سمير ديلو والمرزقي
تونس ـ أزهار الجربوعي
انتقد وزير الحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق باسم الحكومة التونسية سمير ديلو، تصريحات الرئيس المنصف المرزوقي الذي حذر من الانزلاق إلى الهلاك إذا لم تتم الانتخابات قبل الصيف المقبل، داعيًا إلى تشكيل حكومة كفاءات جديدة، واعتبر سمير ديلو أن كلمة رئيس الجمهورية "خطيرة"، نظرًا إلى
تعلقها بقضايا عدة حساسة، في حين أكد المتحدث باسم الحكومة أنها ستعقد اجتماعًا طارئا، الجمعة، لمساءلة الرئيس وتوضيح موقفه، مشيرًا إلى أنه سيتم الرد عليه في الوقت المناسب.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية سمير ديلو، مساء الجمعة، إن "الحكومة ستأخذ وقتها للرد على كلمة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي"، التي توجه بها إلى الشعب التونسي، على خلفية أحداث العنف التي شهدتها محافظة سليانة الغربية للمطالبة بحقها في التنمية والتشغيل، مخلفة 300 جريح وإصابات بفقدان البصر.
وقال ديلو بأن رد الحكومة سيأتي خلال الساعات المقبلة، لأنها معنية بما جاء في هذه الكلمة، على حد تعبيره. وأضاف سمير ديلو أنه "لولا مقتضيات التحفظ لأجاب وعقب على ما جاء في هذا الخطاب".
وكان رئيس الجمهورية التونسية توجه بخطاب إلى الشعب التونسي لامتصاص غضب الشارع، عقب تصاعد وتيرة العنف في محافظة سليانة الغربية، دعا فيها إلى التعجيل بالانتخابات، التي يجب أن تسبق الصيف المقبل، كما اعترف المرزوقي بالتعثر والضعف في اداء الحكومة الحالية ، مقرا بمسؤوليته الشخصية في ذلك .
وأكد الرئيس التونسي أن الحكومة فشلت في تلبية المطالب الشعبية، وفي تخليص الجهات المحرومة من آثار الحيف الاجتماعي والتهميش الاقتصادي المسلط عليها منذ ما يزيد على خمسة عقود.
وقال المرزوقي بأن الحكومة لم تستطع تلبية مطالب الشعب المهمة والعاجلة على غرار محاسبة للفاسدين، قائلاً "إن السجون امتلأت بالناس البسطاء في حين أن كبار المفسدين يسرحون ويمرحون دون حسيب أو رقيب".
وأضاف الرئيس أن البلاد "في أمس الحاجة اليوم إلى حكومة ودولة ورئاسة مستقرة لمدة خمس سنوات، لوضع القطار على السكة، وإخراجها من عنق الزجاجة عبر التسريع بالانتخابات، وقبل الصيف". مطالبًا المجلس التأسيسي بالتعجيل في نسق عمله، وصياغة دستور للبلاد في أقرب الآجال.
وقال المرزوقي بأن تونس على مفترق طرق أحدها يؤدي إلى الهلاك والآخر إلى النجاة، مشددًا على ضرورة تشكيل حكومة كفاءات مصغرة لإنقاذ البلاد، تكون الكفاءة معيارها الوحيد وليس المحاصصة الحزبية.
كما حذر الرئيس التونسي الشعب من الانسياق وراء دعوات التحريض والتجييش الصادرة عمن أطلق عليهم "الراكبين على المطالب الشرعية"، والساعين إلى إدخال الفوضى لإفشال التجربة الديمقراطية في البلاد.
وختم المرزوقي بأن تونس بخير رغم كل شي، معتبرًا أن ما تمر به "مجرد آلام مخاض طبيعية ستفرز طفلاً جميلاً"، على حد قوله، وسيكون هذا الطفل خلاصة تجربتها الديمقراطية الرائدة والناجحة، واعدًا بجعل تونس بلدًا يفاخر به مواطنوها، ويفخر بهم.
وقد عقب رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي على خطاب المرزوقي بالقول "لا أرى مانعًا في الاستجابة لدعوة المنصف المرزوقي، وتشكيل حكومة كفاءات مضيقة إذا كان فيها خير لتونس".
وأكد حمادي الجبالي أن الحكومة ستنظر في هذه الدعوة، وستكون الإجابة بصورة علنية، مشددًا على أن اتخاذ القرارات يتم بالتشاور.
ولئن أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو أنها ستجتمع بصفة طارئة للرد على المرزوقي ومساءلته بشأن تصريحاته، إلا أن خطاب الرئيس لقي استحسانًا شعبيًا واضحًا عدا الترحيب المدني والسياسي، على غرار حزب "التكتل"، أحد شركاء الترويكا الحاكمة في البلاد، حيث قال، السبت، الناطق الرسمي لحزب "التكتل من أجل العمل والحريات" محمد بنور إن كلمة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي التي توجّه بها إلى الشعب التونسي عبرت عن موقف محترم، "ظهر فيه رئيس الجمهورية كرجل مسؤول رافض لِما وقع في سليانة، داعيًا جميع الأطراف إلى مراجعة حساباتهم، ووضع مصلحة البلاد ومصلحة المواطنين فوق كل اعتبار".
من جانبه بارك الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات النقابية في البلاد) حسين العباسي مقترح رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، الداعي إلى تكوين حكومة كفاءات، معتبرًا خطابه "دعوة إلى لم الشمل".
وقال حسين العباسي "إن البلاد اليوم في حاجة إلى رأي جماعي، وإلى لمِّ الشمل لإيجاد مخرج لكل النقاط الخلافية".
وبالتوازي مع أحداث العنف المتواصلة في سليانة نبهت المفوضية السامية لحقوق الإنسان على خطورة الاضطرابات الحالية، وحثت الحكومة على التوقف عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، كما دعت السكان إلى تجنب اللجوء إلى العنف.
ودانت المفوضة السامية "الاستخدام المفرط وغير المتناسب للقوة من قبل أفراد من قوات الأمن التونسي ضد المحتجين"، مطالبة السلطات الأمنية بالوقف الفوري لاستخدام البنادق ضد المحتجين، وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي للصحافيين في جنيف "إن الحق في حرية التعبير والرأي، والتجمع السلمي من بين حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن تكون محمية ومحترمة"، كما ندد بعمليات المداهمات والاعتقالات وتفتيش المنازل التي وقعت في سليانة.
وأشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن "بعض المتظاهرين تعرضوا إلى إصابات خطيرة ناجمة عن استخدام رصاص الرش.
كما أكد كولفيل أن وفدًا من المفوضية زار الضحايا الذين نقلوا إلى المستشفيات في تونس العاصمة، وتمكن من توثيق حالات اصابات بأعيرة نارية في الرأس والظهر والوجه، فضلاً عن إصابات مباشرة في العين التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى العمى".
أرسل تعليقك