التصوّف دعوة للعشق الإلاهي والصفاء الروحي
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

ساهم في نشر ظاهرة "السماع" لأناشيد الذكر

التصوّف دعوة للعشق الإلاهي والصفاء الروحي

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - التصوّف دعوة للعشق الإلاهي والصفاء الروحي

الدراويش والمريدون في حلقات الذكر الصوفية
القاهرة ـ سعيد فرماوي

يعتبر التصوّف حالة روحية تشف بصاحبها، وتأخذه إلى مقام من الصفاء الإنساني الحميم. وعادة ما تلهج ألسنة المتصوفين بترانيم وأناشيد لها طابع خاص، بكلمات قريبة من الروح، ذات نغم موسيقي فريد ومميز.

ويعرف المتتبع لحلقات الذكر الأشعار التي ينشدها الدراويش والمريدون، الذين يردد بعضهم أشعارًا من التراث، والبعض الآخر ينظم الأزجال والموشحات، على قدر موهبته الإبداعية.

ويحاول "دراويش" الصوفية التأثير في الجمهور المحيط بهم، وعلى حسب ما أورده "الهجويري" في كتابه "كشف المحجوب"، "كان دراويش الصوفية يهدفون إلى التأثير في الفرد من خلال جو خا،ص عن طريق السماع الذي تسهم في تكوينه الكلمات المصوغة شعرًا، وبالألحان والإيقاع والحركة الراقصة، حتى إن شيوخ الصوفية الكبار أفردوا له في مؤلفاتهم فصولًا وأبوابًا" .

ورأى الدكتور توفيق الطويل أنه "كان من نتائج إقامة حلقات الذكر انتشار ظاهرة السماع التي تعتبر ظاهرة صوفية قديمة، ارتبطت بالصوفية الأوائل، إذ نسب إلى ذي النون والجنيد ورابعة العدوية أنهم كانوا ينشدون الأشعار في مجالسهم، كما دافع شيوخ الصوفية عن السماع".

وتميزت بعض المجالس بما يقام فيها من حركات إيقاعية عنيفة، على طريقة أهل المغرب باستخدام الدفوف، وهناك شكل آخر وهو "التوسل بأشكال التعبير الشعبية" أو القوالب الفنية الشعبية المعروفة، كمجال الصياغة أفكار الدراويش، فقد كان ذا أثر بالغ في التأثير في وجدان الجماهير.

وظهرت فئة أنشأوا أدبهم في هذه الفنون، ومن أدلة ذلك ما عرف عن بعض كبار شعراء الصوفية بأنهم صاغوا في إطار الأشكال الأدبية الشعبية المعروفة كالموال والزجل والموشح، ومن بين هؤلاء ابن الفارض وابن عربي .

وأوضح الباحث الشعبي الدكتور إبراهيم عبدالحافظ، أن هذه الأمور وغيرها ساعدت على استمرار تدفق جموع الشعب على الطرق الصوفية، حتى أوائل القرن التاسع عشر، على ما يبدو من وصف إدوارد وليم لين في كتابه "المصريون المحدثون"، حيث صور باستفاضة ما كانت عليه الطرق الصوفية، وذكر أشهرها وهي الرفاعية، والشاذلية، والأحمدية، والقادرية، والسعدية، والبرهامية .

وشهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر نشأة التنظيم الأول للطرق الصوفية فأصبح لهم "مشيخة عامة" وأصبح لكل طريقة شيخ، ولكل شيخ خلفاء في القرى، ونواب في المراكز، وعرف رئيس الصوفية من بيت البكرية بشيخ مشايخ الطرق الصوفية والسجادة البكرية، وكانت تضاف إليه في بعض الأحيان نقابة الأشراف.

وأكد إبراهيم عبدالحافظ أن مشاركة الطرق الصوفية في الموالد، وما يصحب ذلك من إقامة مجالس الذكر والمواكب وغيرها أمر قديم، وتعدد أنماط الزجل التي تتردد أثناء حلقات الذكر، لاسيما أنها أحيانًا تجمع ما بين الفصحى والعامية، من مثل قول بعضهم:

يا سادتي أنقذوني . . ياهل الكؤوس النقية

أنا علتي من عيوني . . طهقت من حب الدنية

وجوارحي الكل عصوني . . ما يحسبوها خلية.

ومن أشهر القصائد التي تغنى في حلقات التصوف القصيدة الشهيرة التي يقول مطلعها:

قلوب العاشقين لها عيون

ترى ما لا يراه الناظرونا

وألسنة بسر قد تناجي

تغيب عن الكرام الكاتبينا

وأجنحة تطير بغير ريش

إلى ملكوت رب العالمينا

بحور قد قصدا بالسر حتى

دنوا منه وصاروا صابرينا.

أما النصوص الشعبية الصوفية فلا تعد ولا تحصى بتعدد الأماكن التي يتواجدون فيها، وهي نصوص تحتوي على التعاليم الموجهة للدراويش في طريقهم الصوفي، ومنها حفظ العهد، وطاعة الشيخ، والإخلاص والتواضع، والتوكل على الله، والتذكير بالجنة والنار والثواب والعقاب، وتدعو إلى عمل الخير والتخلي عن متاع الدنيا، من مثل قولهم:

يا عبد توب وارتجع لا تحرقك ناري

لا مية تطفيها ولا نهر يكون جاري

متهوم مع الناس لكن عند الإله باري (أي بريء)

وإيش يعمل العبد للي فحرمه الباري

ومنها قول أحدهم:

رجال الحقيقة لهم بعد العشا لذات

تسأل عليهم تلاقيهم غرقانين في الذات

قلبي يحب النبي ما يشاهد إلا الذات

واتوه في حب الجلالة أنا لم علىّ ملامات

وتعد بردية البوصيري من أكثر الأشعار التي يرددها الصوفيون في مجالسهم وفي الموالد عند الإنشاد في حلقات الذكر، لاسيما هذه الأبيات التي تتردد بقوة وسط جوقة واسعة من المنشدين:

أمن تذكر جيرانًا بذي سلم

فرجت دمعًا جرى من مقلة بدم

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة

وأومض البرق في الظلماء من أضم

فما لعينيك أن قلت اكففا همتا

وما لقلبك أن قلت السقف يهمم

أيحسب الصب أن الحب منكتم

ما بين منسجم منه ومضطرم

لولا الهوى لم ترق دمعًا على طلل

ولا أرقت لذكر البان والعلم .

 

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصوّف دعوة للعشق الإلاهي والصفاء الروحي التصوّف دعوة للعشق الإلاهي والصفاء الروحي



GMT 17:00 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تونس ضيف شرف الدورة الأولى لمهرجان الرياض للمسرح

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يكشف كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 17:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جرائم الكيان المعنوي للحاسب الآلي

GMT 12:53 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب النصر يمنح حسام غالي الفرصة الأخيرة لتحسين الأداء

GMT 04:43 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة ساحرة من خواتم الأصبعين الثنائية من

GMT 11:18 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أغلى السيارات التي طرحت عبر تاريخ الصناعة

GMT 14:22 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

وفاة شقيق الفنان محمود حميدة

GMT 22:52 2020 السبت ,02 أيار / مايو

أبرز 6 شخصيات عربية على موقع "يوتيوب"

GMT 08:20 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab