على الموضوع.
ويصنف بعض المراقبين والمحللين في تونس الجبالي من بين ما يعرف بـ"صقور الحركة"، وهو ما يطلق على التيار المتشدد داخل الحركة الإسلامية الحاكمة في تونس.
ودعا الجبالي خلال إجتماع شعبي، أنصاره إلى تبني منهج الخلافة السادسة، وذلك خلال حملته الإنتخابية للمجلس التأسيسي التونسي (البرلمان)، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن مدى التزام حركة النهضة صاحبة الأغلبية الحاكمة في البلاد بمبادئ الدولة الديمقراطية الحديثة.
سياسيا وفي سياق تطورات المشاورات المكثفة التي تعقدها الحكومة التونسية في هذه الآونة استعدادًا للإعلان عن تعديل وزاري مرتقب، أكد القيادي في الحزب الجمهوري التونسي ناجي جلول لـ"العرب اليوم" أنَّ زعيم الحزب أحمد نجيب الشابي تلقى عرضا من حركة النهضة ليكون مرشحها للإنتخابات الرئاسية القادمة لكنه رفض ذلك، كما رفض المشاركة في التعديل الوزاري الجديد لأنَّ الجمهوري اقترح حكومة وحدة وطنية موسعة، واعتبر جلول أنَّ التعديل الوزاري المرتقب "فاشل" ، لكونه مجرد تغيير بسيط سيشمل أفرادًا ولن يطال البرامج والسياسات التي يراد لها أن تظل على حالها، على حد قوله.
ويرهن الحزب الجمهوري، دخول الحكومة الجديدة بمشاركة حزب نداء تونس الذي يتزعمه رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي، الذي يعيش حزبه حالة من الخلاف السياسي والاستقطاب الثنائي مع حركة النهضة الحاكمة التي تتهمه بإيواء بقايا النظام السابق.
وأكد القيادي في الحزب الجمهوري ناجي جلول لـ"العرب اليوم"، أنَّ مفاوضات حزبه مع حركة نداء تونس وحزب المسار متواصلة من أجل تشكيل تحالف سياسي ديمقراطي لخوض الاستحقاقات الإنتخابية القادمة.
من جانبه، قال رئيس مجلس شورى حركة النهضة فتحي العيادي أنَّ الحزب الجمهوري رفض المشاركة في الحكومة بسبب رفض حركة النهضة للشروط التي ربط بها قبوله الإنضمام للحكومة.
وأضاف العيادي أنَّعضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري نجيب الشابي أبدى العديد من التحفظات خلال المشاورات التي جمعت بينه وبين الشيخ راشد الغنوشي، مشددًا على أن حركة النهضة تحترم هذه التحفظات.
وأكد مجلس شورى حركة النهضة في اجتماعه الأخير ثقته ومساندته للفريق الوزاري للحركة بقيادة رئيس الحكومة حمادي الجبالي، داعيًا إلى ضرورة تحسين الأداء في اتجاه التسريع في تحقيق تطلعات الشعب والاستجابة لأهداف الثورة.
وأشار المجلس في بيانه الختامي إلى حاجة البلاد إلى مؤسسات دائمة ومنتخبة، مناديًا إلى الإسراع في تركيز الهيئات المختلفة الهيئة القضائية وهيئة الإعلام والهيئة المستقلة للانتخابات، والتوضيح الدقيق للأجندة الانتخابية.
كما طالب مجلس شورى الحزب الحاكم في تونس بمزيد من التركيز على أولويات المرحلة الانتقالية وخصوصًا حفظ الأمن ومقاومة الفساد والتسريع في نسق التشغيل، فضلًا عن انجاز المشاريع التنموية الوطنية والجهوية، والتحكم في الأسعار، مشددًا على ضرورة التوافق على القضايا الكبرى للمسار الإنتقالي بما يحقق مناخات اجتماعية وسياسية تخدم مصلحة البلاد لإجراء انتخابات وطنية شفافة وديمقراطية في أقرب الآجال وأفضل الظروف.
وقال وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية سمير ديلو أنَّه تخلى عن مهمة الناطق الرسمي للحكومة مع المحافظة على منصبه الوزاري، مشيرًا إلى أنَّه سيتم تعيين متحدث جديد باسم الحكومة في الأيام المقبلة، بعد الانتهاء من التعديل الوزاري المرتقب. كما اعتبر وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية التونسي أنَّ مسودة الدستور تحتاج إلى مزيد من التحسين، مشيرًا إلى ضرورة تدعيم مكاسب المرأة.
وفي آخر تطورات قضية المدونة ألفة الرياحي التي نشرت وثائق تتهم فيها وزير الخارجية رفيق بن عبد السلام بالتورط في قضية فساد مالي، أكد محامي المدونة شرف الدين القليل أنَّها ستمثل يوم الخميس 10 كانون الثاني / يناير الجاري، أمام قاضي التحقيق، على خلفية الشكاية التي رفعها ضدها وزير الخارجية التونسي .
وقال المحامي أنَّ النيابة العمومية التونسية، وجهت للمدونة 7 تهم من أهمها نسبة أمور غير صحيحة إلى موظف عمومي ونشر أخبار زائفة من شأنها تعكير الصفو العام وتسريب وثائق.
وهدد محامي ألفة الرياحي بالكشف عن مزيد من الأسرار المتعلقة بقضية "الشيراتون"، مؤكدًا أنّ الهبة الصينية التي تمّ تحويلها إلى تونس لم تكن "سرية" كما ادعت وزارة الخارجية.
وأضاف أنّ المبلغ المحوّل بقيمة 1 مليون دولار لم يبق على حاله، وإنَّما وقع صرفه، مشيرًا إلى أنّ أكثر من 350 مليون دينار تمّ صرفها من قبل وزير الخارجية دون تحديد وجهة هذه النفقات، على حد قوله.
وقد باتت هذه القضية تلقب بـ"شيراتون غيت" التونسية ، على غرار فضيحة "ووتر غيت"، حيث تنبيء تفاصيل القضية التي مازالت في أوج تطورها بإحداث إنشقاق في صلب ائتلاف الترويكا الحاكم في تونس، خاصة بعد أن أعلن كل من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل، شريكا حركة النهضة الحاكم، عن دعمهما الصريح للمدونة ألفة الرياحي على حساب وزير الخارجية صهر زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، رغم أنَّ الحزب الحاكم قد وصف القضية بالحملة السياسية المغرضة الرامية لتشويه رموزه، فيما شبه مراقبون ما تتعرض له المدونة بـ"المحاكمة السياسية"، التي يراد من وراءها تكميم الأفواه ووأد التجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد.
أرسل تعليقك