دمشق - جورج الشامي
مازالت دمشق تعاني من أزمة وقود خانقة وسط الحر الأهلية الطاحنة، لاسيما بعد إغلاق مقاتلي المعارضة لطريق الأوتستراد الدولي دمشق- حمص نتيجة الاشتباكات مع جيش النظام، ويضع نقص مادتي البنزين والمازوت في فصل الشتاء سكان العاصمة ومركز النظام أمام أزمة كبيرة تشابه تلك التي واجهت حلب منذ أن
أحكم مقاتلو المعارضة سيطرتهم على الطرق الرئيسية.
ويؤكد ناشطون من مدينة دمشق "أن الازدحام على محطات الوقود، أصبح كثيفًا جداً، ولاسيما منذ إغلاق طريق حمص-دمشق، نتيجة المواجهات العسكرية في دير عطية والنبك وقارة القلمون.
ويقابل هذا النقص الحاد في توفر هاتين المادتين، صمت من قبل النظام ووعود لا تشبه سوى تلك التي كان يطلقها لسكان القسم الواقع تحت سيطرته في حلب المدينة.
ويعني استمرار مقاتلي المعارضة في قطع طريق الأوتستراد الدولي نفاذ أهم مادتين للوقود على كل المحافظات الواقعة تحت سيطرة النظام "كالسويداء والقنيطرة ودرعا وبعض المناطق في ريف دمشق والعاصمة".
ويقول أسامة "إنني مندهش من ردة فعل السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، فهم يواجهون غلاء فاحشًا، ويتعرضون للإذلال على الحواجز، وحملات مداهمة واعتقال، إضافة لقذائف تمطر يومياً عدداً من المناطق كالقصاع والزبلطاني وباب توما وباب شرقي والعدوي وغيرها، لماذا هذا الصمت في العاصمة؟ لا أجد له مبرراً".
ويتساءل أسامة "هل استطاع النظام من خلال شدة قبضته الأمنية من قتل النخوة لدى السكان والسيطرة على دمشق، وإن استطاع فعلاً؛ فهل المدن التي خرجت عن النظام كانت القبضة الأمنية أقل من ذلك، وهل هناك وقت أفضل من الآن لمهاجمة النظام والقيام بعمليات نوعية في قلب العاصمة تزامناً مع الانتصارات في ريف دمشق".
وأضاف "إذا استمر قطع الطريق الدولي لأيام قادمة قد يساعد ذلك على خنق النظام في مناطقه، لأن معظم آلياته في حاجة للوقود، وقد تجتاح موجة غلاء كل المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، وعلى الناس دفع ثمن صمتها وعدم التبرير أنه "لا حول ولا قوة".
ويروي محمد أحد سكان دمشق لأحد مواقع المعارضة كيفية استغلال الشبيحة للمواطنين في أوقات الأزمات، ولاسيما أزمات الخبز والغاز والوقود، ليصبح شغلهم الشاغل هو "تنظيم الدور" والتشبيح على الناس.
ويقول محمد "ما إن تطفو أزمة في الأفق حتى يتكاثرون كالفطر أمام أماكن التوزيع، والهدف هو أخذ الرشاوى، فلا تستغرب إن كنت تنتظر دورك لتعبة الوقود وجاء أحدهم يحمل سلاحًا وقام بتعبئة "جالون" لشخص يقف بآخر الدور".
وأضاف "هم يتمنون حدوث مثل هذه الأزمات، لأنها تدر عليهم مالاً ورشاوى خارج إطار مهامهم التشبيحية، ليكتفي المواطنون بالنظر لتصرفاتهم".
"صف عالدور يا حمار" و"أنت شكلك ما بتفهم" وكثير من الألفاظ النابية قد يسمعها المواطن من قبلهم، ليبلعها من "فم" ساكت، وقد تتطور للسب والشتم بالعرض إن حاولت مجرد النقاش معهم، لأنهم يؤدون "واجبهم الوطني في حماية الوطن والمواطن!"، بحسب ما قال رامي.
ويؤكد رامي "الأحد الماضي قامت عناصر من فرع الجوية المعروف بإجرامه باعتقال أحد المواطنين من كازية الأزبكية "وسط دمشق"، وتم ضربه بشكل مبرح وأخذوا سيارته، والسبب مجهول للكل، على الرغم من كبره في السن، ولكن طريقة ضربه تنم عن همجية واضحة وإجرام لا يمكن تخيله، وأتوقع السبب لأنه اعترض عالدور والمحسوبيات التي يقومون بها".
ويخشى عدد من نشطاء العاصمة من حدوث تفجيرات اصطناعية يقوم بها النظام للفت الأنظار عن النقص في مادة الوقود شبيهة بتلك التي هزت عددًا من محطات الوقود في برزة العام الماضي وذهب ضحيتها العشرات من المدنيين.
ومعروف عن النظام السوري أنه يقوم بلفت الأنظار حيال أي أزمة يمر بها بإحداث تفجيرات أو خلخلة الأمن في مكان ما لتغطية عجزه وصرف النظر عن مشاكل المواطنين لإسكاتهم.
وشهدت المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في حلب خلال الأشهر الماضية أزمة مشابهة لما تمر به دمشق اليوم، ما أدى لرفع سعر ليتر البنزين الواحد إلى أكثر من 1200 ليرة والمازوت إلى 400 ليرة وأسطوانة الغاز إلى 7500 ليرة، في حين وصل سعر بطة الخبز الواحدة لما يقارب 250 ليرة.
أرسل تعليقك