ردود فعل قوية بعد انهيار قوس شاطيء الكزيرة العالمي في سيدي إفني
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

في غياب استراتيجية للحفاظ على المآثر الطبيعية

ردود فعل قوية بعد انهيار قوس "شاطيء الكزيرة" العالمي في سيدي إفني

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - ردود فعل قوية بعد انهيار قوس "شاطيء الكزيرة" العالمي في سيدي إفني

شاطيء الكزيرة
الرباط ـ حفيظ ناصر

مازال شباب مدينة سيدي إفني، يتأسون على إحدى أشهر الأقواس الجبلية عالميا، في إقليم سيدي إفني جنوب المغرب الذي سقط الخريف الماضي، ويدعون إلى التدخل لحماية المآثر الشاطئية الطبيعية المتبقية كالأسد الصخري، والجزيرة صغيرة، والقوسين الجبلين الطبيعين، كما أطلقوا نداءات على صفحات المواقع الاجتماعية للنهوض بالتنمية المتعثرة للمنطقة واستغلال إشعاعها العالمي؛ اشعاع ظل ينعش الاقتصاد المتواضع للمدينة الساحلية، وجعلها مَحَجّاً لمختلف جنسيات العالم على مدار العام.

كان هنا ذات يوم، على شاطيء الكَزيرة "Lagzira" الشهير، قوس صخري ضخم طبيعي، يبعد مسافة عشر كيلومترات عن مركز مدينة سيدي إفني جنوب المغرب، ظل يستقطب الزوار والمصطافين والسيّاح والمستشهرين وصناع السينما من مختلف أنحاء العالم، ليستفيد السكان المحليون ولو نسبيا من جماليته وروعة باقي المآثر الطبيعية العذراء، وينعش زواره بين الفينة والأخرى اقتصادَ المدينة المرتكز أساسا على السياحة الشاطئية والصيد البحري.

ظلت صورته تملأ صفحات المجلات السياحية العالمية والوطنية؛ هو في الأساس جبل ممتد على حافة شاطئ جميل، حَفرتْهُ ونَحتَتْه حركة أمواج البحر ومُلوحته على مهْل، وتناوبت عليه حركات المد والزجر، فجعلته ممرا طبيعيا خلابا ظل صامدا لعقود؛ هنا لِكُلٍّ قصته مع هذا القوس قبل انهياره، تأبى ذاكرته أن تنسى اللحظات الجميلة التي قضاها بالقرب منه أو تحته، حتى أصابع المدوّنين تَبكيه على صفات المواقع الإلكترونية والاجتماعية، فكانت سبّاقة لنشر الخبر معززة ذلك بصور، قبل أن تلتقطه بعض القنوات التلفزية معلنة نبأ انهياره ولو بعد حين.

رشيد نجيم، شاب إفناوي غيور على وطنه وموطنه، يهوى تركيب أبراج من الحجارة المتراكبة على الشاطئ قرب القوس، يتأسّى على حال المدينة المهمّشة وطنيا ويحمّل المسؤولية أكثر لساكنتها، رشيد ربَط علاقة حميمية مع هذا القوس وداوم على التقاط صور له ولشاطيء الكَزيرة، ليتقاسم الاستمتاع بجماليتها مع زوار أربع صفحات "فيسبوك" أسسها لهذا الغرض؛ "القوس له طابعه الخاص في وجداني.. ظل متنفسي الوحيد.. أجد راحتي هناك.. أقرأ، أسبح، أشرب الشاي رفقة الأصدقاء، أصنع أبراج الحجارة؛ أجمل ذكرياتي نسجتها هناك"، الكلام لرشيد الذي لم يتردد في تقديم أمثلة لصور تلك الأبراج، مُضيفا:

"لقد كنت شاهدا على العديد من كواليس تمثيل الأفلام والإشهارات لقنوات دولية في غياب مراقبة حقيقية؛ غالبا ما ترسل السلطات المحلية رجلين من الدرك الملكي لمنع المصطافين من المرور إلى مكان التصوير، دون الاهتمام بحماية تلك المعالم الطبيعة؛ أتذكر ذات يوم تَمّ وضع أربعة مولدات كهربائية تعمل بالبنزين لأربعة أيام متوالية على ظهر القوس أثناء التصوير، بعد أسبوع تساقطت بعض الصخور من القوس، بعد شهر برزت تشققات أكبر ليسقط نصف القوس تقريبا..؛ أَسّستُ جمعيةً للنظافة والتنمية المستدامة رفقة بعض الأصدقاء الغيورين على الشاطئ، وفي مقدمتهم محمد جبارة؛ قمنا بمبادرات وبدلنا جهدا دون جدوى، ولم نتلقى دعما لا من رئيس الجماعة ولا من المسؤولين ولا من أصحاب المشاريع الفندقية بالشاطئ باستثناء أحد المستثمرين".

ويحتفظ الحسين زربان، فوتوغرافي، لازال يحتفظ ببعض الصور لهذه المـَعْلمة الطبيعية فضلا عن معالم أخرى في المنطقة، رغم تعرّض استوديو تصويريه للسرقة، يقول: "سقوط القوس الذي نعتبره جوهرة شاطيء الگزيرة لا يعني أن الشاطئ المصنف عالميا كأحد أجمل الشواطئ الطبيعية قد فَقَد مكانته، أكيد أن المنطقة تزخر بمناظر أروع مثل الأسد الصخري الضخم، لكن لابد من التأكيد مجددا على ضرورة حمايتها واستثمارها للنهوض بالمنطقة اقتصاديا".

 وتعد العوامل التي أوجدت القوس الجبلي بالأمس أسقطته اليوم في غياب استراتيجية للحفاظ على المآثر الطبيعية بالمنطقة، لينضاف إلى قائمة مفقودات الإقليم الذي فقدَ الكثير من بنيته التحتية إثر الفيضان الذي ضرب الإقليم ما قبل السنة الماضية. والطبيعة لا تنتظر تدخل المسؤولين ولا تخاطب ود أحد، المياه بدأت تسحب أجزاء القوس المتحطمة إلى حضنها لتغيّر جغرافيا الشاطئ من جديد، متفرجة على حال الوافدين إلى عين المكان والذهول يغمر أعينهم، يتحسّرون على ماضٍ جميل ليس ببعيد.

وبالعودة إلى ما سمته وزارة السياحة المغربية بـ"رؤية 2020"،  نجد إقليم سيدي افني يتموقع ضمن منطقة سوس صحراء الأطلسي، وأن الدولة تعمل على إعادة تموقع العرض الرّاهن في هذه المنطقة وإنشاء جيل جديد من المركبات الشاطئية، لكنها لم تُشر إلى حضّ هذا الإقليم من تلك المشاريع، وقدمت مثالا ل"الشاطئ الأبيض" بكَلميم الذي سيشمل أكبر منتجع مدمج في المغرب، إضافة إلى منتجع بيئي جديد بطرفاية؛ حيث من المرتقب أن تصبح منطقة سوس صحراء الأطلسي وجهة "الترفيه والاستجمام تحت الشمس "بتقديمها لمنتجات تنشيطية هامة مدينة الترفيه في أغادير والحدائق المائية بكلميم، وتوفرها على برنامج فعاليات غني؛ فضلا على تثمين تراث المناطق والضواحي الخلفية وتطويره: وذلك من خلال إحداث أنشطة قروية بتافراوت وإموزار وإداوتنان، وإيواء أصيل وتجهيزات ثقافية متاحف ومراكز تعريفية.

ومن محاسن تكنولوجيا التصوير والتخزين الاحتفاظ بالمشاهد صوتا وصورة لمختلف الموجودات المادية في ذاكرات رقمية، مَشاهد التقطتها عدسات آلات التصوير والهواتف الذكية للهواة والمحترفين، قد تسعف آباء وأجداد المستقبل لإقناع أبنائهم أن قصة سقوط "ساق الفيل العملاق" ليست أسطورة، قصة قوس جبلي طبيعي كان هنا في سيدي إفني ذات يوم وأسقطه الإهمال واللامبالاة، وقد يأتي الدور على الأقواس الأخرى وعلى المعالم الطبيعية الرائعة المتبقية.

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ردود فعل قوية بعد انهيار قوس شاطيء الكزيرة العالمي في سيدي إفني ردود فعل قوية بعد انهيار قوس شاطيء الكزيرة العالمي في سيدي إفني



GMT 11:36 2024 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مذهلة في ألمانيا الغربية مليئة بالتناقضات

GMT 15:45 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

إسبانيا وجهة أوروبية جذابة لعشّاق الطبيعة والثقافة

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 18:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

مُؤلّف "سك على إخواتك" يقترب مِن كتابة معظم حلقاته

GMT 04:58 2012 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

الحضارة القديمة بين أحضان الجبال والبراكين في كويتو

GMT 20:49 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

كيك الجوز والقرفة

GMT 21:06 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

أمينة خليل تبحث عن سيناريو لرمضان 2021

GMT 07:24 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور رواية "سوار العقيق" في نسختها العربية عن دار الفارابي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab