استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

كنوزها مجهولة سياحيًا وعلوها يحتاج إلى لياقة بدنية

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

رحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ
لشبونة - العرب اليوم

ثمّة لحظات تشعر فيها بأن الحياة مثل "لشبونة" متهاوية دعائمها، هجرها الودّ وانسدلت عليها الكآبة واستقرّ في حناياها الحنين، البعض يرى في ذلك جمالاً، أما هنا فنبحث وراء ذلك عن الجمال كلما قادتنا الرغبة وحملنا الشوق إلى هذه المدينة الرابضة عند مصبّ نهر التاج الشقي في المحيط البارد.

ويُعد من أهم ما يُميز لشبونة أنها مدينة تحنّ إليها في كل مرة تغادرها، تحنّ إلى الشوارع الضيقة التي تصعد نحو السماء تاركة البحر على أقدامها، وإلى ضوئها الشفّاف الذي نزفت تحته مئات القصائد في ساعات الصباح الأولى.

موقعها وأسرار تسميتها

تقع لشبونة عند أقصى الطرف الأطلسي للقارة الأوروبية الذي انطلق منه البحّارة أواخر القرن الخامس عشر بحثاً عن بلاد الهند فوصلوا تائهين إلى ما أسموه العالم الجديد، ولا شك في أن هذا الموقع، مضافاً إلى وجود البرتغال على خاصرة إسبانيا، هو الذي جعلها شبه منسيّة سياحيًا طوال عقود إلى أن بدأ العالم مؤخرًا يكتشف مفاتنها ويتهافت على مواطن الجمال ومطارح السحر المعشّشة في ساحاتها وزواياها، بعد كل زيارة يعاودك الحنين إلى هذه المدينة التي تقرأها مثل كتاب لا ترغب في الوصول إلى نهايته، وتشعر بأن لك فيها حياة سابقة تطالعك ذكرياتها في وجوه أو مطارح تألفها العين ويرتاح لها الفؤاد؛ مثل روما، فهي مبنيّة على سبع هضاب تتعرّج في حناياها شوارع ضيقة تظلّلها البيوت القديمة، وتكثر فيها الساحات والنوافير التي تقوم حولها عشرات المقاهي الأثرية التي يرتادها البرتغاليون بشغف وانتظام.

جولة عبر التاريخ

ندخل لشبونة من جسر فاسكو دي غاما، البحّار الشهير الذي دار حول القارة الأفريقية عند رأس الرجاء الصالح، لنطلّ منه على القرميد الأحمر الذي يعلو سطوح المدينة الهادئة في انسجام معماري قلّ نظيره بين العواصم الأوروبية.

وأول ما يطالعنا هي قلعة القديس جاورجيوس المبنية على شكل حصن عند مدخل الحي العربي القديم Alfama، وهو اسم مشتقّ من كلمة "الحمّة" التي تعني عين ماء حارة، وهذا الحي كان وسط المدينة عندما كانت تحت الحكم الإسلامي من عام 714 حتى مطالع القرن الثاني عشر؛ لكن في العصور الوسطى راح سكان المدينة الميسورون ينزحون عنه باتجاه الغرب وبقي حيّاً للصيادين والفقراء.

وعندما تعرّضت لشبونة للزلزال الكبير عام 1755 تدمّرت بكاملها باستثناء حي آلفاما الذي لم يفقد خصائصه التاريخية المهمة التي ما زالت قائمة إلى اليوم، مثل المسجد الكبير الذي تحوّل إلى كاتدرائية.

ونترك الحي القديم وراءنا ونتجّه صعوداً نحو حي Chiado، ملتقى الفنانين والأدباء والشعراء، الذي يشرف على المدينة من باحة سانتا لوسّيا. في الطريق إلى هذا الحي نعرّج على دير الجيرونيموس الذي يُعتبر درّة الفن البارّوكي في البرتغال وحيث يوجد ضريح شاعر البرتغال الكبير فرناندو بيسّوا وراء رخامة نُقِش عليها النص التالي: «يغالبني النعاس، وأتوسّل الآلهة أن تواريني هنا في صندوق يحميني من مرارات الحياة وحلاواتها». وقد بُني هذا الدير من الأموال التي جمعتها الدولة من الضرائب التي فرضتها على التوابل في القرن السادس عشر.

ونواصل طريقنا من هناك أمام نُصب المكتشفين. أحد أهم معالم المدينة التي تفتخر ببحّارتها، ثم نعبر بجانب برج بيت لحم الذي بناه ملك البرتغال منتصف القرن السادس عشر لحماية المدينة من جهة النهر، والذي وضعته اليونيسكو على قائمة التراث العالمي.

