الجزائر ـ العرب اليوم
شهدت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، حضوراً مكثفاً لـ«محامي الحراك الشعبي» للدفاع عن الناشطين البارزين عبد الوهاب فرساوي الذي أدانته المحكمة الابتدائية بعام حبساً نافذاً، وسليمان دواجي الذي حكمت عليه بستة أشهر حبساً نافذاً أيضاً. وطالبت تنظيمات وجمعيات حقوقية بالإفراج عن عشرات المتظاهرين الذين يتهمهم القضاء بـ«المس بالوحدة الوطنية» و«التحريض على العنف»، وهما تهمتان سياسيتان بحسب مراقبين.
وجرت محاكمة الناشطين مساء عن طريق خدمة «سكايب»، انطلاقاً من سجنهما بالضاحية الشرقية للعاصمة. واتخذت السلطات القضائية، خلال الحجر الصحي، إجراءات بناء على قواعد التباعد الاجتماعي، تتمثل في محاكمة المتهمين عن بعد، وبحضور محاميهم فقط بجلسة المحاكمة للدفاع عنهم. ويتاح للمتقاضين رفض هذه الطريقة الاستثنائية في المحاكمة، إذا قدروا أنها لن تكون منصفة لهم.
وقال عبد الغني بادي، رئيس فريق الدفاع، قبل بدء المحاكمة، لـ«الشرق الأوسط» إن فرساوي ودواجي وافقا على «التقاضي عن بعد»، مشيراً إلى أن «الملف فارغ، لا يتضمن دلائل تثبت التهم الموجهة لهما»، وأكد أن النيابة استأنفت الحكم الابتدائي الذي أثار حفيظة نشطاء الحراك وعائلتي المتهمين.
وانتقد بادي «تساهل النيابة في اتهام النشطاء الذين اعتقلوا جميعهم إما بسبب وجودهم في مظاهرات، وهو حق يكفله الدستور، وإما بسبب منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي أزعجت السلطات».
واستمرت المحاكمة إلى آخر النهار، وكان القاضي قد طلب من المحامين اختيار 10 منهم للمرافعة بحكم عددهم الكبير. وبدا على بعضهم التشاؤم بخصوص احتمال الحصول على البراءة أو تخفيض في الحكم، على اعتبار أن حالات كثيرة مشابهة تم تثبيت الأحكام ضدهم في درجة الاستئناف. واعتقل فرساوي ودواجي خلال مشاركتهما في مظاهرات معارضة للسلطة، وهما وجهان بارزان في الحملة التي شنها المعارضون الصيف الماضي ضد الانتخابات الرئاسية التي جرت بنهاية العام، وأفرزت عن فوز عبد المجيد تبون رئيساً للجمهورية.
وقال التنظيم الشبابي المعارض «تجمع - عمل - شباب»، في بيان، إن رئيسه فرساوي «يتابع بتهمتي التحريض على العنف والمساس بالوحدة الوطنية المنصوص عليهما في المادة (74) و(79) من قانون العقوبات، وهي في الأساس تهم موجهة للحراك السلمي الذي اندلع منذ أكثر من سنة من أجل تغيير جذري لنظام مستبد فاقد للشرعية، والتأسيس لنظام سياسي جديد يحترم الإرادة الشعبية، وبناء مؤسسات قوية تخضع للرقابة الديمقراطية».
واستنكر التنظيم «القمع الذي تعرض له كثير من نشطاء الحراك، وطال الصحافيين، زيادة على حجب كثير من المواقع الإلكترونية الإخبارية، وفرض الرقابة على وسائل الإعلام؛ ويعكس ذلك إرادة من السلطة لتكريس أمر واقع ومنطق القوة، باستعمال القضاء أداة لضرب الحراك السلمي، وكل صوت حر يخالف استمرار نظام منتهي الصلاحية».
ولا يزال كثير من النشطاء ينتظرون المحاكمة، منهم سمير بلعربي. وتتجه الأنظار بشكل خاص إلى الصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، المسجون على ذمة التحقيق منذ شهر ونصف الشهر، الذي يقع تحت طائلة التهم نفسها. وقد اعتقل في أثناء تغطيته مظاهرة بالعاصمة، ووضعه قاضي التحقيق في الرقابة القضائية، لكن غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف أمرت بسجنه.
وكان درارني، قبل أسبوعين، في قلب ملاسنة حادة بين أمين عام «مراقبون بلا حدود» والرئيس تبَون الذي اتهم المنظمة بـ«العنصرية»، وقال عن درارني إنه «يتخابر مع سفارة بلد أجنبي»، وكان يلمح إلى سفارة فرنسا في الجزائر. وتقول السلطات إن غالبية الذين سجنتهم من الحراك «يخدمون مصالح أجنبية»، وإنهم «مكلفون بتنفيذ خطط لتخريب البلاد وزرع الفوضى». وتعد جمعيات حقوق الإنسان هذه التهم «غير مؤسسة؛ لجأت إليها السلطات لتبرير تكميم الحريات».
قد يهمك ايضا
مستشفيات الجيش الجزائري "عاجزة" أمام الفيروس
الجيش الجزائري يعلن إحباط هجوم على أحد تمركزاته ومقتل عسكري
أرسل تعليقك