أبو ليلى يقدّم صورة لكوابيس استثنائية مٌستعارة من واقع الجزائر
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

يعتمد على شخصيتين في رحلة بحث عن عدو في الصحراء

"أبو ليلى" يقدّم صورة لكوابيس استثنائية مٌستعارة من واقع الجزائر

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - "أبو ليلى" يقدّم صورة لكوابيس استثنائية مٌستعارة من واقع الجزائر

لقطة من فيلم أبو ليلى
الجزائر - العرب اليوم

شخصيتان مختلفتان في المزاج والسلوك والمعجم تقومان برحلة بحث سريالي عن عدو في فضاء صحراوي لا نهائي في فيلم "أبو ليلى" (2019) من إخراج أمين سيدي بومدين، وقد عُرض الفيلم في أسبوع المخرجين في مهرجان "كانْ" في مايو 2019. الفيلم من بطولة إلياس سالم وسليمان بن واري الذي عمل في المسرح، وهذا ما أتاح له قوة الحضور أمام الكاميرا بوجه معبّر وحوارات موجزة.

تتْبع الكاميرا شخصيتين في قفار لا نهائية: طيّب وقاس، حساس (أنثوي؟) ووحش مُسلح. يحاول الوحش أن يُساعد الحساس الذي تعطلت لديه حاسة التمييز بين الأزمنة. وبذلك يركز الفيلم على شخصية مهزوزة، على معاناة روح معذبة، شخصية مترددة بأحلام سوداء دموية.

يعرض الفيلم محاولة شخصية مجروحة تجاوز تجربتها المريرة والعيش من جديد. تعرض الكاميرا روح الشخصية لا وجهها فقط. يحفر الفيلم في شخصيته الرئيسية بأقل ما يمكن من السكيتشات الجانبية المُغرية كلما مرت الشخصيتان من مكان يوجد به كومبارس ظرفاء... نادرا ما تترك الكاميرا الشخصية الرئيسية لتتْبع شخصيات ثانوية كوميدية من فرط الغباء لا من فرط الظرف، الفيلم إضاءة نفسية للمرحلة، شخصية رئيسية تعيش كوابيس استثنائية مستعارة من واقع الجزائر، من فرط اللحْم المنثور صارت الحيوانات العاشبة لاحمة.

يسرد الفيلم هلوسات حسية هي مزيج من الحكمة والجنون. يختلط الواقع بالكوابيس في رحلة علاجية على درب وعْر، يتجه اللابطل إلى المستقبل باسترجاع الماضي دون "فلاش باك"، لأن اللابطل مازال يعيش أوجاع المجازر التي عاشها.

كان الماضي الدموي هو غْرام الجنون الذي منح القصة عمقها في بلد يبدو كمستشفى كبير للمجانين. في هذا الخراب شخص لديه أولويات مرتبكة، يهتم بدفن ميت أكثر من انشغاله بإسعاف جريح يصدر عنه أنين. وهذا العبث نتيجةَ شراسة دولة وعنف مجتمع يعتبر أن رؤية طفل لدم الكبش في عيد الأضحى علامة على الشجاعة، ومن يخاف الدم يُشتم ويتهم بالأنوثة، اللابطل شخصية مترددة، تحجم أن تقاتل إما لطيبوبتها أو لجُبنها. شخصية مأزومة يفترسها ماضيها وتتسكع في فضاء مطلق. تُعمّق طبوغرافية المكان هواجس الشخصيات المعزولة عن زحام الشعب.

"أبو ليلى" فيلم عن جزائر منتصف تسعينات القرن الماضي، في بلد بمساحة مهولة تُصعّب السيطرة الأمنية، كان هناك في كل منعطف إرهابيّ ومصيبة تتربص. عاش البلد أجواء الرعب. من لم يصبه الرصاص أنهكته الكوابيس.

بذكر العشرية السوداء (200 ألف قتيل بين 1991 و2002) يمكن تحميل قراءة الفيلم ما لا يُحتمل. ذلك أن الفيلم لا يصور تلك المرحلة الدموية بل يكثف نتائجها في حفنة صغيرة من الكوابيس المريرة، وحالة غثيان مزمنة تحرض على التساؤل:

كيف يمكن تحمل ماض بالغ الدموية والمرارة؟

من الصعب تجاهل آلام الماضي القريب جدا.

للتصالح مع الماضي يجب تصفية الحساب، فأين العدو؟

يجري البحث عنه في الصحراء، بينما أفعال ذلك العدو تهاجم خيالات الشخصية المأزومة. وبينما الصديق الوحش يمضي لهدفه مهما كان الثمن، يمضي في رحلة انتقام أو رحلة لتحقيق العدالة.

تتقدم الأحداث مصحوبة بموسيقى تصويرية مخدوشة أشبه برنين وضجيج يخرج من روح الشخصية. وقد كان لسفر البحث عن العدو في هذا الفضاء فوائد على وعي سينمائي حاد. تطارد الكاميرا شخصيتين في فضاء صحراوي شاسع، وبشكل عرضي تتشكل لوحات صفراوية تنكسر فيها أشعة الشمس على الصخور وتلال الرمل، يغير الظل الإضاءة.

اتخذ الإخراج منحى مينيماليا، وقد نجح الفيلم ببطء وبعناصر قليلة في وضع المشاهد في قلب جزائر التسعينات. فيلم على الطريق. رجلان يسافران صامتين تقريبا بسيارة في منطقة صحراوية لأكثر من خمسة وأربعين دقيقة قبل أول توقف. نادرا ما يتغير شيء. هذا يولد الملل.

هل يمكن لمتفرج جزائري تحمل هذا؟

لا. لكن المهرجانات التي يقدسها السينيفيليون تفضل أفلاما فيها شخصيات قليلة وإيقاع رتيب ليصل المعنى بطيئا إلى مُخيلات أعضاء لجان التحكيم.

هذه عينة أفلام مبنية على سيناريوهات تنحت وتحذف بغرض التركيز على شخصية واحدة لوقت طويل للحفر في ذاتها. ولهذا تأصيل فلسفي وبصري، فكثرة المعلومات ترهق الوعي. يتجلى ذلك في تقليل كمية الأجساد في الفضاء، وقد اشتهرت الكثير من الأفلام التي تتْبع شخصية واحدة طيلة ساعتين.

النصف الثاني من فيلم "أبو ليلى" أفضل لأنه يفسر ما سبقه. النصف الأول ممل والنصف الثاني مشوق، لكن النصف الأول رغم عيوبه كان تمهيدا ضروريا لإدخال المتفرج إلى جمجمة الشخصية الرئيسية، كان للسفر بحثا عن العدو فوائدُ على نفسية الشخصيات، فالمسافة والعزلة علاج، على أمل استرجاع براءة صداقة منتهكة. لكن ما ضاع لا يسترجع، وكل الأمل ألا يتكرر ما جرى في الجزائر.

قد يهمك أيضًا

مخرج إيراني يفوز بجائزة "الدب الذهبي" في مهرجان برلين السينمائي

ممثل أفلام "قراصنة الكاريبي" جوني ديب يقاضي صحيفة بريطانية ويتهمها بالتشهير

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو ليلى يقدّم صورة لكوابيس استثنائية مٌستعارة من واقع الجزائر أبو ليلى يقدّم صورة لكوابيس استثنائية مٌستعارة من واقع الجزائر



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 17:04 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الدلو الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 16:31 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج العذراء الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 15:06 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة رائعة لسارة سلامة في جلسة تصوير جديدة

GMT 09:43 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

كاريلو يكشف عن كواليس البقاء مع "الهلال"

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مروان الشوربجي يودع ربع نهائي بطولة قطر للاسكواش

GMT 10:08 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد جدة ينهيء الشعب المصري بالصعود إلى كأس العالم

GMT 13:33 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عساف يغني في 5 مدن كندية دعماً لأطفال فلسطين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab