سجل الأسبوع الأخضر الـ85 الذي يقام سنويًا في برلين أرقامًا قياسية، سواء من ناحية عدد المشاركين أو حجم العقود التي أبرمت، أو ما أنفقه الزوار في شراء مواد غذائية من كل أنحاء العالم، وتناول الأطعمة اللذيذة في المطاعم التي أقامتها الدول المشاركة، حيث وصلت الحصيلة إلى 52 مليون يورو، كما شارك 1810 عارضين (مقابل 1751 عام 2019)، من 72 دولة (مقابل 61 العام الماضي)، على مساحة 129 ألف متر مربع (125 ألفًا العام الماضي). ووصل عدد الحضور إلى 400 ألف شخص، من بينهم 90 ألف زائر تجاري، مقابل 85 ألفًا عام 2019.
والمشاركة العربية كانت قليلة جدًا، واقتصرت على الجزائر وتونس والمغرب وقطر، في المقابل حضرت 14 دولة أفريقية.
وإلى جانب الموسيقى والأجواء الجميلة والطعام اللذيذ، فإن للأسبوع الأخضر جانبًا مهمًا جدًا؛ حيث تقام حلقات دراسة وورش عمل تتعلق بوضع القطاع الفلاحي وأوضاع المزارعين، بالأخص في البلدان النامية والفقيرة، وذلك في ظل التغييرات المناخية الخطيرة والكوارث الطبيعية وسياسات مصانع الإنتاج الغذائي.
وظهرت أهمية معالجة هذه الأوضاع الصعبة في كلمة افتتاح جوليو كلوكنر، وزيرة الزراعة والتغذية الألمانية. فهي لم تخفِ المشكلات الخطيرة التي تعاني منها الدول النامية والفقيرة، مشيرة إلى أن أكثر من 70 مليون شخص في حالة فرار، والسبب في كثير من الأحيان "الجوع" نتيجة إخفاقات المحاصيل والحقول الفارغة والمزارع التي نفقت فيها المواشي.
وحسب قولها: "من أجل إطعام حولي 10 مليارات إنسان في العقود القريبة المقبلة؛ يتعين علينا زيادة الإنتاج الزراعي بنحو 70 في المائة".
لكن هناك 65 دولة في العالم لا تملك ما يكفي من الأراضي الخصبة لإنتاج احتياجات سكانها الغذائية.
وتركز ورش عمل على الوضع في بلدان القارة الأفريقية، ففي جنوب الصحراء الكبرى ورغم نمو الزراعة هناك، وتعزيز الأمن الغذائي، لا يزال الطريق طويلًا. حيث تظهر بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن نحو 73 في المائة من الأفارقة يعيشون منذ عام 2010 على أقل من دولارين في اليوم، و27 في المائة لا يستهلكون ما يكفي من السعرات الحرارية، و24 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من نقص الوزن، وهناك 925 مليون شخص يتضورون جوعًا في العالم.
وأشارت ندوة أقامتها منظمة "خبز للعالم" إلى أنه نظرًا لعدم إنتاج ما يكفيها، تنفق الاقتصادات الأفريقية ما بين 30 إلى 50 مليار دولار سنويًا على وارداتها من الأغذية. ونتيجة لذلك، تفتقر هذه القارة إلى الأموال اللازمة لتطوير البنية التحتية والسياسة الاجتماعية. وارتفاع عدد سكان أفريقيا المتوقع إلى ما فوق المليارين حتى عام 2050 يتطلب زيادة الإنتاج الزراعي بشكل كبير. فبحلول عام 2030 ستحتاج أفريقيا إلى 150 مليار دولار لاستيراد الغذاء، لكن اللافت أن الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى لا تستخدم سوى 2 في المائة من ثرواتها المائية للريّ.
وذكر خبراء زراعة وتغذية في ورش العمل أن زيادة الإنتاج الزراعي في بعض البلدان أدى إلى ارتفاع دخل المزارعين، وكانت النتيجة تحسين الإمدادات الغذائية. إلا أن غلة المحاصيل الأفريقية أقل بكثير من المتوسط الدولي، وهذا له أسبابه، منها الافتقار إلى التكنولوجيا الحديثة والأساليب الفعّالة، وانخفاض استخدام البذور والأسمدة عالية الغلة، وعدم كفاية الري نتيجة الاضطرابات والصراعات السياسية الداخلية.
وسيزيد تغيّر المناخ من تفاقم الوضع؛ حيث ستنخفض المحاصيل الزراعية في حقول الأمطار في أماكن كثيرة في القارتين الأفريقية والآسيوية، عندها يتعين على المزارعين التكّيف بجمع مياه الأمطار وزراعة النباتات المقاومة للجفاف وحماية البيئة.
كما نوقشت مخاطر الزراعة الأحادية ومساوئها على التربة؛ حيث تستثمر بلدان غنية المساحات الزراعية في بلدان الفقيرة، وذلك منذ ازدهار الزراعات من أجل إنتاج الوقود الأحيائي، وبعد تفجّر أزمة الغذاء العالمي سنة 2008. فهي تقتني أو تستأجر مساحات شاسعة لإنتاج النباتات الضرورية لذلك، وتحصل أيضًا على حق استعمال الثروات المائية المحلية لري زراعاتها.
وكما ورد في ورش عمل، أقامتها منظمة "خبز للعالم"، فقد ظلت العقود التي كان يتم إبرامها مع حكومات البلدان الفقيرة للزراعة الأحادي لعقود طي الكتمان، ما أدى إلى تضاعف المخاطر بشأن استخدام الثروات المائية، ليس هذا فقط، بل إلحاق الأضرار الفادحة بالأرض والتربة والفلاحين مع مرور الوقت.
وذكّر خبراء مشاركون في ورش العمل بأهمية الإصلاح الإداري الفلاحي، ففتح المجال لزراعة الأراضي الصالحة للزراعة، يشجّع على تكثيف الإنتاج الزراعي. وهذا يتطلب زيادة استخدام تكنولوجيا الري والتسميد المعدني وحماية المحاصيل والمواد النباتية والحيوانية عالية الجودة.
قد يهمك ايضـــًا :
"الفاو" تعلن أستقرار أسعار الغذاء العالمية في سبتمبر
أسعار الذرة والقمح تدفع مؤشر الفاو لأسعار المواد الغذائية العالمية إلى الانخفاض
أرسل تعليقك