مشروع لترميم مدينة بابل الأثرية في العراق وإعادتها إلى قائمة التراث العالمي
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

صدام شوهها والأميركان اتخذوها قاعدة عسكرية والمحليون بنوا فيها مساكنهم

مشروع لترميم مدينة بابل الأثرية في العراق وإعادتها إلى قائمة التراث العالمي

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - مشروع لترميم مدينة بابل الأثرية في العراق وإعادتها إلى قائمة التراث العالمي

منظر عام لبقايا مدينة بابل الآثرية وسط العراق

بغداد ـ العرب اليوم في أواسط الثمانينات وبينما كانت نيران الحرب العراقية - الإيرانية مشتعلة، انصب اهتمام الحكومة العراقية على إعادة إعمار مدينة بابل الأثرية بما يتناسب وتفكير النظام الحاكم وقتذاك باتجاه تمجيد صدام حسين، الرئيس العراقي الراحل، فتم إعادة بناء بعض القصور والمعابد بآجر حديث، طبع عليه «من نبوخذ نصر إلى صدام حسين المجيد.. بابل تنهض من جديد»، وختمت جدران المدينة الأثرية بصورتين متداخلتين، الأولى مستمدة من نحت بارز للملك البابلي الأكثر شهرة نبوخذ نصر، والثانية لصدام حسين، كما تم بناء قصر ومقصورة شرف (خاصة بصدام حسين) من المرمر والمواد الحديثة المترفة على تل مرتفع يطل على المسرح البابلي، وإطلاق اسم الرئيس العراقي (الراحل) على تل وسط بابل الأثرية.
غير هذا، تم أيضا تعبيد الشوارع العتيقة لبابل بالإسفلت الحديث وحفر بحيرة اصطناعية قرب المسرح البابلي ومقاه ومطاعم استعدادا لإقامة مهرجان بابل الثقافي الفني. هذه الإضافات كادت تخرج بابل من أهميتها التاريخية، إذ هددت منظمة اليونيسكو، التابعة للأمم المتحدة، بشطبها من قائمة المدن الأثرية إذا لم يتم إزالة الإضافات الحديثة.
ومع الاحتلال الأميركي للعراق، اتخذت قوة عسكرية أميركية من مدينة بابل الأثرية قاعدة لها، وهزت حركة المدرعات وطائرات الهليكوبتر الأميركية جدران المعابد والقصور، وزقورة بابل الشهيرة التي يعود تاريخ بنائها إلى ستة آلاف عام، كما تعرضت الآثار للسرقة من دون أي رادع.
اليوم، تحاول منظمة غير حكومية أميركية ترميم بابل، التي كانت حدائقها المعلقة واحدة من عجائب الدنيا السبع، وبالمطرقة والمنشار والإزميل، ينهمك عمال عراقيون عند بوابة عشتار في إزالة وتفتيت البلاط الخرساني، في إطار عملية ترميم هذه البوابة التي تبدو صعبة.
وتغطي ألواح الإسمنت التي صبت في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين (1979 - 2003) المسافة بين جدارين شاهقين مزينين بمواكب الثيران والتنين.
وهذا التدخل أضر بالصرح الذي شيد منذ 2500 عام «وسرع من تدهور الموقع»، على حد قول جيف ألن المدير الميداني للمشروع. وأضاف: «نحاول وقف، أو على الأقل إبطاء الآليات التي تجعل البوابة تضعف».
وبابل واحدة من أكثر المدن التاريخية الأثرية شهرة في العالم. وقد تعرضت على مدى التاريخ لأضرار وأذى. ومشروع «مستقبل بابل» جهد مشترك بين المنظمة غير الحكومية الأميركية الصندوق العالمي للآثار التي تعمل على حفظ المواقع التراثية والثقافية الرئيسة، والهيئة الوطنية للآثار العراقية.
والهدف الأساسي من المشروع، كان استكمال خطة لإدارة المواقع في بابل، لكنها توسعت لتشمل الترميم وإعادة صيانة أجزاء مختلفة من الموقع أيضا.
وقال جيف ألن لوكالة الصحافة الفرنسية: «في 1980، كان هناك تدخل كبير في البناء الحديث أضيف على واجهات بوابة عشتار وتغييرات في التضاريس الخلفية، إضافة إلى تسطيح قاعدة البوابة بخرسانة». وأضاف أن «كل هذه الأشياء تساهم إلى حد كبير في زيادة حجم الأضرار في الموقع واضمحلاله، وما نقوم به في بوابة عشتار هو محاولة إيقاف أو على الأقل الإبطاء من انهيار البوابة».
ويعد إزالة الخرسانة من الجدران أمرا جوهريا للحفاظ على بوابة عشتار في بابل التي كانت قاعدة لبوابة أخرى تحمل الاسم نفسه وتعرض في برلين.
والى جانب مشاكل الترميم الحديث الذي يغطي الجدران الأصلية لبوابة عشتار، فإن المياه الجوفية تحت البناء تشكل خطرا آخر يهدد بتآكل أسسه.
وقال المصدر نفسه إن إزالة الإسمنت «ستسمح للأرض بالتنفس وبتبخر الماء، لأنه في الوقت الحاضر المياه لا يمكنها الخروج، والطريق الحالي الوحيد لها هو التسرب إلى الجدران».
