خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات

لبنان
بيروت - العرب اليوم

خلال خمسين يومًا، نظّم عبيدة التكريتي (29 عامًا)، وهو خريج قسم العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، أكثر من 100 جلسة حوارية، في "ساحة النور"، في طرابلس، "عروس الثورة" اللبنانية، وأكثر تجمعاتها حيوية ونشاطًا.

 

استضاف عبيدة، في الجلسات التي تُقام في الشارع، ويحضرها مئات الأشخاص، ضيوفًا ومتحدثين، بينهم كتّاب، ومفكرون، واقتصاديون، وأكاديميون، وخبراء من مختلف الاختصاصات، ومنهم مَن يقطعون مسافات طويلة، بهدف التواصل مع المنتفضين في طرابلس.

 

وبدءًا من الساعة الخامسة، من بعد ظهر كل يوم، تتوجه الجموع إلى ما بات يُعرف بـ"ساحة ومساحة" حيث تتم المداخلات، وتستمر النقاشات حتى الساعة الثامنة، وفقًا لبرنامج يُعلن عنه. ويتكلم الضيف الواحد عشر دقائق فقط، ينقل خلالها معلوماته، تاركًا بعض الثغرات وطارحًا بعض الأسئلة على الحضور، قبل أن يفتح باب الأسئلة أمام الحاضرين، الذين يتحلقون في مجموعات غفيرة، ويتابعون الحوارات وقوفًا أو جلوسًا على الأرض.

 

ويتناوب في كل يوم ثلاثة متحدثين، أقل ما يقال إنهم صاروا موضع انتظار المهتمين. ومثل "ساحة ومساحة" ثمة عشرات المواعيد في ساحات الاعتصام من شمال لبنان إلى جنوبه، في جل الديب وبيروت وصيدا وغيرها من الأماكن الرئيسية للتجمعات الاحتجاجية.

 

ظاهرة المحاضرات، والحوارات في الشارع، أو في الخيام المنصوبة في الساحات، واحدة من أهم ظواهر الانتفاضة اللبنانية؛ فإلى جانب المنصات التي تُطلِق الهتافات الحماسية والأغنيات الثورية، ثمة المظاهرات التي تجوب الشوارع، والخيام التي نصبها المنتفضون، تحت عناوين مختلفة، وبينها مَن تستقبل حوارات مسائية بصيغ مختلفة، وأولويات متباينة.

 

في وسط بيروت، وتحت عنوان "حكي ثورة"، يتجمع الراغبون في الاستماع إلى المتحدثين كل يوم في "ساحة سمير قصير"، حيث تكون مداخلة رئيسية غالبًا ما تدور حول الوضع السياسي، أو الأزمة الاقتصادية، وسبل الحل، أو أوضاع البنوك وتعثراتها، وكيف يمكن استعادة الأموال المنهوبة، ومن ثم تُطرَح أسئلة. في حين أن خيمة "دار الجديد وأمم للأبحاث والتوثيق"، في العازارية وسط بيروت أيضًا، تستقبل الراغبين في الكلام، حيث يُتركون على سجيتهم، من دون ضيوف رئيسيين.

 

تقول الأديبة رشا الأمير صاحبة "دار الجديد" للنشر التي تعرض كتب الدار أيضًا في خيمتها: "نستقبل ضيوفنا كل يوم بدءًا من الساعة الخامسة، وهم ينتمون إلى بيئات مختلفة، وكل يتحدث في الموضوع الذي يريد".

 

هذه المساحات المفتوحة للحوار وتبادل المعلومات والخبرات، هي عبارة عن "(هايد بارك)، كلّ يقول ما عنده. بالإمكان اعتبارها جامعة مجانية في الهواء الطلق. محاضرات على مدار الساعة". الأمير من جانبها، مع إعجابها بما يحدث، وتأكيدها على أهمية المتحدثين، وبينهم مديرون، وأناس تحملوا مسؤوليات، وعلى اطلاع كبير على الخفايا والكواليس، ترى "أن ما يبقى ما يدور في الخيام، على هامش مركز القرار الفعلي. إذ إن هؤلاء جميعًا يشكلون ما يشبه معارضة افتراضية لا أكثر. فالناس لها مطالب معيشية ومشتركات، وتريد من خلال هذه الحلقات الحوارية أن تتعرف من أهل الاختصاص، كالمحامين مثلًا، كيف بمقدورها الوصول إلى تشكيل سلطة قضائية مستقلة، وبأي السبل؟! وهناك من يريد أن يعرف من خبراء البنوك، لماذا تحولت أمواله إلى مبالغ محتجزة، وهل سيُفرج عنها، أم أنها ذهبت هباء الريح؟"، مواضيع دستورية، وقد تكون حول الزراعة، أو التعليم، وربما كتابة التاريخ، أو نزاهة القضاء. فكل ما يشغل بال المواطن، يتم بحثه في محاولة لبلورة الأفكار، وبلورة الرؤى.

 

مع أن للشعر حصة وللأدب أحيانًا، فإن الأوضاع الحياتية المستجدة بصعوباتها وعثراتها، هي التي تفرض نفسها على الخيام الثقافية وحواراتها. ففي خيمة "الملتقى" في بيروت التي تشهد مداخلات، يشارك فيها أساتذة وأكاديميون من جامعات كبيرة، خصوصًا من الجامعة الأميركية، ويحضرها عدد كبير من المهتمين، كان حوارًا عن أوضاع البنوك، لكن، في اليوم التالي، وبسبب وقوع حالات انتحار عدة خلال يومين متتاليين، كانت جلسة حول الاضطرابات النفسية، والنصائح للتخلص من القلق والاضطراب، في مواجهة الظروف الصعبة.

 

هكذا يستل أهل الخيام مواضيعهم من حولهم، ومن حاجة الناس المعرفية. لذلك فإن خيمة "بيروت مدينتي" التي خاض ناشطوها الانتخابات سابقًا، وسجّلوا شعبية لا يُستهان بها، كان الانتحار أيضًا من بين المواضيع التي ناقشوها، وخاضوا غمارها. هناك مَن يحاول أن يبحث عن خطط اقتصادية للمستقبل، أو حلول سياسية، وأفكار إنقاذية. كل يفكر في مجاله. وتشرح الأمير أن "(أمم للأبحاث والتوثيق) تقوم بعملها المعتاد. توثق من جهتها كل ما يحدث في الانتفاضة، تجمع البيانات التي تصدر عن المنتفضين بمختلف جماعاتهم، وكذلك تجمع الصور، لكن لا بد من دولة في النهاية ومؤسسات تدعم هذا العمل الأرشيفي وتستفيد منه".

 

عبيدة التكريتي الذي يقوم بإحياء حلقات نقاش "ساحة ومساحة" في طرابلس، يستقبل ما معدله ثلاثة متحدثين كل يوم. بدأ نشاطه هذا في اليوم الثالث من الثورة، حتى قبل أن تنصب الخيام في ساحة النور. وهو لا يدعي مهمة نشر الوعي، بقدر ما يرى أن الهدف هو التقاء الناس ببعضهم، وتعارفهم وجهًا لوجه، وهو ما كان غائبًا.

 

الهدف أيضًا هو خلق هذا التفاعل الإنساني - الفكري الذي يتيح بناء مبادرات سياسية مشتركة. كما أن هذه اللقاءات قد تسهم في تأطير عمل ما، أو بلورة حركات جماعية. ولا بأس في رأيه، في هذه الفوضى الفكرية التي قد ينتج عنها مجموعات تشكل مشهدًا مختلفًا عن التعبير بقطع الطرقات أو تسكير المرافق العامة للاحتجاج. "هي كرة ثلج. فالذين يحضرون المحاضرة والنقاش، سيعودون إلى بيوتهم ويتحدثون مع عائلاتهم ويشرحون لهم، كما أنهم سيلتقون أصدقاء ويتبادلون معهم الأفكار. وهذا ينمو باطراد. وبالتالي هي عملية تراكمية. وهنا تكمن أهميتها"، ويعتقد عبيدة أن المشكلة لغاية اللحظة أن المنتفضين يكتفون بتوجيه مطالبهم للسلطة، أو كأنما هم ينتظرون شخصًا وهميًا يأتي ليتحمل المسؤولية، بينما البلد بحاجة لمن يقررون هم أنفسهم تحمل المسؤولية وتبعاتها، وهذا بدأ ينمو، لكنه لم يتبلور بعد، ويحتاج إلى وقت. لأن مفهومنا عن العمل السياسي بسبب كل ما شاهدناه من تجاوزات في السلطة، أصبح مشوهًا.

 

"ساحة ومساحة" واحدة من أنجح التجارب المعرفية - الحوارية في الساحات اللبنانية، مع أنها قامت بجهد شبه فردي، وبإمكانات تقارب الصفر. إذ إنها مساحة في الهواء الطلق، حتى من دون خيمة. رأسمالها متحدثون يقبلون بالحضور من أماكن بعيدة، وجمهور يجيد طرح الأسئلة المختصرة والذكية، ومدير لكل هذا يعرف كيف لا يجعل الملل يتسرب إلى القلوب. والتكريتي لا ينكر أنه يخبر ضيفه سلفًا بأن المطلوب منه ليس محاضرة بل مداخلة يجب ألا تتجاوز مدتها العشر دقائق، يطرح بعدها الضيف أسئلة على الحاضرين، ليحرّضهم على الكلام، ويجيبهم، ومن ثم يفتح باب النقاش.

 

أما الحضور، فقد تطور بفعل مرور الأيام، وصار يطرح الأسئلة المختصرة السريعة التي يشترط عليهم ألا تتجاوز مدتها النصف دقيقة، من دون استطرادات. ومن يستجدون في الحضور صاروا يتماهون مع مَن تمرسوا قبلهم، ويسألون بطريقتهم نفسها.

 

لا يتوقف مَن يدير الجلسات عن التذكير بالموضوع الرئيسي، فثمة مَن يصلون ومن يغادرون، وكل هذا يحدث في الشارع، في مكان صاخب تعلو فيه أصوات الهتافات، وحماسة المتظاهرين أو العابرين في المكان. عبيدة يقول إنه لم ينقطع يومًا عن الحضور، وهو باقٍ لأن الوقت الذي يستثمره هنا، إنما هو جزء من بناء المستقبل.

 جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

اللبنانيون يقيمون الخيام الثقافية على هامش الثورة ويناقشون مختلف القضايا

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

خيام ثقافية على هامش الثورة اللبنانية تجمع الخبراء من مختلف التخصصات

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

خيام ثقافية على هامش الثورة اللبنانية تجمع الخبراء والكتّاب لمناقشة المتظاهرين

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بناقشات مهمة في مختلف القضايا

جامعة مفتوحة على مدار الساعة تستقبل حشود الجماهير بشكل يومي

الخيام الثقافية أبرز مظاهر الثورة اللبنانية تشعل الأجواء بمناقشات جادة ومتنوعة

خلال خمسين يومًا، نظّم عبيدة التكريتي (29 عامًا)، وهو خريج قسم العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، أكثر من 100 جلسة حوارية، في "ساحة النور"، في طرابلس، "عروس الثورة" اللبنانية، وأكثر تجمعاتها حيوية ونشاطًا.

 

استضاف عبيدة، في الجلسات التي تُقام في الشارع، ويحضرها مئات الأشخاص، ضيوفًا ومتحدثين، بينهم كتّاب، ومفكرون، واقتصاديون، وأكاديميون، وخبراء من مختلف الاختصاصات، ومنهم مَن يقطعون مسافات طويلة، بهدف التواصل مع المنتفضين في طرابلس.

 

وبدءًا من الساعة الخامسة، من بعد ظهر كل يوم، تتوجه الجموع إلى ما بات يُعرف بـ"ساحة ومساحة" حيث تتم المداخلات، وتستمر النقاشات حتى الساعة الثامنة، وفقًا لبرنامج يُعلن عنه. ويتكلم الضيف الواحد عشر دقائق فقط، ينقل خلالها معلوماته، تاركًا بعض الثغرات وطارحًا بعض الأسئلة على الحضور، قبل أن يفتح باب الأسئلة أمام الحاضرين، الذين يتحلقون في مجموعات غفيرة، ويتابعون الحوارات وقوفًا أو جلوسًا على الأرض.

 

ويتناوب في كل يوم ثلاثة متحدثين، أقل ما يقال إنهم صاروا موضع انتظار المهتمين. ومثل "ساحة ومساحة" ثمة عشرات المواعيد في ساحات الاعتصام من شمال لبنان إلى جنوبه، في جل الديب وبيروت وصيدا وغيرها من الأماكن الرئيسية للتجمعات الاحتجاجية.

 

ظاهرة المحاضرات، والحوارات في الشارع، أو في الخيام المنصوبة في الساحات، واحدة من أهم ظواهر الانتفاضة اللبنانية؛ فإلى جانب المنصات التي تُطلِق الهتافات الحماسية والأغنيات الثورية، ثمة المظاهرات التي تجوب الشوارع، والخيام التي نصبها المنتفضون، تحت عناوين مختلفة، وبينها مَن تستقبل حوارات مسائية بصيغ مختلفة، وأولويات متباينة.

 

في وسط بيروت، وتحت عنوان "حكي ثورة"، يتجمع الراغبون في الاستماع إلى المتحدثين كل يوم في "ساحة سمير قصير"، حيث تكون مداخلة رئيسية غالبًا ما تدور حول الوضع السياسي، أو الأزمة الاقتصادية، وسبل الحل، أو أوضاع البنوك وتعثراتها، وكيف يمكن استعادة الأموال المنهوبة، ومن ثم تُطرَح أسئلة. في حين أن خيمة "دار الجديد وأمم للأبحاث والتوثيق"، في العازارية وسط بيروت أيضًا، تستقبل الراغبين في الكلام، حيث يُتركون على سجيتهم، من دون ضيوف رئيسيين.

 

تقول الأديبة رشا الأمير صاحبة "دار الجديد" للنشر التي تعرض كتب الدار أيضًا في خيمتها: "نستقبل ضيوفنا كل يوم بدءًا من الساعة الخامسة، وهم ينتمون إلى بيئات مختلفة، وكل يتحدث في الموضوع الذي يريد".

 

هذه المساحات المفتوحة للحوار وتبادل المعلومات والخبرات، هي عبارة عن "(هايد بارك)، كلّ يقول ما عنده. بالإمكان اعتبارها جامعة مجانية في الهواء الطلق. محاضرات على مدار الساعة". الأمير من جانبها، مع إعجابها بما يحدث، وتأكيدها على أهمية المتحدثين، وبينهم مديرون، وأناس تحملوا مسؤوليات، وعلى اطلاع كبير على الخفايا والكواليس، ترى "أن ما يبقى ما يدور في الخيام، على هامش مركز القرار الفعلي. إذ إن هؤلاء جميعًا يشكلون ما يشبه معارضة افتراضية لا أكثر. فالناس لها مطالب معيشية ومشتركات، وتريد من خلال هذه الحلقات الحوارية أن تتعرف من أهل الاختصاص، كالمحامين مثلًا، كيف بمقدورها الوصول إلى تشكيل سلطة قضائية مستقلة، وبأي السبل؟! وهناك من يريد أن يعرف من خبراء البنوك، لماذا تحولت أمواله إلى مبالغ محتجزة، وهل سيُفرج عنها، أم أنها ذهبت هباء الريح؟"، مواضيع دستورية، وقد تكون حول الزراعة، أو التعليم، وربما كتابة التاريخ، أو نزاهة القضاء. فكل ما يشغل بال المواطن، يتم بحثه في محاولة لبلورة الأفكار، وبلورة الرؤى.

 

مع أن للشعر حصة وللأدب أحيانًا، فإن الأوضاع الحياتية المستجدة بصعوباتها وعثراتها، هي التي تفرض نفسها على الخيام الثقافية وحواراتها. ففي خيمة "الملتقى" في بيروت التي تشهد مداخلات، يشارك فيها أساتذة وأكاديميون من جامعات كبيرة، خصوصًا من الجامعة الأميركية، ويحضرها عدد كبير من المهتمين، كان حوارًا عن أوضاع البنوك، لكن، في اليوم التالي، وبسبب وقوع حالات انتحار عدة خلال يومين متتاليين، كانت جلسة حول الاضطرابات النفسية، والنصائح للتخلص من القلق والاضطراب، في مواجهة الظروف الصعبة.

 

هكذا يستل أهل الخيام مواضيعهم من حولهم، ومن حاجة الناس المعرفية. لذلك فإن خيمة "بيروت مدينتي" التي خاض ناشطوها الانتخابات سابقًا، وسجّلوا شعبية لا يُستهان بها، كان الانتحار أيضًا من بين المواضيع التي ناقشوها، وخاضوا غمارها. هناك مَن يحاول أن يبحث عن خطط اقتصادية للمستقبل، أو حلول سياسية، وأفكار إنقاذية. كل يفكر في مجاله. وتشرح الأمير أن "(أمم للأبحاث والتوثيق) تقوم بعملها المعتاد. توثق من جهتها كل ما يحدث في الانتفاضة، تجمع البيانات التي تصدر عن المنتفضين بمختلف جماعاتهم، وكذلك تجمع الصور، لكن لا بد من دولة في النهاية ومؤسسات تدعم هذا العمل الأرشيفي وتستفيد منه".

 

عبيدة التكريتي الذي يقوم بإحياء حلقات نقاش "ساحة ومساحة" في طرابلس، يستقبل ما معدله ثلاثة متحدثين كل يوم. بدأ نشاطه هذا في اليوم الثالث من الثورة، حتى قبل أن تنصب الخيام في ساحة النور. وهو لا يدعي مهمة نشر الوعي، بقدر ما يرى أن الهدف هو التقاء الناس ببعضهم، وتعارفهم وجهًا لوجه، وهو ما كان غائبًا.

 

الهدف أيضًا هو خلق هذا التفاعل الإنساني - الفكري الذي يتيح بناء مبادرات سياسية مشتركة. كما أن هذه اللقاءات قد تسهم في تأطير عمل ما، أو بلورة حركات جماعية. ولا بأس في رأيه، في هذه الفوضى الفكرية التي قد ينتج عنها مجموعات تشكل مشهدًا مختلفًا عن التعبير بقطع الطرقات أو تسكير المرافق العامة للاحتجاج. "هي كرة ثلج. فالذين يحضرون المحاضرة والنقاش، سيعودون إلى بيوتهم ويتحدثون مع عائلاتهم ويشرحون لهم، كما أنهم سيلتقون أصدقاء ويتبادلون معهم الأفكار. وهذا ينمو باطراد. وبالتالي هي عملية تراكمية. وهنا تكمن أهميتها"، ويعتقد عبيدة أن المشكلة لغاية اللحظة أن المنتفضين يكتفون بتوجيه مطالبهم للسلطة، أو كأنما هم ينتظرون شخصًا وهميًا يأتي ليتحمل المسؤولية، بينما البلد بحاجة لمن يقررون هم أنفسهم تحمل المسؤولية وتبعاتها، وهذا بدأ ينمو، لكنه لم يتبلور بعد، ويحتاج إلى وقت. لأن مفهومنا عن العمل السياسي بسبب كل ما شاهدناه من تجاوزات في السلطة، أصبح مشوهًا.

 

"ساحة ومساحة" واحدة من أنجح التجارب المعرفية - الحوارية في الساحات اللبنانية، مع أنها قامت بجهد شبه فردي، وبإمكانات تقارب الصفر. إذ إنها مساحة في الهواء الطلق، حتى من دون خيمة. رأسمالها متحدثون يقبلون بالحضور من أماكن بعيدة، وجمهور يجيد طرح الأسئلة المختصرة والذكية، ومدير لكل هذا يعرف كيف لا يجعل الملل يتسرب إلى القلوب. والتكريتي لا ينكر أنه يخبر ضيفه سلفًا بأن المطلوب منه ليس محاضرة بل مداخلة يجب ألا تتجاوز مدتها العشر دقائق، يطرح بعدها الضيف أسئلة على الحاضرين، ليحرّضهم على الكلام، ويجيبهم، ومن ثم يفتح باب النقاش.

 

أما الحضور، فقد تطور بفعل مرور الأيام، وصار يطرح الأسئلة المختصرة السريعة التي يشترط عليهم ألا تتجاوز مدتها النصف دقيقة، من دون استطرادات. ومن يستجدون في الحضور صاروا يتماهون مع مَن تمرسوا قبلهم، ويسألون بطريقتهم نفسها.

 

لا يتوقف مَن يدير الجلسات عن التذكير بالموضوع الرئيسي، فثمة مَن يصلون ومن يغادرون، وكل هذا يحدث في الشارع، في مكان صاخب تعلو فيه أصوات الهتافات، وحماسة المتظاهرين أو العابرين في المكان. عبيدة يقول إنه لم ينقطع يومًا عن الحضور، وهو باقٍ لأن الوقت الذي يستثمره هنا، إنما هو جزء من بناء المستقبل. قد يهمك أيضاً:

الاحتلال يحول القدس إلى ثكنة عسكرية والضفة الغربية تستعد لجمعة الغضب

غزة على قائمة مطالب المنتفضين في الداخل

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات خيام ثقافية تشعل أجواء المظاهرات اللبنانية بنقاشات لتبادل المعلومات



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:48 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

اكتشاف بروتين يحفز إنتاج الدهون الجيدة والتخلص من السمنة

GMT 19:18 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 00:36 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق لتنظيف السيراميك والأرضيات من الطبيعة

GMT 16:43 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

بناطيل هوت كوتور ربيع 2021 من أسبوع باريس

GMT 12:48 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

جامعة سعودية تتوصل لنتائج تقضى على فيروس كورونا

GMT 13:28 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

GMT 19:49 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"البيت الأبيض" يُعلن سحب قوات بلاده من سورية

GMT 19:12 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فورد إكسبلورر 2020 الجديدة تظهر بتمويهات خفيفة

GMT 03:54 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

ترشيح أحمد السقا لبطولة فيلم "أشرف مروان"

GMT 23:45 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

تعرف على حكم قراءة الفاتحة في "صلاة الجماعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab