واشنطن ـ العرب اليوم
تخلت شركة "بومباردييه" الكندية عن محاولة التنافس في سوق الطيران التجاري من خلال بيع حصتها المتبقية في برنامج إنتاج طراز "ايه 220" إلى شريكتها في المشروع "إيرباص". وتمثل تكلفة تلك الصفقة إلى جانب صافي خسائر العام بأكمله والتي بلغت 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) التي أعلنت عنها شركة إيرباص توضيحاً مؤلماً لسبب أن طموحات "بومباردييه" كان محكوم عليها بالفشل، وفقاً للكاتب "شيس بريت" في رؤية تحليلية عبر موقع "بلومبرج أوبنيون".من الناحية النظرية، يعتبر بناء الطائرات التجارية عملاً رائعاً حيث لا
يوجد العديد من المنافسين - تحتكر شركتا إيرباص وبوينج سوق الطائرات الكبيرة - ويزداد الطلب.ومع زيادة ثراء الأشخاص في الأسواق الناشئة فإنهم يرغبون في السفر أكثر، ولم تمنع المخاوف المناخية معظمهم من الطيران بعد.المشكلة هي أن تصميم وإطلاق طائرة تجارية جديدة يستهلك كميات هائلة من رأس المال، وهذا إذا سارت الأمور على ما يرام، وعادة لا يحدث ذلك.في هذا الصدد، جاء تأخير إطلاق "ايه 220"، المعروف آنذاك باسم "سي.سيريس"، لتكلف "مومباردبيه" ما لا يقل عن 6 مليارات دولار للتطوير، وتسببت في ارتفاع ديونها
إلى مستوى كبير.وجاءت "إيرباص" لإنقاذ الموقف في عام 2017 من خلال الحصول على حصة الأغلبية في هذا المشروع، لكن حتى الآن وبعد وقت طويل من دخول الطائرة الخدمة، فإنها تشكل عبئًا على التدفق النقدي للشركة الأوروبية.كما أن السبب الآخر وراء طلب "بومباردييه" مساعدة شركة إيرباص في عام 2017 هو أن بوينج أقنعت الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على الواردات، ما أضر بالمُصَنع الكندي، وتتضاعف تهديدات التجارة والتعريفات في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفي ظل البريكست.لكن تتمتع شركة "إيرباص"
ذات رأس المال الأكبر بقدرة أكبر على تحمل هذه المشاكل من "بومباردييه"، ولكنها ليست محصنة.وبسبب النزاع مع "بوينج" في منظمة التجارة العالمية، فرض واشنطن أيضًا تعريفات على صادرات طائرات إيرباص من أوروبا إلى الولايات المتحدة.وعلى عكس "بومباردييه"، تمتلك إيرباص وبوينج أعمال كبيرة في الطائرات الدفاعية تساعد تدفقاتها النقدية في تمويل تكاليف التطوير الضخمة، لكن حتى هذا ليس ضمانًا للنجاح.وتمثل تكاليف المعاشات التقاعدية (وهي تمثل عاملاً مهماً لجذب القوى العاملة اللازمة لبناء الطائرات الضخمة) تحدياً - فقد
ارتفع العجز في معاشات إيرباص إلى حوالي 8 مليارات يورو بسبب انخفاض معدل الفائدة.وهناك أشياء يبدو أنها ظهرت فجأة، حيث كشفت إيرباص عن تعديلات سلبية بلغت 5.6 مليار يورو في نتائجها السنوية.ويتعلق معظم هذه المدفوعات بالغرامات التي يتعين على إيرباص دفعها لتسوية اتهامات الرشوة التي وجهتها مختلف السلطات الدولية.لكن الشركة عانت أيضًا من رسوم أخرى بقيمة 1.2 مليار يورو على برنامج النقل العسكري المضطرب (ايه 400 إم)، بالإضافة إلى أكثر من 200 مليون يورو من التكاليف المتعلقة بقيود تصدير الطائرات
الدفاعية. أما "بوينج" ولفترة من الوقت بدا الأمر كما لو أنها قد تجاوزت التقليد المالي لصناعة الطيران التجاري، حيث قامت بإعادة تدفقات نقدية ضخمة للمساهمين من خلال برنامج ضخم لإعادة شراء الأسهم.وبعد اثنين من الحوادث القاتلة بسبب طراز "737 ماكس"، أصبح معروفاً أن النجاح تم تحقيقه على حساب الضغط على الموردين وإهمال قواعد السلامة حتى سجلت "بوينج" في العام الماضي أول خسارة سنوية لها منذ عقدين.وبالعودة إلى الشركة الأوروبية، ففي أعقاب خيبة الأمل في طراز طائرات (سوبرجامبو ايه 380) - منحدر مالي يبدو
بلا قاع - ومختلف صعوبات الإنتاج التي تنطوي على طائرات صغيرة جديدة، كان مساهمو إيرباص يأملون في أن يبدأ أيضًا تحويل دفتر الطلبات الضخم الخاص بهم (قائمة إلكترونية لأوامر الشراء والبيع لأوراق مالية مثل الأسهم مرتبة حسب مستوى السعر) إلى نقد "كاش"الذي يمكن إرجاعه إليهم.من المؤكد أن أداء إيرباص قد تحسن، ولكن يبدو أن الأرباح المفاجئة لم تأت حتى الآن، حيث كانت توقعات إنتاج وأرباح الشركة الأوروبية في 2020 أضعف من المتوقع.وينبغي أن توفر إيرباص 4 مليارات يورو من التدفق النقدي الحر هذا العام، ولكن
بمجرد دفع غرامات الفساد وعدة مئات ملايين يورو من الضرائب والتكاليف القانونية، سيكون هناك القليل المتبقي.هذا بالإضافة إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يسبب نكسات غير متوقعة، قد تضطر شركات الطيران المتعثرة إلى إلغاء الطلبات وقد يكون هناك تأثير على سلسلة التوريد.وبينما ترفع إيرباص توزيعات الأرباح بنسبة 9 بالمائة، سيتعين على خطط عمليات إعادة شراء الأسهم الانتظار.في النهاية، يعد انسحاب "بومباردييه" من تصنيع الطائرات التجارية اعترافًا غير جيد بصعوبة كسب المال من بيع الطائرات الكبيرة، فحتى إيرباص وبوينج في معاناة حالياً.
أرسل تعليقك