تعرف على لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا في العالم
آخر تحديث GMT12:42:50
 السعودية اليوم -

تعرف على لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا في العالم

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - تعرف على لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا في العالم

لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا
جاكرتا - العرب اليوم

على الرغم من هيئته البسيطة وجسمه النحيل، بدا كولاك غيتار، العجوز الذي جلس متربعًا على الأرض الخرسانية، صارمًا وحادًا وكأنه يتأهب للقتال.

وقال ابن أخيه ويسنو مبتسما "لقد كان خبيرًا في الفنون القتالية عندما كان في ريعان شبابه وبإمكانه كسر ثمار جوز الهند إلى نصفين بضربة يد" , وأشار غيتار بيديه إلى النخيل وشكّل أصابعه على هيئة حلقة ثم ضرب ثمرة تخيلية باليد الأخرى بقوة، وانفجر الأصدقاء الملتفين حوله ضاحكين , إلا أنني لم أسمع من هذا الحوار سوى الضحكات وترجمة ويسنو إلى اللغة الإندونيسية.

إذ كان هؤلاء يتواصلون بلغة كاتا كولوك للإشارة، التي تعني "حديث الصم" باللغة الإندونيسية، وقد أضحت هذه اللغة هي وسيلة التواصل الرئيسية بين 44 شخصًا فقط في العالم , فقد ولد عدد كبير من سكان قرية بنغكالا صُمًا وتوارثوا الصمم على مدى نحو ستة أجيال , وبينما يعزي سكان القرية انتشار الصمم إلى لعنة نزلت بالقرية، فإن العلماء اكتشفوا أخيرًا جينًا نادرًا تسبب على مدى عقود في إصابة طفل من بين نحو كل 50 طفلًا من سكان القرية بالصمم الوراثي.

إلا أن الصُم في بنغكالا أفضل حالًا من أقرانهم في مناطق أخرى، لأن أكثر من نصف سكان القرية غير المصابين بالصمم، تعلموا لغة "كاتا كولوك" ليتواصلوا مع أفراد عائلاتهم وأصدقائهم الصم , ونادرًا ما يزور السائحون هذه المناطق الساحلية البعيدة شمال جزيرة بالي، والتي تعد من أفقر المناطق في الجزيرة , ويكسب أغلب سكان القرية الذين وُلدوا صما قوت يومهم من الرعي أو الحرف اليدوية، وقد يستأجرهم المزارعون لحراسة أراضيهم أو لحفر القبور.

ويقول وينسو مترجمًا عن عمه "كان عمي يكسب قوته في الماضي من استعراض حركاته القتالية , وقد التقى بالكثير من الصم الذين لم يتمكن من التواصل معهم لأنهم لا يعرفون لغة الإشارة المستخدمة في بنغكالا، وأحيانًا لا يفهمون أي لغة إشارة , ويشعر هؤلاء الصم بالوحدة لأنه لا يمكنهم التواصل إلا مع فرد أو اثنين من عائلاتهم".

ويقول أي كيتوت كانتا، المتحدث باسم جمعية الصم بقرية بنغكالا "إذا شاء القدر أن تولد أصم، فإن هذه القرية هي أفضل مكان في العالم لتنشأ فيه" , وأينما توجهت في القرية ستجد مجموعات من الصم وسليمي السمع يتواصلون معا بلغة الكاتا كولوك، سواء في المدارس أو في المعبد المركزي أو في المقاهي، إذ تراهم ينخرطون في أحاديث صامتة بإيماءات رؤوسهم وحركات أيديهم، أو يلكزون بعضهم بعضا برفق ويتبادلون الضحكات.

أقرا ايضًا:

"أوقاف القدس" تتعهد بترميم مصلى "باب الرحمة" لافتتاحه قريبًا

وتطورت لغة الكاتا كولوك بشكل طبيعي، ويضيف إليها مستخدموها المبدعون من أبناء القرية باستمرار إشارات جديدة للتعبير عن تجارب ومعان لا تنتهي , ويبدو أن القرية أصبحت تعج بالممثلين الموهوبين، إذ يتفنن الكثير منهم في تمثيل المعاني بأيديهم وتعبيرات وجوههم، وهو ما يشيع جوًا من البهجة بين السكان ويساعد في توطيد علاقات الصداقة بين الصم وسليمي السمع.

يقول كانتا "يتقاضى الصم وسليمو السمع أجورًا متساوية عن الأعمال التي يؤدونها في القرية، لكن ليس من السهل أن يجد الصم عملًا خارجها , وأحيانًا لا تكفي أجور العمال، التي لا تتجاوز نحو 5 دولارات يوميا، لتلبية احتياجاتهم المعيشية" , واليوم استؤجر غيتار وأصدقاؤه لحفر مقبرة , ويحرق الهندوس في جزيرة بالي عادة جثث موتاهم، لكن الكثيرين في هذه المنطقة يدفنون الموتى حتي يدخروا النفقات باهظة التكاليف لمراسم حرق الجثث.

غير أن الجنازات في بالي تكاد تبعث على السرور , إذ يعتقد سكان بالي أن الروح إذا استشعرت حزنًا قد تحجم عن الانتقال إلى الحياة الأخرى , ولهذا لا يتخلى سكان بالي عن تلقائيتهم وخفة ظلهم المعهودة حتى في الجنازات , وقد لاحظت أن إيماءات وتعبيرات وجه غيتار وأصدقائه المضحكة وحركاتهم الهزلية أثناء حفر المقبرة لم تكن مستهجنة، حتى أن أفراد عائلة المتوفي كانوا يضحكون لضحكهم , وبعد إنزال الجثة في المقبرة، وضع سودارما، صديق غيتار، مرايا على عيني الميت، وبهذا يضمن أن الروح ستتمتع بنظر ثاقب في حياتها القادمة.

ويقول ويسنو "يُشاع أن الصُم لا يخافون لأنهم يمكنهم التواصل مع الأرواح الشريرة التي تسكن القبور , لكن الحقيقة أنهم ببساطة شديدو البأس ولا يهابون شيئًا" , ويرجع البعض شدة بأس الصم إلى أنهم يأمنون شر الأصوات المرعبة التي تصدر من القبور والأرواح الشريرة، والتي تؤرق أقرانهم من سليمي السمع , في حين يرى آخرون أن العمل اليدوي واحتياجهم للاعتماد على أنفسهم عندما يغادرون القرية أسهما في تقوية عزيمتهم , لكن أيًا كانت الأسباب، فإن الصم يحظون بتقدير واحترام أهالي القرية.

ويدرّس آي كيتوت كانتا لغة الكاتا كولوك للأطفال بالمجان , وقد زار كوني دي فوز، الباحث الهولندي من مركز الدراسات اللغوية بجامعة رادبود بهولندا، القرية أكثر من مرة، ويدعم جهود جمعية الصم في بنغكالا للمطالبة بحق الأطفال الصم في دخول المدارس الحكومية، وتدريس لغة الكاتا كولوك للأطفال سليمي السمع في المدارس.

وتحتضن القرية مركزًا للأعمال اليدوية يستقطب السياح الذين يأتون خصيصًا لمشاهدة عروض الفنون القتالية للصم، ورقصة , بخاصة تعرف باسم "جانغر كولوك"، والتي لاقت رواجًا في بالي، ويؤديها راقصون في فنادق ومؤتمرات حكومية , ويرى علماء اللغويات أن لغة الكاتا كولوك تختلف عن سائر لغات الإشارة. وتقول هنّا لوتزنبيرغر، طالبة الدكتوراة بحامعة رادبود، والتي تعرف لغة الكاتا كولوك عن ظهر قلب "لم تتأثر لغة كاتا كولوك لا باللغة الإندونيسبة ولا باللغة في جزيرة بالي ولا لغات الإشارة خارج القرية , ولعل أوضح مثال على ثراء لغة كاتا كولوك هو إشارات أسماء الصم، إذ ابتكر الصم إشارات لتعريف كل أصم في القرية. وقد تتغير هذه الإشارة في مختلف مراحل العمر. فهم يميزون كل أصم بإشارة ترتبط بمظهره أو بحركات دأب على فعلها حتى أصبحت عادة عفوية".

إذ يُعرف غيتار، على سبيل المثال، برفع الإبهام لأعلى وقبض اليد أمام الفم، لتبدو كالمنقار , ولاحظت أنه دأب على استخدام هذه الإشارة عند استعراضه حركات الفنون القتالية، وأعتقد أنها سترتبط في ذهني إلى الأبد بهذا الرجل البشوش , ومع أنه شارف الآن على الثمانين، إلا أن غيتار لا يزال يتولى مسؤولية صيانة أنابيب المياه، التي تعد شريان الحياة لهذه القرية التي تقع في الجزء الشمالي القاحل من جزيرة بالي , فإذا انكسرت إحدى الأنابيب، يذهب بنفسه للبحث عن موطن الكسر، وفي الغالب يكتشف أن السبب هو تعمد بعض المزارعين من القرى المجاورة سرقة المياه من الأنابيب لاستخدامهم الخاص.

ويقول غيتار مشيرًا بيديه وبنظرات حاسمة "أنا لا ألجأ لاستخدام العنف قط عندما أضبطهم متلبسين، لأنني لا أحتاج لذلك، فهناك قاعدة غير لفظية يعرفها الجميع هنا تمام المعرفة مفادها 'لا تفكر في الاشتباك مع أصم'".

وقد يهمك أيضًا:

الأمم المتحدة تؤكّد أن 43% من لغات العالم مُهدّدة بالاندثار

توقيع اتفاقية لدعم مشروع "أنا الراوي" لأطفال فلسطين المُبدعين

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعرف على لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا في العالم تعرف على لغة لا يتحدثها سوى 44 شخصًا في العالم



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:19 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الأسد الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 18:13 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حمدي فتحي يسجل أول أهداف مصر في شباك بوتسوانا

GMT 11:25 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عسيري يؤكد أن الاتحاد قدم مباراة كبيرة امام الهلال

GMT 00:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

كروم 67 يدعم تطبيقات الويب المتجاوبة

GMT 15:41 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سترة الجلد تناسب جميع الأوقات لإطلالات متنوعة

GMT 14:57 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

كليب Despacito يحقق مليار ونصف مشاهدة على اليوتيوب

GMT 18:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العثور على معدات صيد في الدار البيضاء لرجل اختفى عن الأنظار

GMT 21:15 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة الدحيل والريان تحظى بنصيب الأسد من العقوبات

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

الكويت تجدد سعيها لحل الخلافات العربية مع قطر

GMT 02:26 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

نادي نابولي الإيطالي يكشف عن بديل بيبي رينا

GMT 13:25 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

نفوق اكبر باندا في العالم عن 37 عامًا في الصين

GMT 01:21 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

دور الإعلام خلال مؤتمر "كوب 22" في مراكش

GMT 23:09 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي تقرّر إيقاف حسين المقهوي

GMT 13:38 2015 الإثنين ,03 آب / أغسطس

سهو السهو يؤكد وجود احتمالية بنقل خليجي 23

GMT 06:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

مدينة كييف أجمل مدن أوروبا الشرقية لقضاء شهر العسل

GMT 00:57 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

عمار الحلاق يكشف مشاكل "الجمباز" في سورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab