تابع أساطير "فارس الدهناء"، وكان يحلم باللعب إلى جانبهم، فقادته الإرادة لتحطيم كل الحواجز، والتواجد مع الفريق الأول لكرة القدم في نادي الاتفاق، محققًا معه عددا من البطولات المحلية والخارجية، قبل أن يختفي عن أنظار الجميع، وكأنه "فص ملح وذاب". ضحى بمستقبله الوظيفي من أجل الاتفاق، ورفض عروضًا وظيفية في أرامكو وسكيكو، لكن الصدمة كانت كبيرة جدًا، حينما تركه الجميع، يصارع ألم الحياة وحيدًا، من دون أن يشفع له تاريخه الكبير، وإنجازاته المميزة والفريدة من نوعها مع "إتي الشرقية".
وأعلن عقب سنوات من الابتعاد عن الأضواء، محمد مبارك أبوحيدر، أنه بعيدًا منذ سنوات عن الوسط الرياضي، ويتواجد في الوقت الحالي مع عائلته وفي عمله المتواضع، كموظف في شركة مختصة بنقل الأموال. وكذلم ابتعد عن الاتفاق جسديا، فمنذ سنوات طويلة لم يتواجد في النادي، لكن روحه ما زالت تعشق هذا الكيان، الذي ضحى بالكثير من أجل خدمته، وكتابة تاريخه المليء بالإنجازات.
وكشف محمد مبارك أبوحيدر أن بداياته مع الكرة لا تختلف عن بداية أقرانه، فقد كانت من خلال اللعب مع الأصدقاء في الحارة، حيث عشق عائلته ووالده لـ "الاتفاق"، كان السبب الرئيس في تسجيله له.
مع العلم أنّه كان قريبا جدا من التسجيل للنهضة، حينما أغراه المهاجم عادل بوبشيت بـ (500) ريال، وحينها غضب منه والدي، وكان له خالان، أحدهما نهضاوي والآخر اتفاقي، فحضر خاله الاتفاقي، وتحدث مع والده، ومن ثم ناداه، فاستقبله خاله الاتفاقي بكل جفاء، ولم يرتح في يومها حتى أخذ شهادة ميلاده، ووقع للاتفاق في رعاية الشباب، أما في قرارة نفسه فهو اتفاقي صميم، وكان الالتحاق بصفوف "فارس الدهناء" هو رغبته الأولى، لكننا في النهاية جميعا أقارب، فمَنْ يلعب في النهضة والاتفاق، هم أشقاء وأبناء عمومة، أو أقرباء عن طريق الأمهات.
وقال "بصراحة، عقب تسجيلي في الاتفاق جلست بيني وبين نفسي، وتحدثت عن أني اتخذت القرار الصحيح بغض النظر عن انتمائي، حيث إن تسجيلي للنهضة، كان سيتسبب لي في الكثير من المتاعب، وسط عائلة اتفاقية حتى الصميم".
والتحق أبوحيدر بصفوف الاتفاق وهو في سن الـ(14) سنة، وانطلقت مسيرته معه بشكل سريع ومثير جدا،وفي بدايته مع الدهناء تواجد في فئة الأشبال لمدة موسم واحد فقط، وكان حينها راشد خليفة وعبدالله يحيى، يلبساه البدلة ويجلساه على مقاعد الاحتياط، لأجل ضمان عدم ابتعاده عن الفريق والتسجيل في نادِ آخر، وفي الموسم الذي يليه، بدأ مسيرته الحقيقية مع الاتفاق من خلال فئة الناشئين، وثم فريق الشباب حتى وصل إلى الفريق الأول، حيث تواجد معه العديد من اللاعبين البارزين، الذين لا ينسون من ذاكرة التاريخ الاتفاقي، لكنه كنت وجمال محمد أول مَنْ مثل الفريق الأول من جيلهم.
وأعلن أنه كان في الـ (19) من عمره، وحينها كان الاتفاق يمتلك العديد من الأساطير، الذين كانوا يتابعونهم ويتمنون أن يصبحون مثلهم، وكان تمثيله للفريق أشبه بالحلم، فالعمالقة الذين كان يتمنى أن يصبح مثلهم، أصبح يلعب إلى جوارهم بعد ذلك، وحقيقة تعلم منهم الكثير والكثير، واستفاد من نصائحهم وصرامتهم، حتى تمكن من حجز مقعده في التشكيلة الرئيسة للفريق الأول. وقال "قد لا تسعفني الذاكرة لتذكر جميع الزملاء في تلك الفترة، لكني أتذكر بالإضافة لجمال محمد، كلا من سلمان النمشان وسعد الجاسم وعبدالله يحيى والنمنم وقدرة وخالد سيف وسلمان حمدان وعيسى خليفة وصالح خليفة وإبراهيم كيال وجمال يوسف، وغيرهم من المبدعين الذين لا تحضرني أسماؤهم في هذه العجالة".
وتابع "قدمنا الكثير والكثير للاتفاق، ولكرة القدم السعودية ككل، حيث يكفي أننا كتبنا اسم الاتفاق بأحرف من ذهب في سجل تاريخ الرياضة السعودية، وأبرز ما ميزنا كجيل كان بحثنا عن مصلحة الكيان بعيدا كل البعد عن المصالح الشخصية، إضافة لتقبلنا لنصائح بعضنا البعض، وكذلك الروح والقتالية، كما لا أنسى أبدا قربنا الكبير من الجماهير، حيث كنا نجلس معهم بعد نهاية التدريبات، كما أننا تميزنا بالبساطة والبعد عن الغرور، وكذلك الانتماء العائلي للفريق، وهو ما حاولنا نقله للجيل الذي أتى بعدنا، وضم لاعبين على مستوى عالٍ كحمد الدبيخي وسعدون حمود".
أردف "رغم أن كل الأمور متوافرة لهم عقب دخول الاحتراف، إلا أن العديد من اللاعبين يبحثون عن مصالحهم الشخصية، والبروز بشكل فردي على حساب المجموعة، وكنت أصغر اللاعبين سنا، وكان لدي إصرار كبير على الدخول في التشكيلة الأساسية، في الوقت الذي كان مدربنا السوداني النور الطيب يشجعني، ويخبرني دائما بأنني لاعب جيد، وبأنه يجب عليّ الاجتهاد بشكل أكبر، كي أحجز مقعدي في الفريق، وبالفعل مع مرور الوقت نجحت في ذلك، وتمكنت من خطف مقعد سلمان حمدان، اللاعب الذي كنت أقتدي به في مركز الجناح، واللاعب الذي تنازل لي عن مركزه فيما بعد وغير مركزه للظهير، لقناعته بقدرتي على شغل هذا المركز".
أما عن الإنجازات في الفريق الاتفاقي فقال "بالتأكيد الإنجازات التي تحققت على المستوى الخارجي هي الأبرز، فقد شاركت أبناء الاتفاق في تحقيق بطولة العرب وبطولة الخليج، وعن المباراة التي لا تغيب عن ذاكرة أبوحيدر قال" مباريات كثيرة، لكن لقاؤنا أمام المحرق البحريني في البطولة الخليجية، والهدف الذي سجلته في مرمى حمود سلطان، لا يمكنني أن أنساه، خاصة أنني كنت أتوقع ذلك، وأخبرت مبارك الدوسري قبل المباراة بأنني سوف أسجل، وبالفعل سجلت هدف الانتصار الوحيد".
وكشف عن سر ابتعاده عن الإتفاق أنّه تعرض إلى إصابة بانزلاق غضروفي قبل انطلاق البطولة العربية في المغرب بنحو الأسبوعين، وكان طريح الفراش لمدة أسبوع، قبل تدخل مدير المستشفى التعليمي الذي أوصى بعلاجه، وهنا لا ينسى الدور الكبير الذي لعبه فيصل عبدالهادي حينما بدأت رحلته العلاجية هناك، أما بعد انتهاء هذه المرحلة فيقول"لا شيء، قررت بعدها التوقف عن مزاولة الكرة وابتعدت بشكل نهائي عن الرياضة".
أرسل تعليقك