إلى ذلك، صبت طبقة من الإسمنت على عجل فوق البوابة وتحولت إلى مجرى لمياه الأمطار على الجدران. وتغطي أجزاء من البوابة كميات من الآجر الحديث التي سيتعين إزالتها واستبدالها أخريات بها تحمل مواصفات تاريخية بصورة دقيقة. كما انتزع سكان القرى المجاورة في الماضي الكثير من الآجر الأصلي من مدينة بابل الأثرية واستخدموه في بناء منازلهم الفقيرة.
وشيد جدار من طوب حديث نوعيته رديئة ليرمز لبناء قديم يمتد على ما تبقى من طريق سلكه الإسكندر الأكبر. وقال ألن: «إنه عمل فظيع لأنه شيد على إطلال البناء الأصلي». وشيد كذلك عدد من الأبنية ذات طراز حديث على إطلال المواقع الأثرية. وبدأ البناء في بابل عام 1970، لكنه تسارع في زمن حكم الرئيس الراحل صدام حسين، بحسب ألن الذي يقول بهذا الصدد إن «صدام حسين أعطى أوامر لجعل بابل بأحلى حلة أمام زوارها المشاركين في المهرجان الذي كان يقام سنويا فيها». وأضاف أن «ذلك يعد كارثة لسلامة الموقع وكارثة لأعمال الصيانة».
وشيد قصر على سفح أحد التلال الصناعية التي أقيمت، يحمل توقيعه وصوره، ويتعرض حاليا للتشويه من الداخل بواسطة الكتابة على جدرانه.
وشبه الديكتاتور السابق نفسه بنبوخذ نصر الثاني الذي وسع سلطة بابل وأعاد بناء المدينة، لكن انتهى به المطاف مثل داريوس الثالث الذي أشرف على سلسلة من الكوارث العسكرية وهرب، أو على الأرجح قتل على يد رجال من مواطنيه.
لكن الإساءة إلى موقع بابل القديمة لم تقتصر على عصر حكم الرئيس صدام حسين. فقد أنشأ البريطانيون خلال فترة استعمارهم للعراق خطا للسكك الحديدية يمر عبر الموقع حسبما يقول ألن، بينما أنجزت الحكومة العراقية لاحقا ثلاثة أنابيب لنقل النفط عبر المدينة القديمة.
إلى ذلك، شيد موقف للسيارات من الإسفلت داخل المدينة التي استخدمتها القوات الأميركية والبولندية أيضا قاعدة عسكرية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بصدام حسين. وقد سبب ذلك مزيدا من الأضرار.
ويقول ألن: «لقد أسيء إلى هذا الموقع لعقود من الزمن، ويجب أن يتوقف ذلك»، موضحا أن «المشكلة الآن لا تكمن في صدام أو الاحتلال العسكري الذي كان هنا، بل في الناس الذين بنوا منازل حول الموقع» مشيرا إلى أنه «لا أحد يفعل شيئا، لأن الحكومة لا يمكنها أن تتعاون داخل نفسها لفرض القانون السارية».
ويشاهد عدد كبير من المنازل التي شيدت من الآجر والإسمنت من الموقع القديم في مدينة بابل، بينما هناك قرية اسمها سنجار يقيم بها ألف نسمة داخل حدود الموقع وقرب بوابة عشتار. ويعد بناء منازل حديثة على أرض بابل مشكلة، إذ إن نظام المياه الثقيلة لهذه المنازل يعرض الموقع للخطر وقد يسبب تسرب المياه إلى الأرض أضرارا كبيرة لبقايا المدينة.
وسعى العراق دون جدوى لإدراج مدينة بابل من قبل منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي، لكنه يخطط للمحاولة مرة أخرى.
ويقول حسين العماري، أرفع مسؤول في هيئة الآثار بمحافظة بابل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «عملنا اليوم هو إعادة بابل واستكمال ملفات المدينة لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي، ولكن هذا يتطلب مبالغ كبيرة من المال». ويبدو أن الحكومة العراقية لا تمول الأعمال الجارية في بابل بسخاء.
ويقول ألن: «هناك نقص في تمويل المواقع التراثية».
من جانبه، أعرب العماري عن أمله أن «تكون بابل مصدرا رئيسا للدخل بالعراق ومكانا لاستقبال السياح». لكن، مع صعوبات لا تعد ولا تحصى يجب التغلب عليها في الموقع والمخاوف الأمنية المستمرة في العراق، تبقى هذه الأهداف بعيدة المنال.

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع لترميم مدينة بابل الأثرية في العراق وإعادتها إلى قائمة التراث العالمي مشروع لترميم مدينة بابل الأثرية في العراق وإعادتها إلى قائمة التراث العالمي



GMT 17:00 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تونس ضيف شرف الدورة الأولى لمهرجان الرياض للمسرح

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab