الشيف الإيريتري المُبدع  فكري غيبريسوس يرحل تاركًا 700 لوحة
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

مزج ذكريات طفولته في إريتريا مع حياته في أميركا

الشيف الإيريتري المُبدع فكري غيبريسوس يرحل تاركًا 700 لوحة

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - الشيف الإيريتري المُبدع  فكري غيبريسوس يرحل تاركًا 700 لوحة

لوحة "جنازة صائد السردين"
واشنطن - العرب اليوم

تمكَّن الشيف فكري غيبريسوس من مساحة خيالية خاصة به، عبر مزج ذكريات الطفولة في شرق أفريقيا مع حياته اليومية كزوج وأب في نيو هيفين بولاية كونيتيكت.

ولقد أوجد هذا العالم متعدد الطبقات داخل الاستوديو الخاص به؛ حيث ترك، إثر وفاته المفاجئة عند بلوغه خمسين عاماً في عام 2012، أكثر من 700 لوحة ومئات من الأعمال الفنية الأخرى التي لم تفارق الأوراق بعد.

 كما أنه مارس سحراً مماثلاً في مقهى «كافيه أدوليوس» الشهير؛ حيث كان يتكسب رزقه من طهي الوصفات الهجينة المستمدة من تراث الطهي الشعبي في بلاده الأصلية في إريتريا وإثيوبيا المجاورة.

إذا حاول أحد رواد مقهى «كافيه أدوليوس»، بطريق المصادفة، الذهاب إلى العاصمة الإريترية أسمرة، وسعى للحصول على طبق معروف من قوائم الطعام المحلية، فسيصاب بخيبة أمل حقيقية.

تقول أرملة السيد غيبريسوس، وهي الشاعرة المعروفة إليزابيث ألكسندر، ورئيسة مؤسسة «أندرو ميلون»: «يطلب الناس القريدس في إريتريا، وهو غير متوفر هناك.

وكان من الأمور الرائعة بحق فكري كشيف بارع، أنه كان يمارس الفن بجانب الطهي. إنه مثل الولوج إلى عالم خيالي من اللوحات. فهناك ما يتذكره وهناك ما يبدعه بنفسه».

ولم يحاول غيبريسوس عرض لوحاته علناً أبداً. وعن ذلك قالت أرملته: «اختلفتُ معه بشأن هذا الأمر، وأرى الآن أنه أراد مواصلة العمل فقط. وكان يعتقد أن الانتصار للذات لا مبرر له»، ولكنها تعتقد أنه سيكون مسروراً للغاية؛ لأن معرض «غاليري ليلونغ» في تشيلسي يعرض لوحاته الآن.

وكان من المقرر افتتاح معرض «البوابة الزرقاء»، وهو أول معرض له في نيويورك، في أواخر شهر أبريل (نيسان) الجاري. وعلى الرغم من تأجيل الافتتاح الفعلي حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، فقد نشر المعرض صور بعض اللوحات الفنية على موقعه الإلكتروني.

وأحد أسباب اختيار السيد غيبريسوس عدم الترويج لأعماله الفنية في حياته، هو أنه فقد كثيراً من الوقت بالفعل.

وقالت ألكسندر: «لقد عانى كثيراً، ومر به كثير من الأوقات العصيبة».

ولد غيبريسوس لأسرة قبطية في أسمرة، وتلقى تعليمه الأول في المدارس الكاثوليكية.

وكانت نشأته في البلاد التي مزقتها الصراعات مع بداية حرب استقلال إريتريا عن إثيوبيا التي استمرت 30 سنة كاملة. وعندما التقى مع ألكسندر في نيو هيفين عام 1996، تشاركا في إعجابهما المشترك بكتاب «مذكرات آن فرانك».

وتتذكر قائلة: «فهمنا الكتاب من زوايا مختلفة».

غادر غيبريسوس بلاده إريتريا في سن الـ16، في رحلة شاقة استمرت ثلاث سنوات كاملة، سافر خلالها إلى السودان، وإيطاليا، وألمانيا، قبل أن يستقر أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية. ووجد مستقره في نيو هيفين بولاية كونيتيكت؛ حيث افتتح رفقة شقيقه مقهى «كافيه أدوليوس» في عام 1992. وفي عام 2000 جرى قبول التحاقه بكلية «ييل» للفنون. قالت باميلا فرانكس، مؤرخة الفنون التي تعرفت عليه في جامعة «ييل»، وهي مديرة متحف «ويليامز كوليدج» للفنون حالياً: «كان متميزاً للغاية من حيث تكريس حياته واهتماماته بالرسم. كان يواصل الرسم طول الوقت بلا انقطاع».

وعلى غرار غيره من اللاجئين، حمل معه خسارته وآلامه، بما في ذلك الانفصال عن عائلته، وآلام المعاناة التي كانت تصل إليه عن أحوال بلاده. وكانت أعماله المبكرة تضم كثيراً من المشاهد الليلية القاتمة مع مصدر وحيد للإضاءة، مثل المصابيح الأمامية للشاحنات أو نيران المخيمات البعيدة.

قال كاساهو شيكول، ناشر الدوريات الثقافية والأدبية المعنونة «أفريكا وورلد برس» و«ريد سي برس» من ولاية نيوجيرسي: «كل ما لاحظته في أغلب الفنون الإريترية التي تابعتها هو وجود عنصر الظلام اللازم فيها». ولقد تقابل شيكول مع غيبريسوس في نيويورك، وعملا سوياً على الأنشطة السياسية الرامية إلى إغاثة الحرب الإريترية. وفي ذلك قال شيكول: «ينعكس الاكتئاب الذي يعشش في صدور المنفيين أمثالنا على أعمالنا الفنية. ومع غيبريسوس، تحول الأمر جذرياً عندما التقى مع إليزابيث وانتقلا إلى كونيتيكت، وأنجبا الأطفال، إذ أصبحت أعماله الفنية أكثر إشراقاً وأملاً».

وفي واقع الأمر، ازدهرت موهبة غيبريسوس الفنية انطلاقاً من زواجه بإليزابيث في عام 1997، وإنجاب الطفلين سولومون وسيمون، وكلاهما طالبان جامعيان في جامعة «ييل».

وبالنسبة إلى الطهي، كانت مصادره فيه انتقائية تماماً، مثل الرسم والفنون. وكانت نقوش رقعة الشطرنج التي أدخلها في عديد من لوحاته تحمل رمزيات للسلال والتطريز التي نشأ عليها في شبابه. وكانت الألوان الوردية والبرتقالية تنبثق من ألوان منازل الجص المطلية في أسمرة، وهي المدينة التي احتلها الإيطاليون في عشرينات القرن الماضي، وأصبحت معلماً من معالم الحداثة الاستعمارية الهجينة، كمثل أعمال غيبريسوس الفنية.

وكانت الألوان الحمراء والزرقاء المشبعة في لوحات الفنانين الغربيين التي أحبها، ولا سيما ماتيس. ومن كُنيس غيوتو سكورفيني الذي شاهده في بادوفا الإيطالية، إلى اللوحات الحداثية، والمنحوتات الأفريقية التي درسها خلال زياراته المتكررة إلى معرض الفنون في جامعة «ييل»، استوعب غيبريسوس كل ما تعرض له من أعمال فنية مختلفة. كما كان شغوفاً بالموسيقى بصورة انتقائية واضحة. وقال صديقه الموسيقار جايسون موران: «كان يجمع قائمة من الأعمال الموسيقية التي تضم أعمالاً كنا نعرفها وأخرى لا نعرف عنها شيئاً، من أعمال نينا سيمون وموسيقى الجاز الإثيوبية المختلطة».

حصر التحفظ سمعة غيبريسوس ضمن دائرة ضيقة من أصدقائه المخلصين، حتى وفاته المفاجئة للجميع. وكان يشكو من شعور بالإعياء بعد يومين من عيد ميلاده الخمسين، وواصل رغم ذلك العمل والتمرين. ولم يعترف أحد بخطورة حالته الصحية إلا بعد فوات الأوان. ولقد عثر عليه نجله الأصغر مستلقياً على الأرض بسبب إصابته بقصور حاد في القلب.

وبعد مرور ثلاث سنوات، وبعد محاولة التأقلم مع الأحزان الشديدة والانتقال بالعائلة إلى نيويورك، كتبت ألكسندر مقالاً في مجلة «نيويوركر» وُسع فيما بعد عام 2016، ضمن أفضل المذكرات مبيعاً تحت عنوان «نور العالم»، الأمر الذي جعل من اسم غيبريسوس أكثر شهرة عن ذي قبل. ومع ذلك، كانت أعماله الفنية في انتظار الجمهور.

وأعقب المعرض الذي افتتح بعد وفاته في نيو هيفين بمعرض آخر في متحف الشتات الأفريقي في سان فرنسيسكو، في عام 2018. وبعد عرض الأعمال في جناحه بمعرض رابطة هواة الفنون الأميركية في الشهر الماضي، يقدم «غاليري ليلونغ» مجموعة مختارة من الأعمال التي تتناول رحلات السيد غيبريسوس غير المستقرة بين مختلف العوالم.

وكان محور المعرض لوحة ضخمة بمقاس 16 قدماً في 8 أقدام، على نسيج غير مشدود، تحت عنوان «جنازة صائد السردين». وكانت تصور صفاً من الملائكة في الأعلى يطلون بأبصارهم على حفنة من الأنشطة البشرية، وفي وسط اللوحة هناك سمكة عملاقة على خلفية زرقاء داكنة. ولكن ما الذي تفعله هاتان المظلتان في تلك اللوحة؟ ربما كانت أشكالهما الجميلة هي سبب وجودهما في اللوحة ليس إلا.

قالت الفنانة الأميركية إثيوبية الأصل جولي ميهريتو، عن أعمال السيد غيبريسوس: «إنني لا أعتبر أعماله من قبيل السيرة الذاتية؛ بل إنها لوحات تجريبية، وتمثل استكشافات عبر الألوان».

ومن واقع اللوحات اللاحقة، تمكن من خلق عالم مستقل، من خلال لوحات الصور المسطحة التي كانت فيها الأجسام مثل الأسماك، والأشجار، والأنماط الهندسية تتدافع بعضها في مواجهة بعض، في انطلاقة حرة وطليقة.
 
وقالت الفنانة جولي ميهريتو: «مع كثير من الفنانين القادمين من القارة الأفريقية، تُقرأ أعمالهم على اعتبارها تاريخاً من الماضي والزمن. وإنني لا أستشعر هذه التجربة بهذه الطريقة، فإنها غير مرتبطة بشخصيته أو هويته.

وهناك احتمال أنه من خيالات الفنان الحالم. وهذا من الأمور المثيرة للاهتمام بالنسبة لي، أنه غير مقيد بنفسه في أعماله الفنية المختلفة».    

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا : 

تعرف على الجانب الخفي عن أعمال الفنان ليوناردو دافنشي

معرض "فنون العالم دبي" يختتم فعاليات دورته الخامسة بتكريم مجموعة من الفنانين

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيف الإيريتري المُبدع  فكري غيبريسوس يرحل تاركًا 700 لوحة الشيف الإيريتري المُبدع  فكري غيبريسوس يرحل تاركًا 700 لوحة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab