خسرت الثقافة العربية في عام 2019، عددا من وجوهها النشيطة والمثابرة في مجال الثقافة والإبداع، كان من أبرزهم وأكثرهم شهرة بين عموم القراء المترجم الفلسطيني الأصل عن اللغة الإسبانية صالح علماني. ويروي صالح بأنه سافر في العام 1970 لدراسة الطب في الجامعة؛ لكنه تحول لدراسة الأدب الإسباني وذلك مع صعود تيار الرواية اللاتينية وبروزها عالميًا في تلك الآونة، فصمد سنة واحدة فقط؛ عمل بعدها في ميناء برشلونة واختلط بعالم القاع كأي متشرد. وبينما كان يتسكع في أحد مقاهي برشلونة ذات مساء، قابل صديقًا كان يحمل كتابًا، فنصحه بقراءته. كانت الطبعة الأولى من "مائة عام من العزلة" لجابرييل جارسيا ماركيز. يقول علماني في حديث صحفي: "عندما بدأت قراءتها، أصبت بصدمة. لغة عجائبية شدتني بعنف إلى صفحاتها. قررت أن أترجمها إلى العربية. وبالفعل ترجمت فصلين ثم أهملتها". وتابع: "عندما عدت إلى دمشق نسيت الرواية في غمرة انشغالاتي. لكن ماركيز ظل يشدني، فترجمت قصصًا قصيرة له، ونشرتها في الصحف المحلية. ثم ترجمت "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" (1979).
وبدأ علماني عمله في وكالة الأنباء الفلسطينية ثم أصبح مترجما في السفارة الكوبية بدمشق وعمل في وقت لاحقٍ في وزارة الثقافة السورية وبالضبطِ في مديرية التأليف والترجمة وفي الهيئة العامة السورية للكتاب إلى أن بلغ سنَّ التقاعد عام 2009. وتخصص صالح منذ أواخر السبعينيات في ترجمة الأدب الأمريكي اللاتيني ثم زادت شهرته حينما ترجم لأبرز كتاب أمريكا اللاتينية بما في ذلك جابرييل جارسيا ماركيز وإيزابيل الليندي وجوزيه ساراماجو وإدواردو جاليانو. وتُعدُّ ليس للكولونيل من يكاتبه أول روايةٍ ترجمها صالح علماني لكاتبها ماركيز والتي حظيت بحفاوة كبيرة.
وبعدما ترجم عشرات الكتب عن الإسبانية؛ طالب 5 من أبرز كتاب أمريكا اللاتينية الذين ترجم لهم الحكومة الإسبانية بأن تمنحه الإقامة تكريمًا لمنجزه في "نقلِ إبداعات اللغة الإسبانية إلى العربية"؛ وهو ما حصل حينما منح الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سوريا. و علماني حصل على العديد من الجوائز والأوسمة لعمله من مدرسة المترجمين في توليدو (جزء من جامعة كاستيا لا مانشا، 2013) ؛ وسام الثقافة والعلوم والفنون (للكتابة الإبداعية)، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، (2014) ؛ اتحاد الكتاب العرب في طنجة، المغرب وأبو ظبي (2015) ؛ جائزة جيرارد كريمونا للترجمة الدولية (2015) ؛ وجائزة عبد الله بن عبد العزيز الدولية للترجمة (في فئة الإنجاز الفردي، 2016).
كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة على أعماله من مدرسة طليطلة للمترجمين عام 2013، وفي عام 2014 حصل على وسام الثقافة والعلوم والفنون (للكتابة الإبداعية) من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. في عام 2015 على جائزة "جيرار دي كريمونا" للترجمة، وحصل عام 2016 على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة ضمن فئة الإنجاز الفردي. شارك علماني في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية حول الترجمة. وأشرف على عدد من ورش الترجمة التطبيقية في الترجمة في معهد سيرفانتس بدمشق.
وكان رأي علماني أن المشكلة أثناء الترجمة في اللهجات الأمريكية اللاتينية وليس في اللغة الإسبانية بحد ذاتها؛ حيث إن تلك اللهجات تختلف من بلد إلى آخر لكنَ "دراسته الطب ومعرفته بشعوب القارة وأحوال معيشتهم وحكاياتهم وخرافاتهم وآلامهم وموسيقاهم، واطلاعه على تاريخ أمريكا اللاتينية بشكل عام ساعده في فهم كل الاختلافات".
نجيب سرور
هو مؤلف شاعر مترجم ومصمم مصري ابن الكاتب الراحل نجيب سرور وقد ولد في الاتحاد السوفيتي من أم روسية وعمل في مصر كمدير موقع الأهرام على الإنترنت. وتوفي شهدي الجمعة الموافق 12 يوليو 2019 في أحد مستشفيات الهند التي انتقل للعيش بها وذلك بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة، عن عمر يناهز 57 عاما. وقد نشر فريد، الابن الأصغر للشاعر نجيب سرور، فيديو مدته 17 دقيقة على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، خلال تشييع شقيقه إلى مثواه الأخير.
هاني شكر الله
الكاتب هاني شكر الله مواليد عام 1950، هو أحد أبرز الوجوه الصحفية المصرية والمحللين السياسيين، وهو معروف بأنه محرر ورئيس سابق لصحيفة الأهرام ويكلي بين الاعوام 1991 - 2005.. ومن ثم عمل كمحرر ورئيس لموقع الاهرام اون لاين وهو موقع أسسه بنفسه حتى عام 2013. عمل مديرًا تنفيذيًا لمؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية في أواخر سنواته، وكان عضوًا في مجلس تحرير جريدة الشروق، ومن مؤسسي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تأسيسه للمركز العربي الأفريقي للأبحاث.
ولد شكر الله في القاهرة عام 1950 ونشأ في المدينة المذكورة، وكان طالبا نشيطا ومجتهدا خلال فترة حكم أنور السادات، ووصف نفسه أنه ماركسي، إلا انه عارضها في وقت لاحق لأنه وصف البلدان الشيوعية ضد الدول الأخرى. وفي عام 1991 تم تعيين شكر الله مدير تحرير وفي وقت لاحق رئيس تحرير صحيفة الأهرام ويكلي، وابتداء من عام 1995 كان لديه عمود في الصحيفة بعنوان تأملات.
وفي يوليو عام 2005 تم إقالة شكر الله من رئاسة التحرير، وأصبح مستشارا لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وفي عام 2009 شغل منصب الرئيس المشارك في تحرير جريدة الشروق اليومية. وفي عام 2010 أطلق شكر الله موقع الأهرام أون لاين وهو موقع إخباري باللغة الإنجليزية لجريدة الأهرام وشغل منصب رئيس التحرير، كما كتب شكر الله مقالات عديدة لجريدة الجارديان ومجلة هندية ومجلة الدراسات الفلسطينية.
أحمد كمال أبو المجد
أبو المجد سياسي ومفكر إسلامي مصري، عمل بالشباب وبقضاياهم فقد أعطى من عمره ما يزيد على العشرين عاما مدافعا عن الشباب وإليه يرجع الفضل في انتشار أقوى تنظيم شبابي سياسي عرفته مصر في الستينيات وأوائل السبعينات عندما قاد منظمة الشباب وعلى يديه تشكل التنظيم الطليعي الذي قدم لمصر كوادر سياسية رائعة.
ولد أبو المجد عام 1930 في محافظة أسيوط، وتقلَّد خلال حياته عددًا من المناصب الرفيعة في حقب مختلفة من تاريخ مصر، منها وزير الشباب 1971-1973 ووزير الإعلام 1973-1975، ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
ومن بين مؤلفات أبو المجد العديدة: "حوار لا مواجهة"، و"رؤية إسلامية معاصرة"، و"المسلمون والعصر"، و"دراسات في المجتمع العربي".
عبد الوهاب الأسواني
ولد عبدالوهاب الأسواني في قرية جزيرة المنصورية التابعة لمركز دراو في محافظة أسوان في عام 1934، وينتمي إلى إحدى القبائل العربية المنتشرة في تلك المنطقة الجنوبية. وصل في دراسته إلى الثانوية العامة ولم يكمل تعليمه نظرا لانشغاله بتجارة كبيرة بدأها والده في الإسكندرية، وفي المدينة الساحلية التي تقع شمال مصر اختلط بمجتمع الأدباء والمثقفين، واقتدى بالأجانب الذين كانوا يقطنون الحي الذي كانت به تجارة والده، تعلم منهم أهمية قراءة الآداب ومتابعة الفنون، وبدأ في سن صغيرة يلتهم الكتب إلى أن صار أحد أهم المثقفين الموسوعيين خاصة في مجال التاريخ، غير أن الرواية حظيت بجل اهتمامه وأخلص لها إلى جانب القصة وصدرت له العديد من الأعمال.
ومن أعماله القصصيية: مملكة المطارحات العائلية، وللقمر وجهان، وشال من القطيفة الصفراء، ومن الأعمال الروائية: سلمى الأسوانية، ووهبت العاصفة، واللسان المر، وابتسامة غير مفهومة، وأخبار الدراويش، والنمل الأبيض. وتوفي عبد الوهاب في يناير 2019، وكان قد حصل على 11 جائزة مصرية وعربية من بينها المركز الأول في خمس مسابقات للقص.
نجيب عياد
منتج تونسي، وناقد فني وأستاذ في الأدب الفرنسي، كان المدير التنفيذي لأيام قرطاج السينمائية في نسختها الثانية والعشرون سنة 2018. ولد نجيب عياد في 13 ديسمبر من سنة 1953، واشتغل كصحافي وناقد أفلام في ما بين 1975 و1980، ثم أصبح عضوًا في لجنة الأفلام التونسية التابعة لوزارة الثقافة، حيث كان المنتج التنفيذي لعشرة أفلام قصيرة وطويلة.
في عام 1998 أسس شركة الضفاف التي من أفلامها "أوديسه" الذي أخرجه إبراهيم باباي سنة 2003، و"ملائكة الشيطان" إخراج أحمد بولان سنة 2007. هذه الشركة أنتجت كذلك مسلسلات تلفزية كذلك. ترأس نجيب عياد العديد من المهرجانات منها المهرجان الدولي لفيلم الأطفال والشباب ومهرجان أيام قرطاج السينمائية سنة 2018. كما كان رئيس اتحاد نوادي السينما في تونس في 1975. كان نجيب عياد الصديق المقرب أحمد بهاء الدين عطية حتى مماته سنة 2007.
كما غاب عن عالمنا في 2019 وجوه أخرى بارزة ساهموا في إثراء الثقافة العربية والإنسانية منهم: مي مَنِسّى (1939) إعلامية، كاتبة، ناقدة فنية وروائية لبنانية. وكذلك الكاتب البنغالي مير عبد الشكور المحمود (11 يوليو 1936 - 15 فبراير 2019) الشاعر والروائي وكاتب قصة قصيرة، والذي تميز إنتاجه الأدبي باستخدام العديد من اللهجات المحلية.
قد يهمك ايضـــًا :
اتحاد كتاب مصر ينعي المترجم الفلسطيني صالح علماني
وفاة المُترجم الفلسطيني السوري صالح علماني عن عمر ناهز السبعين عامًا
أرسل تعليقك