وقبل مغادرة الحي الواطئ La Baixa في طريقنا صعوداً، نتوقّف عند «المدفأة الباردة» التي هي بمثابة حديقة للنباتات الاستوائية في وسط المدينة. تذكّرنا بالمستعمرات البرتغالية التي كانت منتشرة في أفريقيا والبرازيل. من هناك نستقلّ مصعد سانتا جوستا الذي يريحنا من عناء تسلّق الشوارع الشديدة الانحدار، والذي بناه المهندس الفرنسي بونسار صديق غوستاف ايفيل باني برج باريس الشهير.

ونقترح على الراغبين في جولة أكثر رومانسية من المصعد، القاطرة الكهربائية الصفراء التي تواظب على نقل الركّاب بين أسفل المدينة وأعلاها منذ بدايات القرن الماضي، وعلى الطريق التي تسلكها القاطرة الصفراء تكثر حانات "الفادو"، الغناء الذي يختصر هويّة البرتغاليين وروح عاصمتهم لشبونة. إنه غناء اللحظات الكئيبة في الحياة، تلك التي يهجرنا فيها الأحبّاء وتتلبّد السماء بغيوم القسوة أو البعد. تكفي قيثارة واحدة لمصاحبة الحزن المنهمر من حناجر المطربين، يروي عذابات سكّان الأحياء المتواضعة والفقيرة وأيامهم المجبولة بالقدرّية والإحباط. والفادو سليل الفلامنكو الإسباني وأصدق وسيلة يعبّر بها البرتغاليون عن مشاعرهم وأحلامهم.

مصدر إلهام للشعراء

كُثُرٌ هم الشعراء الذين ألهمتهم هذه المدينة بدفء شمسها أيام الشتاء وعذوبة نسائمها في عشايا الصيف، والضوء الذي ينساب بين شوارعها وازّقتها الضيّقة، فرناندو بيسّوا، كبير شعراء البرتغالية، أمضى حياته في هذه المدينة، وبخاصة في مقهى "مارتينيو دي آركادا"، حيث كتب معظم قصائده على نفس الطاولة التي ما زالت كما هي في موقعها نفسه إلى اليوم، وجوسيه ساراماغو، الروائي حامل جائزة نوبل، الذي كان يقول إن الوحي الذي يأتيه في لشبونة يعادل ذلك الذي يأتيبه عندما يعود إلى مطارح طفولته في القرية حيث شهد النور.

محطات تنفرد بها لشبونة

ومن المحطات التي تنفرد بها لشبونة وتزيد من تمايزها، مستشفى فريد من نوعه في العالم تأسس في عام 1830، وما زال إلى اليوم يقوم بنشاطه بنفس العناية والاهتمام بسعادة الأطفال. إنه مستشفى الدُمى، المعطّلة أو التي تعرّضت لحوادث، تُنقَل إليه كالمرضى العاديين، في سيارات إسعاف خاصة، ثم على محمل R إلى غرفة العمليات، حيث تُجرى لها زراعة للأعضاء أو تخضع لجراحة تجميلية لتعود كما كانت عليه، ومعها ابتسامات الصغار ودهشتهم الجميلة.

الجولة على المعالم التي تتميّز بها العاصمة البرتغالية لا تكتمل من غير زيارة فندق Avenida Palace العريق الذي ذاع صيته عندما كان وكراً للجواسيس الألمان والأميركيين والبريطانيين إبّان الحرب العالمية الثانية التي وقفت فيها البرتغال على الحياد.

أما نهاية جولتنا فلا بد أن تكون في مقهى برازيليانا الذي يقال "إنه الأفضل في العالم لقراءة صحيفتك اليومية على مقاعده الخشبية القديمة، مصحوباً بفنجان قهوة وقطعة من حلوى بيت لحم التي تشتهر بها العاصمة البرتغالية".

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 13:27 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الجزائري يدمر مخبأ للمتطرفين في محافظة بومرداس

GMT 05:13 2017 الأحد ,14 أيار / مايو

عِبْرة في زحام الخبرة

GMT 03:10 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

"فورسيزونز" تفتتح فندقها على جزيرة في المالديف

GMT 04:58 2017 الأحد ,27 آب / أغسطس

مايا خليفة تسخر من تهديدات "داعش" لها

GMT 09:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:15 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في السعودية اليوم الثلاثاء 8 سبتمبر 2020

GMT 05:36 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

معلومات مهمة عن السياحة في باريس 2020

GMT 23:12 2020 الثلاثاء ,05 أيار / مايو

إسرائيل تتوعد بقصف سورية من جديد

GMT 04:06 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

جزيئات صغيرة من البلاستيك تلوث الشواطئ في نورفولك

GMT 15:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

جوارديولا يُشيد بقدرة مانشستر سيتي على هزيمة توتنهام بهدف

GMT 11:13 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab