الرياض-السعودية اليوم
رغم وجود آليات عدة ولجان مركزية وفرعية لتسعير المواد والسلع المستوردة والمنتجة محليًا، مهمتها تحديد الأسعار وفقًا للتكلفة وهوامش الربح المحددة، سعيًا لضبط إيقاع الأسعار ومنع التلاعب بمستوياتها، إلا أن واقع الحال يبتعد كثيرًا عن أهداف تلك اللجان ومخرجات عملها بشكل واضح، والتسعير العشوائي بات السمة الأبرز والتي نجدها جلية في أسواقنا المحلية..ويعود الأمر هنا إلى عوامل عديدة كان لها دور في عدم قدرة لجان التسعير المعتمدة على الوصول إلى سعر يلتزم به الجميع، وبقي المستهلك هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة الذي يدفع ثمن غياب الدور الفاعل للجان التسعير.فمن جهة نجد أن السلع المستوردة تسعر مركزيًا من قبل اللجنة المركزية بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وذلك عبر ما يسمى (الصك السعري)، والمشكلة هنا التأخر الواضح في إصدار هذا الصك، فغالبًا ما يتم إخراج البضائع من المينا وتوزيعها وبيعها في الأسواق قبل حصول المستورد على هذا الصك والذي يجب أن يصدر بالتزامن مع صدور البيان الجمركي للبضائع، إلى جانب أن أسعار بعض المستوردات تكون مخفضة بموجب فواتير وهمية من بلد المنشأ، وظهور الفروقات السعرية الناتجة عن عملية تمويل بعض المستوردات من المصرف المركزي.ورغم أن العمولات المصرفية للمستوردات الممولة من المركزي محددة بنسبة 3% من قيمتها، إلا أنها تصل في بعض الأحيان إلى 20% لوجود بعض العمولات غير الموثقة التي يدفعها المستورد بشكل غير رسمي ما يجعل التسعير غير حقيقي أيضًا، إلى جانب عدم تعديل أجور التخليص الجمركي منذ عام 2006 وحتى الآن من قبل وزارة المالية، على الرغم من ارتفاع الأسعار الحقيقية لأتعاب المخلصين الجمركيين التي يدفعها المستورد حاليًا، كل هذا يترافق بعدم وجود تنسيق حقيقي ما بين الجمارك ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من خلال تواجد ممثليهم في لجنة التسعير المركزية، لجهة مطابقة الفواتير المخفضة ومتابعة عمليات خروج البضائع وغير ذلك.
وعليه فإن ما يجب أن يتم العمل عليه لتجاوز مشكلات تسعير المواد المستوردة الممولة من قبل المصرف المركزي، هو اعتماد آلية يتم من خلالها إصدار نشرات تقارب سعر الصرف في السوق غير الرسمية بشكل يومي ليتم احتساب الكلف بتاريخ الحصول على إجازة الاستيراد، ومعالجة واقع العمولات المصرفية بما يتناسب مع العمولات المدفوعة على المستوردات بشكل حقيقي من قبل المركزي، وتعديل أجور التخليص الجمركي وتوزيع نسبة 35% المحددة كحد أقصى للأرباح بحيث يحصل المستورد على 15% وتاجر الجملة 5%، وتاجر المفرق 15%، بحيث تكون التسعيرة عادلة وتحتسب بناء على رأس المال المدفوع وباقي التكاليف الأخرى وهامش الربح.أما فيما يتعلق بآلية تسعير المواد المنتجة محليًا فنجد أنها تسعر من قبل لجان مركزية محلية، إلا أن الواقع يشير إلى أنها تتأثر بأسعار سوق الهال وبالعلاقات الشخصية بين التجار، وعدم وجود رقابة على تجار الأسمدة والأدوية الزراعية والمبيدات وغيرها التي ترتبط بالإنتاج الزراعي، إلى جانب الرسوم التي تدفع لتسهيل مرور سيارات نقل المنتجات الزراعية، وطول سلسلة التوزيع ووجود حلقات طفيلية تجني أرباحا على حساب المنتج والمستهلك بنسب كبيرة.إلا أن من أهم المشكلات لدى دوائر التموين هي عدم وجود معايير وأسس للتسعير تعتمد الكلف الحقيقية للإنتاج وتحدد هوامش الربح.وعليه فإن الخطوة الأولى باتجاه معالجة هذا الواقع تبدأ باعتماد الحد الأقصى للأرباح بنسبة 40% للخضار والفواكه سريعة التلف، و30% لباقي المواد، وضبط أسعار بيع المبيدات والأدوية الزراعية وباقي مستلزمات الإنتاج وضمان صلاحية وفاعلية تلك الأدوية والمستلزمات، والعمل على تسهيل حركة مرور السيارات الناقلة للإنتاج الزراعي دون فرض رسوم إضافية تؤثر سلبًا على السعر.
قد يهمك ايضا
العباءة الرياضيّة تغزو الأسواق السعودية على حساب نظيرتها الكلاسيكية
المؤشر السعودي "TASI" يتراجع أسفل مستوى 7200
أرسل تعليقك