هبطت طائرة مستأجرة على متنها (297) مسلمًا صينيًا من مقاطعتي قانسو وتشينغهاي شمال غرب الصين، في الساعة 10:30 صباح يوم 15أيلول/ سبتمبر الجاري، في مطار المدينة المنورة، ونظم الجانب السعودي حفل ترحيب إلى لحجاج عند دخولهم صالة الإنتظار حيث أنشد شباب سعوديون يرتدون أزياء تقليدية أناشيد ترحيبية لاستقبال ضيوف الرحمن.
وأمام هذا الاستقبال الكبير تبادل الحجاج الصينيون مع الشباب السعوديين الحديث باستخدام الإيماءات المعبرة عن مشاعر الفرحة والسعادة، يذكر أنّ هذا أول حفل ترحيب نظمته الجهات السعودية للحجاج الصينيين، ما يعكس مشاعر الصداقة الخالصة بين الشعبين.
تشير السجلات التاريخية الصينية إلى أنّ المسلمين الصينيين كانوا يحجون إلى بيت الله سيرًا على الأقدام، وتستغرق رحلتهم إلى الأراضي المقدسةعام تقريبًا، فالحج بالنسبة للمسلمين الصينيين كان صعبا للغاية، حيث شكل بعد المسافة حاجزًا كبيرًا حال دون تحقيق الصينيين لآمال وأحلام طالما تمنوا تحقيقها بأدائهم لهذه الشعيرة المقدسة.
وبالإضافة إلى بُعد المسافة، فإنّ المسلمين الصينيين كانوا فقراء لا يستطيعون تحمل نفقات الحج إلى بيت الله كم كانوا قليلي العدد، ويروي التاريخ الصيني في سجلاته قصصًا كثيرة عما كان يلاقيه الحجاج الصينيون من أهوال ومشقات، كما حوت السجلات وصفًا للبلدان التي كانوا يمرون بها في طريقهم لأداء مناسك الحج.
وأما بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية تغير المجتمع الصيني تمامًا وتبدلت أحواله الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، غير أن أمنية الحج إلى بيت الله الحرام ظلت بعيدة المنال حيث لا توجد علاقات دبلوماسية بين الصين والمملكة السعودية حتى العام 1990م.
وبعد إقامة العلاقات الدبلوماسية الودية مع السعودية، ازداد عدد الحجاج الصينيين مع تحسن معيشة المسلمين الصينيين بسرعة بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج، وأصبح طريق السفر سهلاً وميسرًا.
وعلى سبيل المثال، فإنّ المسلمين الصينيين من جميع أنحاء المدن والقرى يجتمعون أولًا في العاصمة الصينية بكين لإكمال إجراءات الحج والسفر، ثم إلى باكستان ومن هناك إلى جدة فالمدينة فمكة، أما اليوم فيتمتعون بسهولة السفر ولا يشعرون بمشقات كثيرة إذ أنهم يسجلون أسمائهم على شبكة خاصة بالجمعية الإسلامية ويقوم الموظفون بأداء كل الإجراءات لهم وبعد إكمال الإجراءات يسافرون إلى المدينة مباشرة يصحبهم مسئولون كبار ومترجمون وأطباء وموظفون لخدمتهم.
إنّ عدد المسلمين الصينيين الذين حظوا بأداء فريضة الحج صعد إلى أكثر من (13000) شخص في السنوات الأخيرة، بفضل ارتفاع مستوى معيشة المسلمين الصينيين إضافة إلى تنفيذ البلاد لسياسات تفضيلية للحجاج.
وأفاد مسئول من مصلحة الأديان بأنّ الحكومة الصينية ظلت ترسل كل عام وفدًا من لجنة العمل الخاصة بشؤون الحج إلى السعودية بدءًا من عام 1985، ومن ثم نفذت سياسات تفضيلية عديدة لمساعدة المسلمين الصينيين وتيسير رحلتهم إلى مكة المكرمة وعودتهم إلى البلاد بسلامة وأمان.
وفي هذا العام، يتكون وفد الحج الصيني من حوالي (14000) شخص من مختلف المقاطعات والمناطق، حيث يبلغ عدد زوار بيت الله الحرام من منطقة شينجيانغ الويغورية (3420) حاجًا، مشكلين أكبر وفد من الحجاج الصينيين لهذا العام، ونزل معظمهم في فنادق خمس وأربع نجوم في المدينة المنورة.
وأشاد وفد حجاج شينجيانغ بالخدمات المتكاملة والرعاية الطيبة التي يتلقونها مؤكدين على اعتزازهم بالجهود الكبيرة التي تقدمها الحكومة الصينية والحكومة السعودية لضمان توفير الراحة لهم خلال موسم الحج.
كما أنّ هناك أكثر من (20) مليون نسمة من عشر قوميات يعتنقون الإسلام وأكثر من (35) ألف مسجد في المدن والريف في أرجاء الصين المتفرقة.
وينص دستور جمهورية الصين الشعبية على "أنّ مواطني جمهورية الصين الشعبية يتمتعون بحرية الاعتقاد الديني" ،و"أنّ الدولة تحمي النشاطات الدينية الطبيعية"، فتحظى حرية الاعتقاد الديني للمسلمين الصينيين وتقاليدهم الثقافية وأسلوب حياتهم بالإحترام الكامل من قبل حكومة الصين.
أرسل تعليقك